Ahmed H. Sharif

آخر تحديث: 27/8/2010 الساعة 9.30 بتوقيت غرينتش

قد يكون إقدام شاب على طعن سائق سيّارة أجرة في مدينة نيويورك مجرّد جريمة، إلا أنَّ تزامن الحادثة مع الجدل الدائر حول خطة بناء مسجد ومركز ثقافي بالقرب من غراوند زيرو، أعطى الحادثة أبعادًا أخرى، وخصوصًا أنَّ المعتدي أميركيّ الجنسيَّة والمعتدى عليه مسلم الديانة.

نيويورك: قال روبرت تشيس مدير معهد quot;إنترسيكشنquot; الدولي إن مايكل إنرايت الذي قام بطعن سائق سيارة أجرة مسلم، كان يصور فيلما عن الجنود الأميركيين في أفغانستان، موضحا أن كل من يعرف مايكل إنرايت، طالب الفنون المرئية في منهاتن، أصيب بالدهشة التامة،quot; بعد أن اعتقل الشاب بتهمة طعن سائق لأنه ينتمي إلى الدين الإسلامي.

وقد عبر أصدقاء إنرايت الذي يدرس إنتاج الأفلام السينمائية عن دهشتهم بعد أن وصفوه بأنه شخص عمل على quot;بناء الجسور بين الثقافات والأديان.quot;

وأضاف تشيس أن إنرايت تطوع مع منظمة غير هادفة للربح، وسافر إلى أفغانستان في الربيع الماضي، كجزء من مشروع تخرجه لتصوير فيلم عن الجنود الأميركيين هناك، في إطار خطة المنظمة للترويج للسلام والحوار بين العقائد.

وتابع تشيس quot;الجميع هنا صعق بنبأ ما فعله إنرايت، بسبب طبيعة الجريمة نفسها، وبسبب معرفتنا الشخصية به.. إنه أمر محزن وفي منتهى المفارقة.quot;

وكان المتحدث باسم شرطة نيويورك مارك نيل قال إن السلطات وجهت لإنرايت، 21 عاما، أربع تهم بما في ذلك الشروع في القتل، واتهامات بارتكاب جرائم كراهية.
وكان مايكل بلومبرغ رئيس بلدية نيويوركومنظمات محليَّة قد استنكرواالاعتداء، بينمااعتقلت السلطات الأميركيَّة إنرايت الذي كان ثملاً عند مهاجمة السائق، واتّهمته بمحاولة القتل في جريمة كراهية.

وأعلن اتّحاد سائقي سيارات الأجرة في بيان توضيحي بعد الحادثة أنَّ مايكل إنرايت بدأ حديثًا وديّا مع سائق سيّارة الأجرة أحمد شريف الذي كان متجهًا إلى ساحة تايمز سكوير، وسأله عن ديانته وإن كان صائمًا في شهر رمضان.

أضاف البيان أنَّه quot;بعد بضع لحظات، بدأ الشاب بالصراخ والسباب. وصرخ السلام عليكمquot;، داعيا سائق السيارة الى quot;اعتبار هذه نقطة تفتيشquot;، وسحب سكينًا وطعنه به ما تسبّب بجرح عنق أحمد شريف. وحاول الأخير انتزاع السكين من إنرايت الذي استمر بالصراخ وجرح السائق في وجهه (من انفه الى شفته العليا) وذراعه ويده.

بلومبرغ: لا مكان للتمييز في مدينتنا
وأعلن بلومبرغ أنَّه التقى سائق سيّارة الاجرة الذي تعرّض للاعتداء وأكّد له أن quot;لا مكان للتمييز العرقي او الديني في مدينتناquot;. واعلن بلومبرغ ان أحمد شريف قبل دعوته للقائه في دار البلدية يوم الثلاثاء المقبل. واعتبر بلومبرغ الاعتداء quot;يناقض جميع ما تؤمن به نيويورك، بغض النظر عن الدين الذي نعتنقهquot;.

خطاب الكراهية يولّد جرائم كراهية
واستنكر quot;تكتل مدينة نيويورك لوقف الخوف من الاسلامquot; الاعتداء واصفا اياه بأنه quot;مثير للقلق الشديد في ظلّ أجواء الخوف من الإسلام التي يولدها رافضو مشروع المركز الاسلامي الثقافيquot;. كما حذر مجلس العلاقات الاسلامية الاميركية من الخطاب المشحون في المدينة، والناجم عن الجدل حول خطة بناء مسجد ومركز ثقافي قرب موقع اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001، معتبرًا أنَّه يخلق أجواء خطرة.

عضو اتحاد سائقي سيارات الاجرة في نيويورك

وقال مدير المجلس التنفيذي نهاد عوض quot;رأينا مع الاسف كيف يدفع تشويه السمعة المتعمد للاسلام ببعض الافراد الى ارتكاب اعمال عنف ضد الابرياءquot;. واضاف ان quot;خطاب الكراهية يؤدي الى جرائم كراهيةquot;.

شريف:الجو خطر جدًا الآن
وأعرب أحمد شريف في تصريحات نشرها اتحاد سائقي سيارات الاجرة عن حزنه الشديد. وقال شريف quot;أنا حزين جدًا... أعيش هنا منذ اكثر من 25 عاما وأعمل سائق سيارة اجرة منذ اكثر من 15 عاما واولادي الاربعة ولدوا هنا. لم اشعر قط باليأس وانعدام الامان كالذي اشعر به اليومquot;. ولفت شريف إلى أنَّ quot;
الجو العام خطر جدا الآن، وعلى السائقين جميعا توخي الحذرquot;.

ويقول معارضو مشروع بناء المركز الاسلامي الثقافي انه يشكل اهانة لذكرى ضحايا اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) 2001.

وفي هذا الاطار، تظاهر الاربعاء تجمع يضم عددا من عائلات ضحايا اعتداءات 11 ايلول (سبتمبر) للتعبير عن دعمهم لخطة بناء مسجد قرب موقع الاعتداءات جنوب مانهاتن. واحتشدت المجموعة التي تطلق على نفسها اسم quot;جيران نيويورك للقيم الاميركيةquot; على مسافة قريبة من quot;غراوند زيروquot; في موقع بناء المركز الاسلامي والجامع.

وقالت المجموعة في بيان quot;نرحب بصفتنا منظمات وجمعيات اهلية تمثل مئات الاف النيويوركيين، بالمركز الثقافي الاسلامي المقرر بناؤه جنوب مانهاتن كما نرحب بأي مركز مقرر بناؤه على جيران بنية طيبةquot;. وتضم المجموعة اتحاد العرب الاسلامي الاميركي واتحاد الحريات المدنية الاميركية ومشروع الحوار قسم الحزب الانساني في نيويورك ومركز شالوم بالاضافة الى وودستوك انترناشونال.

فايزة علي مديرة شؤون المجتمع بمجلس العلاقات الاسلامية الاميركية

ووافق المجلس البلدي في نيويورك في ايار (مايو) على بناء المسجد والمركز قرب موقع مركز التجارة العالمي السابق حيث دمر خاطفون من القاعدة برجين مودين بحياة قرابة ثلاثة الاف شخص، مثيرا بذلك جدلا واسعا في الولايات المتحدة. واتخذ الرئيس الاميركي موقفا لافتا حول هذه قضية مدافعا عن حرية المعتقد. وكشف استطلاع اجرته سي ان ان مؤخرا ان 68 في المئة من الاميركيين يعارضون هذا المشروع بينما يؤيده 29 في المئة.

وقالت دونا اوكونور المتحدثة باسم جمعية quot;عائلات 11 سبتمبر من أجل غد سلميquot;، والتي قتلت ابنتها الحامل في الاعتداء على مركز التجارة العالمي: quot;لم يكن العالم الاسلامي من هاجمنا... نحن نؤيد المركز الثقافي الاسلامي في مدينة نيويورك تأييدا كاملا مئة في المئةquot;.

وقال الحاخام آرثر واسكو مدير مركز quot;شالومquot;: quot;ليس فقط ان لمركز قرطبة حقاً دستورياً في بناء مركز ثقافي في مانهاتن، انه حق له، ومن الحكمة فعل ذلك، فعبر ذلك، يرفع اسم نيويورك كمنارة، وكذلك اميركا والعالم... منارة للإسلام الذي يبحث عن السلام وعن الحوار بين الأديانquot;.

وقالت فايزة علي مديرة شؤون المجتمع في مجلس العلاقات الاسلامية - الاميركية: quot;من مخاوفنا الرئيسة ايضا ان مسلمين استهدفوا في ذلك اليوم. أنا نيويوركية الولادة وأتذكر ذلك اليوم كأي انسان آخر. أن يعامل الاميركيون المسلمون كمواطني درجة ثانية هو امر مرفوضquot;.

وتحول الجدل الى موضوع للنقاش العام على المستوى الوطني قبيل انتخابات التجديد النصفي للكونغرس الاميركي فيتشرين الثاني (نوفمبر)، حيث يسعى الجمهوريون إلى انتزاع السيطرة على الكونغرس من الديمقراطيين.

كما ربط اتحاد سائقي سيّارات الأجرة بين الحادثة وخطّة بناء المسجد والمركز الثقافي، معلنًا انضمامه إلى المنظمات المدنية والاسلامية ومنظمات المهاجرين في صرختهم quot;لانهاء هذا التمييز والخطاب المعادي للاسلام في الجدل الحاصل حول المركز الاسلامي الثقافيquot;.