يطالب الجزائريون بضرورة إعادة إحياء منصب مفتي الجمهورية، ووضع حد لظاهرة quot;فوضى الافتاءquot;، اقتداء بالمملكة العربية السعودية التي قصرت الفتوى على هيئة كبار العلماء في المملكة، علما بأن الكثير من الفتاوى في الجزائر باتت تأتي من الخارج أو عبر مواقع الانترنت.موقع وزارة الشؤون الدينية الجزائرية على الانترنت
الجزائر: تعيش الساحة الدينية في الجزائر حالة من الفوضى في ما يتعلق بموضوع الفتاوى، وظهرت آراء وفتاوى دينية جديدة لم يعهدها الجزائريون من قبل، كما دبت الخلافات بين رجال الدين وبات من غير الممكن التوافق حول أبسط المسائل الدينية، وهو ما دفع للمطالبة بتنظيم ساحة الإفتاء وإنشاء دار للفتوى، وهي التي غابت عن الساحة الدينية الجزائرية منذ قرابة ثماني سنوات، وكان لمفتي الجمهورية فيها، سلطة الضبط في النزاعات والمستجدات الدينية، وتجسيد أحكام المرجعية الدينية للمذهب المالكي المعتمد في الجزائر.
دار الفتوى بانتظار مصادقة بوتفليقة
ويؤكد المستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية quot;عدة فلاحيquot; في لقاء مع quot;إيلافquot;، أنه من الصعب التحكم في وضع الافتاء بالصورة الراهنة، داعيا إلى ضرورة ترسيم الإفتاء والاقتداء بالسعودية التي أوكلت مؤخرا جميع الفتاوى المهمة إلى المجمع العلمي التابع للدولة، فيما تبقى المسائل الفقهية البسيطة للائمة مع التركيز على المصداقية كأهم مطلب لإنجاح الإفتاء الرسمي و كسب ثقة المواطنينالمستشار الإعلامي لوزير الشؤون الدينية quot;عدة فلاحي
و عن مشروع دار الإفتاء في الجزائر، أكد مستشار وزارة والناطق باسمها أن المشروع موجود على مستوى رئاسة الجمهورية، ينتظر موافقة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، مشيرا إلى أن الخلاف الحاصل بين الوزارة و المجلس الإسلامي الأعلى مجرد خلاف شرعي مثله مثل أي خلاف حاصل بين الوزارات و عدة مؤسسات في الدولة.
فتاوى عبر البيانات
وشهدت الجزائر مؤخرا توزيع بيانات و مطويات مجهولة المصدر خلال شهر رمضان في عدد من مساجد العاصمة الجزائرية، التي تعرف إقبالا كبيرا للمصلين، تحمل فتاوى تجيز للجزائريين تعاطي و منح الرشوة مقابل الحصول على امتيازات خاصة، و التي نسبت للداعية السعودي الشيخ سلمان العودة.
و هي الفتوى التي سبقتها فتوى خطية أخرى نسبت للشيخ ابن جبرين، أحد علماء المملكة العربية السعودية أجاز فيها دفع الرشوة في شكل عمولة مالية لحرس الحدود، مقابل تسهيل إدخال و إخراج السلع المباحة أو الضرورية عبر الحدود بين الدول المسلمة المتجاورة، بالإضافة إلى دعوة إسقاط حق الميت في الدعاء له خلال صلاة الجنازة من طرف مجموعة من السلفيين المتطرفين في ولايات وسط البلاد، إلى جانب الفتوى المثيرة للشيخ شمس الدين بوروبي الجزائري و المحرمة لاستهلاك اللحوم الهندية المستوردة في شهر رمضان لسد الطلب على هذه المادة، و التي لاقت تجاوبا من قبل اغلب الجزائريين، انطلاقا من جهل مصدرها الذي اعتمده المفتي كسبب لتحريم أكلها، و الذي أكد أن تحريمه هذه اللحوم ليس لكونها لحوما هندية و إنما لجهل مصدرها و طريقة ذبحها، قائلا في تصريح لإيلاف: quot;لقد أفتيت بتحريم اللحوم المجهولة المصدر بصفة عامة سواء كانت هندية أو برازيلية أو من أي بلد آخر، و هذا ما يتفق عليه جميع العلماء المسلمين كما أن على المسلم أن لا يأكل إلا ما تيقن انه حلالquot;.
اختلاط الأدوار
و يرى الداعية الجزائري الشيخ quot;شمس الدينquot; في لقاء مع quot;إيلافquot;، أن سبب فوضى الإفتاء في الجزائر يعود إلى اختلاط الأدوار، موضحا أن هناك مسائل لا يمكن أن يفتي فيها إلا أئمة المساجد لتلقيهم تكوينا ودروسا فقهية، كما أن هناك مسائل اكبر يستلزم فيها إفتاء كبار العلماء وفتاوى أخرى جماعية في قضايا كبرى لا يفصل فيها إلا بمراجعة الحاكم وجميع الجهات المعنية.
وأكد شمس الدين أن الجزائر كانت و منذ القدم متحدة فقهيا، عاملة بأحكام المرجعية المالكية، غير أن هذا الاتحاد فرقته quot;أيادي غزو التيار السلفي المتطرفquot;، قائلا quot;إن هناك أكثر من 300 طائفة تدعي الكتاب والسنة إلا أنها لم تتفق إلا على تضليل بعضها البعض، و تقسيم شباب الجزائر إلى عدة طوائف تكفيرية امتدت إلى التفجير، في إشارة إلى سنوات الإرهاب، ووجود فتاوى متطرفة سمحت باغتيال ما يفوق عن 200 ألف جزائري منهم 700 إمام ذبحوا ونساء اغتصبن ومصانع سرقت.الداعية الجزائري الشيخ quot;شمس الدينquot;
و هو ما أكد بشأنه الباحث الجزائري في الشريعة و الاقتصاد الإسلامي quot;عبد القادر جعفرquot;، داعيا إلى إشباع و تلبية متطلبات المواطن و توعيته و محاولة إخراجه من دائرة الفوضى، التي ستدفعه لا محالة إلى البحث عن أجوبة لقضاياه واستفساراته من دول أخرى و بالتالي السقوط في شبهات، وربما قد تقع هذه الشبهات موقع الفتاوى المعتمد بها لديه، في ظل غياب التوعية و نقص التكوين و الملتقيات و الندوات الفكرية التي ستعيد إحياء الثقة لدى المواطن، خاصة و أن في الجزائر مختصين و خريجي جامعات متمكنين في أحكام الشريعة، يمكن لهم بتظافر الجهود الوصول إلى سد ثغرة الإفتاء الفردي و مواجهة التزايد المستمر لمصادر العلوم التي تعتبر حسب الدكتور quot;عبد القادر جعفرquot; quot;مفتاح باب غزو الطوائف quot;
فوضى الإفتاء في الجزائر و إن اختلفت آراء المختصين بشأن مصدرها، اجتمعت على ضرورة التركيز على مبدأ الثقة الذي سيكون الحبل السري الذي سيربط بين المواطن والهيئة المفتية، مع اشتراط امتلاك هذه الهيئة لسلطة تضبط سلوكات المواطن في محيطه و حياته اليومية.
التعليقات