ستوكهولم: أسفرت نتائج الانتخابات السويدية عن سيناريو غير واضح المعالم الاثنين مع عدم حصول ائتلاف يمين الوسط على غالبية مطلقة في البرلمان واضطراره الى خوض مفاوضات مع اليسار لتفادي تحالف مع اليمين المتطرف الذي حقق اختراقا كبيرا.
ودليل على المازق الذي يواجهه، اشار رئيس الوزراء فريدريك راينفيلت الى ان لديه حتى الخامس من تشرين الاول/اكتوبر لاعلان حكومته وهي المهمة التي عقدها دخول حزب quot;ديموقراطيي السويدquot; اليميني المتطرف المناهض للهجرة الى البرلمان.
وقال راينفيلت الاثنين في مؤتمر صحافي quot;انوي استغلال الفترة القادمة في دراسة التعقيدات (السياسية) السويدية ومن المتوقع ان يكون هناك عرض واضح للحكومة في اول تشرين الاول/اكتوبر المقبلquot;. وكان رئيس الوزراء اكد من جديد اثر اعلان النتائج مساء الاحد انه لن يتفاوض ابدا مع ديموقراطي السويد ومد يده الى الخضر الاعضاء في ائتلاف اليسار الذي هزم الاحد.
وبحسب النتائج النهائية، فان الائتلاف الحكومي (يمين الوسط) لرئيس الوزراء فريدريك راينفيلت حصل على 49.3% من الاصوات وعلى 172 مقعدا من اصل 349 في مجلس النواب، اي اقل بثلاثة مقاعد من الغالبية المطلقة. وتقدم الائتلاف بذلك على كتلة اليسار بزعامة منى سهلين التي حصلت على 157 مقعدا و43.7% من الاصوات.
في المقابل، حقق اليمين المتطرف المتمثل بحزب quot;ديموقراطيي السويدquot; تقدما تاريخيا على الساحة السياسية السويدية بحصوله على 5.7% من الاصوات و20 مقعدا. وبات راينفيلت الذي كان يملك اغلبية من 178 مقعدا في المجلس السابق يصطدم باليمين المتطرف الذي اصبح بمقاعده العشرين يملك قدرة التعطيل او الفصل في البرلمان.
وقال quot;ليست هذه النتيجة التي كانت ارغب بها في هذه الانتخاباتquot;، مشيرا الى النتيجة التي حققها اليمين المتطرف وخسارة الغالبية في البرلمان. واضاف quot;لقد كنت واضحا، لن نتعاون او نكون رهنا لحزب ديموقراطيي السويدquot;.
واضاف انه يعتزم اذا دعت الحاجة اجراء محادثات مع quot;حزب الخضر لتحقيق دعم اوسع في البرلمانquot;. الا ان الحصول على دعم النواب الخضر ال25 يبدو صعبا حيث ان حملة انصار البيئة تركز كلها على التحالف مع الاشتراكيين الديموقراطيين وضد حكومة راينفيلت.
وقالت المسؤولة في حزب الخضر ماريا فيترستراند quot;سيكون من الصعب جدا بالنسبة لنا بعد هذه الحملة القول لناخبينا اننا سنتعاون مع هذه الحكومةquot;. واضافت quot;لم نتلق تفويضا من ناخبينا لاجراء مفاوضات مع التحالفquot; اليميني مؤكدة quot;لن نكون حزبا حليفا للحكومةquot;.
واذا لم يتوصل راينفيلت الى تكوين اغلبية فسيكون عليه وفقا للمراقبين خوض مغامرة تشكيل حكومة اقلية. لكن هناك ايضا احتمال في ان يضطر الى الدعوة لانتخابات جديدة كما قالت استاذة العلوم السياسية في جامعة ستوكهولم جيني ماديستام.
ومع الضربة التي تعرض لها يمين الوسط في هذه الانتخابات وخصوصا الاختراق الذي حققه اليمين المتطرف، تحدثت الصحافة السويدية الاثنين عن quot;نهاية حقبةquot;. وكتبت صحيفة +داغنز نيهيتر+ في افتتاحيتها quot;ولى الزمن الذي كان فيه حزب واحد يهيمن على السلطة ويستطيع اتخاذ القرارات في كل الشؤونquot;.
وهذه هي المرة الاولى منذ نحو قرن التي يتم فيها اعادة انتخاب حكومة يمينية في بلد هيمن فيه الاشتراكيون الديموقراطيون لفترة طويلة على الساحة السياسية. وهي المرة الاولى ايضا التي يدخل فيها اليمين المتطرف البرلمان بعدما اجتاز حزب quot;ديموقراطيي السويدquot; عتبة ال4% من الاصوات اللازمة.
وقد تعهد زعيم هذا الحزب اليميني المتطرف جيمي ايكسون (31 عاما) بعدم اثارة الفوضى بعد دخول حزبه الى البرلمان. وقال امام مؤيدين ومصورين quot;لن نثير المشاكل بل سنتحمل مسؤولياتنا. هذا هو وعدي لشعب السويدquot;. واضاف quot;اليوم كتبنا التاريخ السياسي، انه امر رائعquot; فيما كان مناصروه يرقصون ويغنون في الشارع.
وحزب quot;ديموقراطيي السويدquot; الذي يدعو الى وقف الهجرة الكثيفة الى السويد (اكثر من مئة الف شخص سنويا) تصاعدت شعبيته بانتظام لدى الناخبين السويديين. فخلال الانتخابات التشريعية العام 1998 لم ينل سوى 0.37% من الاصوات قبل ان يحصد 2.9% من الاصوات في انتخابات العام 2006. وبعد اربع سنوات ضاعف تقريبا نتيجته بحصوله على 5.7% من الاصوات.
وعبر المقاعد العشرين التي انتزعها في البرلمان، يبدو الحزب في وضع مثالي ليؤمن الغالبية المطلقة للائتلاف الحاكم رغم رفض راينفيلت التفاوض معه. واسفت الصحافة السويدية الاثنين لهذا الاختراق، وكتبت صحيفة quot;اكسبرسنquot; في افتتاحيتها ان quot;مساحة الاعتدال تراجعت والقوى الظلامية نجحت في احتجاز الديموقراطية السويدية رهينةquot;، داعية راينفيلت الى السعي فورا للحصول على دعم حزب الخضر.
واضافت الصحيفة quot;اذا كان الثمن الذي ينبغي دفعه هو منصب وزير البيئة وفرض ضرائب على البنزين فلا مجال للترددquot;. من جهتها، اقرت زعيمة ائتلاف المعارضة اليسارية منى سهلين (53 عاما) بالفشل امام مؤيديها الذين اخذ بعضهم في البكاء وقالت quot;لقد خسرنا. لم نتمكن من اعادة كسب الثقةquot;.
واضافت quot;يعود الان لفريدريك راينفيلت ان يحدد كيف ينوي قيادة السويد بدون اعطاء وزنا لديموقراطيي السويدquot;. ودعي سبعة ملايين ناخب الاحد الى صناديق الاقتراع لاختيار اعضاء مجلس النواب الذي يضم 349 عضوا لولاية من اربع سنوات.
التعليقات