تحوّلت المرأة في مصر إلى سبب من أسباب الفتنة الطائفية بين المسلمين والأقباط، لمجرّد زواجها من غير دينها. ويرى محللون أن حوالى 75% من المشاحنات الطائفية التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين خلال الأعوام الستة الماضية، كانت المرأة عاملاً أساسياً فيها.
القاهرة: ينظر بعض رجال الدين المغالين إلى المرأة باعتبارها فتنة جنسية، ولذلك يجب أن تغطى من أخمص قدميها إلى شعر رأسها، لكن المرأة في مصر تحولت أيضاً إلى أحد أخطر وأكثر أسباب الفتنة الطائفية انتشاراً.
ويرى محللون أن حوالى 75% من المشاحنات الطائفية التي وقعت بين المسلمين والمسيحيين خلال الأعوام الستة الماضية، كانت المرأة عاملاً أساسياً فيها، بسبب تحولها دينياً. حيث اعتنقت بعض الفتيات الإسلام، بعد وقوعهن في غرام شباب مسلمين، لكن النتيجة تكون تجمهر المسيحيين مؤكدين أنها تعرضت للإختطاف، وأجبرت على اعتناق الإسلام، فتقع الإشتباكات بين الجانبين. وتضطر الأجهزة الأمنية إلى تسليم الفتاة إلى الكنيسة، وهنا تخرج تظاهرات المسلمين، مطالبة بإطلاق سراح هؤلاء الفتيات، باعتبارهن quot;مسلمات أسيرات في الأديرة والكنائسquot;. وجاءت التهديدات التي أطلقها تنظيم القاعدة في العراق، لتسكب المزيد من الزيت على نار الفتنة في مصر.
ظاهرة منتشرة
كاميليا |
تعتبر أشهر النساء اللاتي تحولن إلى وقود للفتنة الطائفية وفاء قسطنطين زوجة كاهن أبو المطامير في محافظة البحيرة، التي أعلنت إسلامها في العام 2004، ثم خرجت تظاهرات ضخمة للأقباط، مؤكدة أنها تعرضت للإختطاف. وردتها الأجهزة الأمنية إلى الكنيسة ثم إختفت تماماً، فخرجت تظاهرات مسلمة تؤكد أنها تعرضت للتعذيب والقتل بعد تسليمها للكنيسة.
كما تسببت كاميليا شحاتة زوجة كاهن كنسية دير مواس في محافظة المنيا في الصعيد، في إشعال التظاهرات لعدة أيام، بعد أن اختفت فجأة، وقيل إنها اختطفت، وأجبرت على اعتناق الإسلام. لكن سرعان ما وجدتها القوات الأمنية وسلمتها إلى الكنيسة، ثم إختفت أيضاً. وتكرر باقي السيناريو، حيث خرجت تظاهرات للمسلمين، تقول إنها صارت مسلمة، وأجبرت على العودة للمسيحية، ثم قتلتها الكنيسة.
إختفاء مسيحيات
وفقاً لتقرير صادر حديثاً عن المركز المصري للدفاع عن حقوق المرأة، شهد العام 2010 إختفاء عدد كبير من الفتيات المسيحيات، ما تسبب بإندلاع العديد من التظاهرات للمسيحيين، والتظاهرات المضادة للمسلمين. فقد شهدت مدينة إسنا في محافظة قنا حالة من الإحتقان الطائفي على خلفية إختفاء فتاة قبطية، وانطلاق شائعات بإعلان إسلامها وزواجها من شاب مسلم.
كما سيطرت حالة من الإحتقان الطائفي على مدينة الأقصر بسبب إختفاء فتاتين مسيحيتين هما كاترين عماد فوزي (17 سنة) وماريان جرجس (19 سنة).
وخرجت تظاهرات مشابهة في الإسماعيلية، بسبب اختفاء فتاة قبطية تدعى ماريان زكي متى، ثم ما لبثت أن ظهرت بعد غيابها عن منزلها لمدة أسبوع، في شريط فيديو معلنة إسلامها، وأنها تستعد للزواج من شاب مسلم، الأمر الذي حض الأقباط على التظاهر والمطالبة بإعادتها، بينما تلقت أسرتها العزاء فيها على اعتبار أنها توفيت.
كما تجمهر عشرات الأقباط في الإسماعيلية، بعد تردد أنباء عن اختفاء فتاة قبطية أخرى تدعى نسمة مجدي (22 سنة)، بعد أن أعلنت إسلامها على يد زميلتها المسلمة. وأعلنت نسمة في شريط فيديو مصور إعتناقها الإسلام برغبتها من دون ضغط من أحد، ونفت تعرضها للخطف.
وتظاهر الأقباط في المنيا والقاهرة أمام الكاتدرائية، إحتجاجاً على اختفاء فتاة مسيحية تدعى مادلين عصام (17 سنة). وكانت الفتاة تقيم في قرية التوفيقية في مركز سمالوط، ثم تبين أن الفتاة إختفت بعد مشاجرة مع أسرتها.
وحرر المواطن القبطي ماجد ميخائيل المقيم في مدينة العاشر من رمضان محضراً في قسم الشرطة، يفيد باختفاء زوجته نجوى إبراهيم وأبنائه الثلاثة. وأثبتت الشرطة أنها كانت غاضبة وتتواجد لدى أسرتها في مدينة طنطا في وسط الدلتا، بسبب خلافات زوجية.
النساء وقود الفتنة!
ينتقد التقرير الذي حمل عنوان quot;إستخدام النساء كوقود للفتنةquot;، ظاهرة إختفاء النساء، معتبراً أنها تدخل في نطاق جريمة الإختفاء القسري. وهاجم الكنيسة بسبب ما وصفه بـquot;الإختفاء القسري للسيدات والقيد على حرية العقيدة لهنquot;. كما انتقد التظاهرات التي تخرج من الجانبين المسلم والمسيحي على خلفية إختفاء النساء، معتبراً أنها إستغلال سيئ للنساء في السياسة والطائفية.
ويقول الدكتور مجدي بسادة الباحث في الشأن القبطي لـquot;إيلافquot; إن quot;ظاهرة إعتناق المسيحيات للإسلام واحدة من أخطر مشاكل الأقباط في مصرquot;، مضيفاً: quot;أثبتت العديد من المواقف الحياتية والدراسات الميدانية، أن غالبية المتحولين عن دينهم السماوي إلى دين آخر، هم أصحاب مصالح دنيوية خاصة، ولا يعتنقون الدين الآخر عن إقتناع، فالبعض يترك المسيحية من أجل الطلاق، وعندما ينال ما يريد، يعود مرة أخرى إليهاquot;.
تظاهرة ضد ما يعتقد البعض أنه أسر لمسيحيات أعلن إسلامهن |
وأشار إلى أن quot;غالبية الفتيات اللاتي قيل إنهن إعتنقن الإسلام، هن فتيات وقعن في غرام شباب، وتملك منهن الخوف من مواجهة أسرهن، فإخترن الطريق الأسهل لهن، وهو إعلان إسلامهنquot;. ولفت إلى أنه عالج مثل هذه الحالات وقال quot;مرت عليّ الكثير من تلك الحالات، وكانت إذا عرضت علي حالة، أطلب من الفتاة المتحولة تلاوة سورة الفاتحة أو ذكر أسماء عشر سور قرآنية، أو الحديث أو الآية التي مست قلبها، وقررت بعدها إعتناق الإسلام، ويكون الرد هو الصمت. إذن كيف تعتنق ديناً، ليس لديها أية معلومات عنه؟quot;.
التطرف سبب المشكلة
يرجع بسادة أسباب المشكلة إلى quot;إنتشار التطرف والتشدد، والبحث عن محاولات نشر الإسلام أو التبشير بالمسيحية في الداخلquot;، مؤكداً أن quot;الحل يحتاج إلى تبني الجانبين المسلم والمسيحي ثقافة أو طريقة مغايرة في نشر الإسلام أو التبشير. فلماذا يتصارعان على معتنقي الأديان السماوية؟ ويتركون أربعة مليارات شخص في مختلف أنحاء العالم لا يعتنقون أية ديانة، تضم أفريقيا وحدها مئات الملايين منهم، فلماذا لا يتم التوجه إلى هؤلاء، ونشر الأديان السماوية بينهم، والبعد عما يثير الفتن في مصر؟quot;.
وشدد على ضرورة quot;إنشاء لجنة من حكماء الإسلام والمسيحية، تكون مهمتها التأكد من صدق المتحولين دينياً، فإذا ثبت أن إنساناً ما يريد إعتناق أي دين عن إقتناع، أهلاً به، وإذا ثبت أنه يبغي مصلحة ما أو دافعا دنيويا، فلا أهلاً ولا مرحباً به، حقناً للدماء ووأداً للفتنةquot;.
القوة لا تغير الدين
يرفض المفكر القبطي ميلاد عبد الملاك القول إن هناك حالات إختطاف للفتيات المسيحيات وإجبارهن على إعتناق الإسلام، ويقول لـquot;إيلافquot; إنه quot;لا أحد يستطيع إجبار أي شخص على التخلي عن دينه، وإعتناق دين آخر، لأن الإيمان محله القلب، وليست هناك قوة تستطيع التحكم في القلب سوى اللهquot;. مشيراً إلى quot;أن إدعاءات الإختطاف تطلقها الأسر عادة، في محاولة منها لدرء الفضيحة، حيث إن التقاليد المصرية تعتبر أن زواج الفتاة أو هروبها من بيت أسرتها عار وفضيحة، فما بالنا لو كان الهروب مع شاب مسلم مثلاً؟quot;.
كما دعا عبد الملاك إلى ضرورة quot;التعامل مع حالات تحول الفتيات دينياً، بسبب عاطفة الحب بشيء من الحكمة، لا سيما أن الفتاة عادة ما تكون في سن صغيرة، وقد لا تدرك عواقب قرارها على أسرتها وعلى المجتمع ككلquot;، مشدداً quot;على أهمية عودة جلسات الإرشاد الديني للمتحولين دينياً قبل إعلان إعتناقهم للإسلام أو المسيحيةquot;.
التعليقات