سبعة أعوام كاملة مرت قبل أيام على مجيء رغد الإبنة الكبرى للرئيس العراقي السابق صدام حسين، وعائلتها، وشقيقتها، الى الأردن، الذي إستضافهم لدواع إنسانية، إلا أن القاسم المشارك الأبرز لتلك السنوات هو إلتزامها المرصود بإتباع الشروط الأردنية الخاصة، لاستمرار ضيافتها، على وقع مخالفات طفيفة منها.

على الرغم من أن الرفض الأردني المتكرر لطلبات عراقية رسمية دائمة بتسليمها رغد الإبنة الكبرى للرئيس العراقي السابق صدام حسين، يشكل عائقا أمام تطوير العلاقات الأردنية العراقية، منذ سقوط النظام العراقي السابق عام 2003، إلا أن الحكومة الأردنية تتشدد هي بالمقابل في منح حرية أكبر لعائلة الرئيس العراقي السابق، من حرية التنقل والعيش بسلام وهدوء، فطبقا للتفاهمات الأردنية الرسمية مع رغد صدام حسين فإنه يحظر عليها أن تمارس أي أنشطة سياسية أو إعلامية إنطلاقا من الساحة الأردنية، على اعتبار أن رغد ndash; كما أفهمت أردنيا- ليست لاجئة سياسيا، وإنما قرر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني في الأسبوع الأول من شهر آب| أغسطس 2003، منحها وعائلتها صفة اللجوء الإنساني، وهو ما ظلت رغد تلتزم به، للحيلولة دون طلب أردني بالمغادرة.

وعلى مساحات متباعدة، يرصد الأردن الرسمي ما يمكن إعتباره مخالفات لرغد للإتفاق الشفوي معها، إذ يجري دوما مساءلتها، وسماع تبريراتها، لما بدر منها، أو مانقل عنها من أنشطة وتصريحات وتحركات، ترفضها عمان بشكل مطلق، إذ تقدم رغد بإستمرار في الحلقات الضيقة المغلقة تبريرات ناعمة، من طراز أن نشاطها أو تصريحها، أو حتى تحركها، لم يكن أكثر من مناسبة عائلية، وداخل منزلها في العاصمة الأردنية الذي تقطنه مع شقيقتها رنا صدام حسين، و الأبناء التسعة، إذ تتفهم عمان دوما تبريرات رغد، قبل أن تكرر السلطات الأردنية لازمتها الشهيرة في هذا الإطار، وهي أن لعمان مصالح حيوية في الإقليم، لا يمكن هدرها، أو خرقها بسبب نشاطات رغد، مهما كانت، ومن أي نوع.

وفي الأشهر الأخيرة كان يمكن رصد نوع آخر من إختراقات رغد، إلا أنها كانت تقدم طوعا للسلطات الأردنية ما مفاده أن ما يزعجها من صفحات تظهر على شبكة الإنترنتعلى موقع التواصل الإجتماعي الشهير (فايس بوك)وما يرد على لسانها ليس لها علاقة به، وأن هناك من يورطها بإستمرار، ويقحمها بإطلاق تلك المواقع والصفحات، للزج بإسمها في نشاطات سياسية وإعلامية، ربما لإيغار صدر السلطات الرسمية الأردنية، ضدها، والطلب منها مغادرة الأراضي الأردنية لمخالفتها شروط الضيافة الأردنية.

و لوحظ بكثرة في الآونة الأخير على مواقع في شبكة الإنترنت، مواقع منها ما هو إخباري، تنسب الى رغد صدام حسين، وتظهر من خلالها مواقف عدائية للغاية ضد رموز السلطة الجدد في العراق، منذ عام 2003، وهو العام الذي أطاحت به القوات العسكرية بنظام والدها البعثي، الذي أعتقل في العام ذاته، قبل أن يشنق في كانون الأول ديسمبر من العام 2006، إلا أن رغد برهنت للسلطات الأردنية أنها جنحت مرارا خلال الفترة الماضية، الى ترك مسافة بينها وبين أي مؤلف صدر عن هيئة الدفاع القانونية عن والدها، وسردوا خلالها مذكرات على لسان والدها، حتى لا يظهر أي رابط لها، بتلك المؤلفات، التي أثارت ردود فعل متباينة، وسط إتهامات لمؤلفيها، بالإفتقار الى المصداقية، والدقة.

وفي إطار سهراتها الرمضانية التي تقيمها للأقارب، والأصدقاء العراقيين في عمان، فإن رغد صدام ، لاتعتزم مغادرة الأردن، وأن السلطات الأردنية غالبا تتفهم إقحامها، في نشاطات لم تشارك بها أساسا، كما أنها ملتزمة بشروط وواجبات الضيافة الأردنية، وأنها لا تتصرف عكس ذلك على الإطلاق، وأنها ممتنة ومعها عائلتها، للرفض الأردني المتكرر، لطلبات الحكومة العراقية، محاولة إعتقالها، وإعادتها لبغداد، لمحاكمتها على نشاطات عسكرية مولتها رغد، وفقا لتقديرات أجهزة إستخبارات عراقية.

يشار الى أن السلطات الرسمية صمدت مطولا في وجه المطالبات العراقية، الى حد أفهمت معه عمان كبار المسؤولين العراقيين، أن على الأردن والعراق أن يختارا مسارا جديدا ومجديا للعلاقة السياسية والأمنية بينهما، بعيد كل البعد عن مسار تقديم عمان لرغد وعائلة صدام الإستضافة لدواعي إنسانية، وأن على بغداد أن تقدم للحكومة الأردنية إثباتات وأدلة قاطعة، لا تقبل الشك حول ضلوع رغد، في أي أنشطة معادية للحكومة العراقية، وعندها فإن عمان لن تتردد بتسليم رغد، أو أقله إبلاغها بضرورة مغادرة الأراضي الأردنية بأسرع وقت ممكن.