مع استجلاب أكثر من مليون 200 ألف مهاجر جديد مطلع تسعينيات القرن المنصرم إلى اسرائيل من يهود الاتحاد السوفييتي السابق، بدأت تطفو على السطح مجددا تعريف من هو quot;اليهوديquot;. وخصوصا في ظل quot;حسمquot; المهاجرين الجدد ذوو الميول العلمانية الكفة لصالح غير المتدينين في دولة اسرائيل.


يشكل القادمون الجدد اليهود من رابطة الشعوب المستقلة نحو 19 بالمائة من سكان اسرائيل، فيما تشير الإحصائيات والتقارير الإسرائيلية أن هناك ما يقارب 300 ألف قادم جديد ليسوا يهودا، وقد بدأت تطفوا هذه المسالة على السطح في العقد الأخير من القرن الماضي فيما يعرف بتعريف من هو اليهودي وفق الشريعة اليهودية quot;الهالاخاهquot;، والتي تتناقض مع قانون العودة للعام 1951 والذي ينص على عودة كل من له صله قربى من يهودي لثلاثة أجيال على الأقل، وانه بمقدوره أن يتحول إلى مواطن اسرائيلي، فيما تعتبر الشريعة اليهودية أن اليهودي يتبع لوالداته.

فالتعريف الإسرائيلي لمصطلح (اليهودي)، هو أن دولة اسرائيل هي ملك لليهود، بصرف النظر عن المكان الذي يعيشون فيه، وتعود إليهم وحدهم. وبحسب القانون الإسرائيلي، يعتبر الشخص يهوديا، إذا كانت والدته أو جدته، أو جدته لأمه، أو جدته لجدته: يهودية في ديانتها، أو إذا اعتنق الشخص الديانة اليهودية بطريقة ترضي السلطات الإسرائيلية، ولكن بشرط ألا يكون هذا الشخص قد تحول في وقت من الأوقات عن اليهودية واعتنق ديانة أخرى.

الانقسام الديني بين اليهود الشرقيين quot;السفاراديمquot; والغربيين quot;الاشكنازيم، نابع من أن الطائفيتين لهما حاخام اكبر ومؤسساتها الدينية الخاصة بها، وقد ترسخ في اسرائيل هذا الانقسام عند الطائفتين فلكل طائفة أفرادها، وجمعياتها الدينية، وميزانياتها، ومبراتها الخيرية.

ووصل الأمر بالبروفيسور يهشوع لابيوفيتش أن يقول أن في اسرائيل شعبين يهوديين يعشيان في دولة واحدة، لكن لا يزوج الأخر من غير طائفته. حيث يتكون المجتمع الإسرائيلي اليهودي من يهود متدينين وغير متدين، يختلفون في مدى تدينهم. فمنهم الأرثوذكس المتطرفون ومنهم من يعتبرون أنفسهم علمانيين، وبالمجمل العام ممكن اعتبار أن غالبية المجتمع الإسرائيلي هو مجتمع علماني غير متدين.

نحو 37 بالمائة من القادمين الروس غير يهود
في السنوات الأخيرة عادت قضية تعريف من هو يهودي تأخذ حيزا واسعا في الحياة الإسرائيلية، إذ يتبين من إحصاءات قامت بها مؤسسات إسرائيلية أن هناك ما نسبته 33-37 بالمائة من مجموع القادمين الجدد من دول الاتحاد السوفييتي السابق ليسوا يهودا، وهم من أتباع ديانات أخرى. ما يتناقض مع مساعي الوكالة اليهودية المسؤولة عن استقدام اليهود، المحافظة على الوضع الديمغرافي وحل هذه المعضلة، حيث تقض مضاجع المؤسسة الحاكمة في تل-أبيب، وفقدان الأغلبية اليهودية في دولة اليهود. حيث أن الزيادة الطبيعة لدى الفلسطينيين بشكل عام وفلسطيني الـ48 بشكل خاص اكبر منها لدى اليهود.


تشدد الحاخامية يؤثر سلبا على الحياة الاجتماعية
إحكام قبضة الحاخامية على إتباع نظام متشدد يؤثر سلبا على الحياة الاجتماعية في اسرائيل، إذ يمنع quot;غير اليهودquot; من المهاجرين الروس ، إذ توجد هناك مجموعات من القادمين الجدد تطالب بإقامة مقابر غير يهودية وحتى سن قانون للزواج المدني.

فالمهاجرون الروس الجدد يرون أن إسرائيل هي خليط من عدة قوميات، وقبل إقامة الدولة كانوا يعيشون في أوساط ثقافية مختلفة ويتحدثون لغات البلدان التي قدموا منها، حتى أن هناك بين المهاجرين الروس من يعبرون عن ندمهم من القدوم إلى إسرائيل، والتي لم يجدوا فيها quot;ارض السمن والعسلquot;، كما تروج لها الوكالة اليهودية.

ليبرمان يقود حملة لاحتكار الحريديم على المحاكم الحاخامية
حزب quot;يسرائيل بيتينوquot; بزعامة وزير الخارجية الإسرائيلي افيغدور (اييفت) ليبرمان وخلال حملته الانتخابي وضع قضية احتكار الحريديم على المحاكم الحاخامية كأحد المبادئ التي سيقوم بإيجاد حل لها، حيث كاد طرح مشروع قانون تنظيم عملية اعتناق الديانة اليهودية في إطار الخدمة العسكرية، والذي يقضي بالاعتراف بشهادات اعتناق اليهودية التي تصدرها الحاخامية العسكرية من قبل مؤسسات الدولة، والذي تقدم به رئيس لجنة الدستور والقضاء التابعة للكنيست دافيد روتم ازمة ائتلافية بين أقطاب الحكومة الإسرائيلية. وتحديدا بين حركة quot;شاسquot; وحزب quot;يسرائيل بيتينوquot;. وصل حد تهديد quot;شاسquot; الانسحاب من الحكومة.

وقال وزير الخارجية الإسرائيلي ورئيس حزب quot;إسرائيل بيتناquot; افغيدور ليبرمان: إن quot;كتلة حزبه قررت عرض القانون للتصويت عليه بصيغته الحالية، إذ أن كل ما يحصل بجيش الإسرائيلي هو صدق، وانه يترتب الاعتراف بكل من يعتنق اليهودية فيه، وتعهد ليبرمان بأن لا يؤدي إقرار القانون إلى شرخ في الائتلاف الحكومي، مشيرًا إلى أن حكومة نتانياهو ستستمر حتى عام 2013.

اتينجر: المتدينين يرون بقانون تنظيم اعتناق الديانة اليهودية العسكري مسا بسلطة الحاخامية
ويقول يائير اتينجر- معلق الشؤون الحريدية في quot;هآرتسquot; لـquot;إيلافquot;: في السنوات الماضية تشهد اسرائيل خلافات كثيرة بين المتدينين والعلمانيين، وابزرها قانون اعتناق الديانة اليهودية في إطار الخدمة العسكرية والمتعلق في اعتراف مؤسسة الحاخامية الكبرى بعملية التهويد في الجيش.

ويضيف :quot;ففي اسرائيل يوجد أكثر من 300 ألف شخص هم إسرائيليون بالمعنى ولكنهم ليسوا يهود بمفهوم الشريعة اليهودية quot;الهالاخاهquot; حيث يدور نقاش حول تعريف من هو اليهودي، غالبية هؤلاء هم من القادمين الجدد الذين قدموا من الاتحاد السوفيتي السابق والمهاجرين الروس، وهم يتصرفون كيهود في كل ما يتعلق بحياتهم اليومية وغيرها، ولكنهم ليسوا يهود بنظر الحاخامية الإسرائيلية، ولا يمكنهم الزواج والارتباط أو إجراء مراسم دفن حسب الشريعة اليهودية .

ويوضح اتينجر :quot; منذ عدة سنوات تقدم الآلاف من الأشخاص بطلبات لاستصدار شهادات اعتناق الديانة اليهودية والانضمام إلى الشعب اليهودي، وثمة صراع قائم بينهم وبين الحاخامية التي لا تعترف بشهادة اعتناق الديانة اليهودية التي يحصلون عليها من الجيش، بكلمات أخرى يقولون لهم أن يهوديتهم غير كافية.
وأنهم يهود ليسوا جديين، وفي المجتمع الإسرائيلي هناك حريديم وهناك العلمانيين، والحريديم يقولون انه على الحاصلين على شهادة اعتناق اليهودية العسكري وطالبي الانضمام للشعب اليهودي أن يقوم بأشياء إضافية.
ويضيف اتينجر: مؤخرا بدا نقاش جدي ومرير حول موضوع اعتناق الديانة اليهودية العسكري، بين الحاخامية الرئيسية ومؤيدو مشروع قانون اعتناق الديانة اليهودية التي تصدرها الحاخامية العسكرية.

والخلاف الأساسي بين الحاخامية الرئيسية وطالبي اعتناق الديانة اليهودية الذين يحصلون على شهادات من الحاخامية العسكرية هو وجوب تعمقهم أكثر وأكثر في الأمور الدينية حتى يحصلون على شهادة اعتناق اليهودية. فالحاصلين على شهادة اعتناق اليهودية من قبل الحاخامية العسكرية الإسرائيلي حين يتوجهون للحياة المدنية يصطدمون بأنهم ليسوا يهود وفق الشريعة اليهودية quot;الهالاخاهquot;، وذلك على الرغم من كون الحاخامية العسكرية والحاخامية الرئيسية هما مؤسستان تابعتان للدولة.

فمثلا الأشخاص الذين حصلوا على شهادة اعتناق الديانة اليهودية في الجيش لا يستطيعون الزواج وفق الشريعة اليهودية، وفقط اليهود هم الذين يستطيعون الزواج وفق الديانة والشريعة اليهودية quot;الهالاخاهquot;. ويشير اتينجر أن مقدم اقتراح القانون النائب دافيد روتم وهو يهودي أرثوذكسي يمثل حزب quot;اسرائيل بيتناquot; وهو الحزب الذي يمثل الشريحة الأكبر من هؤلاء الأشخاص. ويدعو اقتراح القانون الذي تقدم به روتم إلى عدم تدخل الحاخامية الرئيسية وان لا يكون لها أي دور في الموضوع، وانه لا يمكنها رفض هذا الأمر. وهو وفق نظر الحاخامية ورجال الدين والأحزاب المتدينة يسعى إلى إضعاف دورها في تعريف من هو اليهودي.

ويعارض الحاخامات القانون كونه يضعف مكانة الحاخامية، ولهذا السبب تقود الأحزاب الدينية حربا ضد اقتراح القانون المذكور.