رجح مصدر عراقي في حديث مع quot;إيلافquot; بقاء الأرشيف العراقي اليهودي في الولايات المتحدة الأميركية حفاظا عليه واستمرارا لعمليات الترميم والصيانة حيث كان وقت العثور عليه في حالة يرثى لها بسبب طريقة تخزينه قرب مياه الصرف الصحي، ونفى المصدر تهريب الارشيف لإسرائيل.الأرشيف اليهودي العراقي في وضع سيئ وبحاجة لأعمال ترميم
عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: أثار ظهور نسخة من لفائف التوراة مكتوبة على جلد ومحاطة بإطار فضي في إحدى القنوات التلفزيونية الاسرائيلية مؤخرا ضجة داخل وخارج العراق حول تهريب الاثار العراقية وخاصة الأرشيف اليهودي الذي تم نقله عام 2003 الى الولايات المتحدة الأميركية لغرض صيانته وترميمه من التلف.
ولتزيد الضجة وتتخذ مدى أوسع قالت القناة الاسرائيلية السابعة التي عرضت لفافة التوراة إنها وصلت لاسرائيل من العراق مهربة بواسطة دفع رشوة كبيرة وساهم فيها مسؤولون عراقيون وإنها تعرض الان في متحف أحفاد بابل (إشارة لليهود العراقيين الذين تركوا العراق بعد حوادث عام 1941 بعد نهب مقتنياتهم في ما بات يعرف بحوادث الفرهود). واستقر معظمهم لاحقا في اسرائيل. وبينت القناة الاسرائيلة أن نسخة التوراة مكتوبة في القرن الثامن عشر وبغطاء من الفضة الخالصة مرصعة بأنواع من الخرز والزجاج، عليه أيضا قطع من الألواح التوراتية إضافة إلى شمعدان له سبع فوهات ونقش عليه صورة للهيكل.
وزارة السياحة والآثار العراقية أخذت المبادرة للعمل على استعادة الأرشيف اليهودي العراقي الموجود حتى اليوم في أميركا حيث يعتقد عدد كبير من العراقيين أن قطعا كثيرة منه تهرب لاسرائيل وان ما عرضته القناة التلفزيونية السابعة في اسرائيل قد يكون من محتويات هذا الأرشيف ولم يصل من العراق لاسرائيل بل من أميركا.
فقد صرح وزير السياحة والآثار بأن وزارته لم تعثر على وثائق رسمية تؤكد أو تنفي المعلومات التي تناقلتها وسائل الاعلام بشأن تهريب نسخ من التوراة إلى إسرائيل، مستدركا بالقول ان وزارة السياحة والآثار بادرت إلى تفعيل التحقيق للتأكد من صحة المعلومات وبالتالي إعادة هذه النسخ إلى موطنها العراق. مرجحا بأن الوزارة ستستعين بطرف ثالث للتحاور مع إسرائيل لعدم وجود علاقات دبلوماسية مباشرة بين العراق وإسرائيل للتحقق من المعلومات.
لكن وزارة السياحة والاثار عادت بخفي حنين من زيارة قام بها وفد رفيع منها ومن وزارة الثقافة للولايات المتحدة الأميركية لاستعادة الأرشيف اليهودي العراقي ووثائق حزب البعث حيث تجري صيانتها في معهد هوفر العريق التابع لجامعة ستانفورد. و كانت مؤسسة الذاكرة العراقية تحتفظ بوثائق حزب البعث اذ نقلتها لمعهد هوفر لغرض الصيانة.
إيلاف اتصلت بمصطفى الكاظمي مدير مشروع التأريخ الشفهي المصور في مؤسسة الذاكرة العراقية التي كانت نقلت وثائق حزب البعث لمعهد هوفر بعد سقوط نظام صدام حسين عام 2003 لغرض الترميم والصيانة واعادته مطلع العام الحالي للعراق. فقال الكاظمي إن أي مادة خاصة بالملف اليهودي هي غير موجودة ضمن ما موجود في عهدة مؤسسة الذاكرة. مضيفاً أن هذا الارشيف تم نقله من دائرة المخابرات العراقية للنظام البائد في منطقة المنصور بعد سقوط نظام صدام حسين، حسب ما اعلن في حينها في وسائل الاعلام، وان هذا الارشيف كان في حالة تحتاج إلى عملية صيانة وترميم وهو في عهدة الحكومة الاميركية، ولا دخل لمؤسسة العراقية بهذا الموضوع. مشيراً الى اهمية إعادة الارشيف الى العراق في الوقت المناسب.يؤكد مصدرعراقي أن الأرشيف موجود في أميركا
المشكلة التي برزت أن الارشيف اليهودي العراقي حين تم نقله عام 2003 بعد أن عثرت عليه القوات الأميركية في قبو تحت بناء مقر المخابرات العراقية في منطقة المنصور في كرخ بغداد لم يجر الاتفاق بشأنه مع أي جهة أو طرف عراقي رسمي لخضوع العراق وقتئذ تحت سلطة الائتلاف الموقتة برئاسة بول بريمر. وفق ما صرح به لإيلاف مصدر قريب من مفاوضات استعادة الارشيف اليهودي العراقي، مرجحا بقاء الارشيف في أميركا حفاظا عليه واستمرارا لعمليات الترميم والصيانة حيث كان وقت العثور عليه في حالة يرثى لها بسبب طريقة خزنه قرب مياه الصرف الصحي أسفل بناء رئاسة المخابرات العراقية.
ونفى المصدر العراقي في حديثه الهاتفي مع إيلاف تهريب نسخ منه لاسرائيل، مرجحا تصاعد التصريحات بين المسؤولين العراقيين حول هذا الأرشيف التي غايتها سياسية في المقام الأول وأن زيارات بعضهم للولايات المتحدة الأميركية لاستعادة الارشيف اليهودي الخاضع للصيانة الآن كانت في معظمها للاستجمام ولم يتطرق كثير منهم إلى استعادة الارشيف فقط بعد عودتهم للعراق وعبر وسائل الإعلام العراقية والعربية. لأن لا اتفاق حصل مع أي جهة عراقية ليجري التفاوض أو التنسيق معها لإعادة الارشيف للعراق، مرجحاً أن يخضع الأمر لمفاوضات على مستوى عال بين العراق والولايات المتحدة الأميركية بعد تشكيل الحكومة العراقية.
من جهته قال وكيل وزير الثقافة العراقية طاهر الحمود في تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية إن المسؤولين الأميركيين لم يبدوا الحماسة المطلوبة وإن وزارته طالبتهم بأن quot;يبعثوا رسالة إلى وزارتنا تؤكد حق العراق في استخدام وثائقه لكنها لم تصل حتى الآنquot;.
وقال إن الأميركيين لم يلتزموا باتفاق سابق على إعادة نصف الأرشيف اليهودي قبل نهاية العام الحالي على أن يبقى النصف الآخر هناك ليقام معرض مشترك في واشنطن وبغداد.
وطالب الحمود الولايات المتحدة بالتعويض عن المفقودات والاستجابة لما تم الاتفاق عليه مشيرا إلى أنه في حال وافق الأميركيون على ذلك سيقدم العراقيون شروطا جديدة تتضمن quot;وضع آلية محددة واضحة ضمن سقف زمنيquot;.
وكان يهود عراقيون داخل وخارج اسرائيل طالبوا باستعادة الارشيف اليهودي العراقي لأنه خاص بهم وقد طرد العراق اليهود من أراضيه وما يحويه الارشيف خاص باليهود حصرا لانه يحوي نسخا قديمة من التوراة والادعية والرسائل والمكاتبات بالعبرية والانكليزية. وهو ما يرفضه معظم المسؤولون العراقيون معتبرين أنه إرث وطني عراقي.
وكانت المديرة العامة للمتاحف العراقية اميرة عيدان قالت إن اليهود عاشوا في حقبة ليست قديمة كثيراً في العراق وانتشروا في العديد من المحافظات ولا يزال تراثهم لحد الان في كل مكان مشيرةً الى ان في كل بيت يهودي كانوا يتوارثون نسخا نادرة من التوراة بما يعرف بالملفوفات وهي عبارة عن رقائق ملفوفة من الجلد تحفظ بقطع خشبية لها خصوصية وارتباط كبير جدا بالتراث العبري كونها تحمل تدويناً من جزء من اسفار التوراة وبعض الادعية والصلوات على رقائق من الجلد وتوجد في معابدهم وحتى في بيوتهم وخاصة في محافظتي الموصل والبصرة لاعتزازهم بها مثلما يعتز المسلمون بالاحتفاظ بنسخ قديمة من القران الكريم وهي النوع نفسه الذي تم تهريبه الى اسرائيل.
وأضافت خلال حديث لوكالة الاخبارية المحلية quot;على الدوام هنالك اشخاص يطرقون باب المتحف العراقي لبيع مثل هذه اللفائفquot; مؤكدة أن quot;النسخة التي تم تهريبها ليست نادرة ويمكن ان تجدها في أي مكان مطمئنة المسؤولين والمواطنين بأن هذه النسخة لم تخرج اطلاقاً من المتحف العراقيquot;.
وبينت ان المديرية تبحث الان بالتعاون مع وزارة الداخلية وبقية الجهات المعنية كيفية تهريب مثل هذه النسخة الى خارج العراق ولم تستبعد ان يكون بعض الاشخاص الموجودين في العراق يمتلكون هذه النسخة والنسخ الاخرى بشكل فردي لان العوائل اليهودية التي هجرت من العراق تركت بعض الامانات والودائع لدى بعض الاشخاص القريبين إليهم والذين لايزالون في العراق. وعن تهريبها حصراً الى اسرائيل اوضحت عيدان ان المواطنين الاسرائيليين يشترون كل ما يتعلق بتاريخهم وتراثهم وخصوصاً الديني منه بمئات الدولارات للحصول على ما يصفونه بالنفائس بالنسبة لهم.
يذكر أن يهود العراق سكنوا وعاشوا في العراق منذ القدم و هُجّر أغلبهم من قبل السلطات العراقية عام 1948، وفيما بعد تم الاستيلاء على أملاكهم وأموالهم وأسقطت عنهم الجنسية العراقية وكانوا يشكلون 2.6% من مجموع سكان العراق عام 1947م وانخفضت إلى 0.1% من سكان العراق عام 1951م.. وسكنوا في وسط وجنوب وشمال العراق خاصة بغداد وميسان والبصرة والموصل. اضافة إلى العديد من المدن الأخرى مثل السليمانية والحلة والناصرية والعمارة والديوانية والعزير والكفل وأربيل وتكريت وحتى النجف التي احتوت على حي لليهود سمي بعقد اليهود (عكد اليهود) وغيرها من المدن. وكان أول وزير مالية في الحكومة العراقية عام 1921 يهودياً ويدعى حسقيل ساسون. ومن اليهود المنحدرين من أصل عراقي في اسرائيل اليوم عوفاديا يوسف حاخام اليهود الشرقيين في إسرائيل والزعيم الروحي لحزب شاس لليهود الارثودكس، وهو من مواليد 1920 في البصرة جنوب العراق. وبنيامين بن إليعازر وزير الدفاع الإسرائيلي الاسبق. كذلك عرف منهم مير بصري الذي كان مشهورا في علوم الاقتصاد وألف كتبا عديدة منها كتاب مباحث في الاقتصاد والمجتمع العراقي وعاش في لندن. لكن لم يتبق اليوم من اليهود في العراق سوى نحو عشرين شخصاً من كبار السن.
التعليقات