لاتزال ام فارس (84 عاماً) تحلم بيوم لقاء ابنها المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية.


لم تراوح أم فارس 84 عاماً من قطاع غزة مقعدها بعد أن غادر وفد التضامن قافلة quot;آسيا 1quot; المكان خلال زيارة داعمة لقضية الأسرى على هامش زيارة القافلة إلى غزة، فيما جلست وحدها، تبكي حسرةً على فارس المحكوم عليه بالسجن مدى الحياة في السجون الإسرائيلية، والذي لم تتمكن من زيارته منذ عشرة أعوام. تكفكف دموعها المنحدرتين من عينيها الضريرتين، تحمل صورة فارس المكبّرة بيدها الأخرى، بينما تحمل حسرةً جديدة في قلبها سببها خيبة أمل أن يساعدها أحد في رؤية ولدها، خيبة كانت تتوقعها مسبقاً من كل الوفود التي زارت وتزور غزة، حيث عبّرت أم فارس عن ذلك بتلقائية غريبة:quot; جاءت وفود كثيرة قبل ذلك ولم تُعد لي ولدي فارس، ذهب بصري وأنا انتظر فارس، أتمنى لو أراه قبل موتي ولو مرة واحدةquot;.

إرادة وتحدّي

لكنّ أم فارس الثمانينية رغم مرضها بالتهاب الغدد وفقدها لبصرها وضعف جسدها إلا أنها لا تفوّت أيّ فرصة للمطالبة بحل قضية أسر ولدها، بل تنتظر يوم الاعتصام الأسبوعي يوم اثنين من كل أسبوع أمام منظمة الصليب الأحمر بفارغ الصبر، وتقول بنبرة ممتلئة بقوة ما بعدها قوة :quot; لا أفوّت أي دعوة للاعتصام، يوم الاثنين بالذات أستيقظ مبكراً كي أتمكن من الجلوس في أول المقاعد، أحمل صورة فارس الكبيرة التي أرسلها لي كهدية في عيد الفطر الماضي quot;وتابعت حديثها بنبرة فخر واضحة وكأنّها وجدت تعزية في مصيبتها :quot; كل من في الصليب الاحمر يحترمونني، المدير نفسه يأتي ويصافحني، وأسمع الكثيرين يرددون اسمي، والكثير من الصحافيين يأتون لمحادثتي ويسألونني وأخبرهم عن شوقي لفارس، وانّه سيخرج قريباً هو وكل الأسرى quot;.

أحلام بسيطة وذكريات مؤلمة

لا تنسى أم فارس زيارة الاحتفالات والمهرجانات، حيث تم دعوتها مؤخراً لحفل تكريم أهالي الأسرى، تقول أم فارس بنبرة صوت حازمة لرجل سياسة محنّك:quot; أقل شيْ نفعله لأولادنا أن نطالب بحقهم وأن نقول بلساننا مايودّون قوله، وعندما يخرج فارس من سجنه سيعرف أنّ والدته قامت بدورها ولم تنس ماعليها quot;، وأنها ستحاول إعادة بناء البيت الذي هدمته إسرائيل. وتستذكر هنا أم فارس بيتها قبل أن يتهدّم، وتسافر عيناها بعيداً قبل ان تقول: quot; بيتي كان جميلا جداً، زرعت أشجار الزيتون والرمان والتين والورد بيدي، ما أجمله !، مازلت أبكي عليه حتى الآن !quot;. وأخذت تغرق في التذكر في ما تشير بيدها، وتقول: quot;هكذا كان حجم حبات الرمان كانت كبيرة جداً، كل الصحافيين الذين كانوا يأتون إلى بيتي قطفوا من شجرة الرمان، والجيران أيضاً وكل من دخل بيتي quot;، وتنهدت تنهدة عميقة قطعتها بخيالات أمنية فقالت :quot; أتمنى فقط لو أبني بيتي من جديد ويهنأ بالي، وأصعد السلالم وأغلق بيتي حينما أشاء، وأرى ابني ولو مرة واحدة، أريد أن أزرع شجر الرمان والورد من جديد في بيتي، وأنام ليلة واحدة بدون تعب quot;، حيث تقيم حالياً أم فارس لدى قريب لها حتى تتمكن من بناء بيتها.

لم يعد يوجد لدى ام فارس سوى الرجاء والأمل، الذي يجعلها تعود من جديد تكنس بيدها المرتجفة مساحة الأرض المقابلة لبيتها الذي دمرته الحرب الأخيرة، تراقب لعلّ مندوب ما من الصليب الأحمر يأتيها في لحظة ما بخبر إمكانية زيارتها لولدها أو أنّ عملية تبادل الأسرى ستفتح أبواب السجن على مصراعيها لولدها فتراه ويطمئن قلبها برؤيته!

يذكر أنّ تعداد الأسرى الأمنيين في السجون الإسرائيلية هو 7350 من بينهم 458 أسيرا من القدس وداخل منطقة الخط الأخضر، 6128 أسيرا من الضفة الغربية و768 أسيرا من قطاع غزة.

كما يوجد من بين الأسرى33 أسيرة وقرابة 300 طفل و296 معتقلاً إدارياً و17 نائباً بالإضافة إلى وزيرين سابقين وعدد من القيادات السياسية.

الصليب الاحمر يتأمّل انفراجة قريبة

بدورها، أفادت المسؤولة الإعلامية للصليب الأحمر أروى مهنّا لـquot;إيلافquot; أنّ المداخلات التي يقوم بها الصليب الأحمر مع الجانب الإسرائيلي ما زالت مستمرة على كل المستويات لإعادة برنامج الزيارات العائلية للأسرى، وأن الصليب الأحمر يقوم بكل ما بوسعه لمحاول مساعدة أولئك الأهاليquot;.

وأضافت : هناك جهود سرية حثيثة والموضوع مطروح ويخضع للمتابعة الدورية بلا توقف،منا املت مهنّا أن يحصل انفراجة في هذا الموضوع قريباً .