يجمع المراقبون في مصر على أنّ تهديدات تنظيم quot;القاعدةquot; في العراق باستهداف الكنائس والمسيحيين المصريين، رداً على ما وصفه بـquot;احتجاز المسلماتquot; جاء ليخفّف من حدة الاحتقان الطائفي الذي اندلع مؤخرا، خصوصا بعد أن تواترت البلاغات والمواقف التي تندد بتهديدات القاعدة وتتضامن مع الأقباط.


القاهرة: quot;رب ضارة نافعةquot;، هكذا يرى المصريون تهديدات تنظيم quot;القاعدةquot; في العراق باستهداف الكنائس والمسيحيين المصريين، رداً على ما وصفته بـquot;احتجاز المسلمات المأسورات في سجون الكنائس والأديرةquot;، في إشارة إلى السيدتين كاميليا شحاتة زوجة كاهن في محافظة المنيا، ووفاء قسطنتين زوجة كاهن في محافظة البحيرة، اللتين سرت شائعات بأنهما اعتنقتا الإسلام، ثم أجبرتهما الحكومة على العودة للمسيحية، وتم تسليمهما للكنيسة.

واتفق الجميع في مصر على رفض تلك التهديدات، والتصدي لها بدءا من رأس الكنيسة مروراً بالحكومة، و قيادات الحزب الوطني الحاكم، وقيادات الأحزاب، جماعة الإخوان المسلمين وانتهاء بالجماعة الإسلامية.
وكأن تلك التهديدات جاءت في توقيتها الصحيح، لتشفي صدور المصريين من جراح الطائفية ولو بشكل موقت، خصوصا أنها صدرت في أعقاب تراشق طائفي بين رموز إسلامية ومسيحية ممثلة في الدكتور محمد سليم العوا والإنبا بيشوي سكرتير المجمع المقدس والرجل الثاني في الكنيسة. ما أدى إلى ارتفاع درجة سخونة الأجواء طوال الأسابيع القليلة الماضية.

ففي أول رد فعل للبابا شنودة الثالث على تلك التهديدات، وجه الشكر إلى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على إدانته للجريمة الوحشية التي وقعت في كنيسة سيدة النجاة للسريان الكاثوليك في بغداد، ورفضه التهديدات التي وجهها quot;تنظيم القاعدةquot; للكنيسة المصرية.

وقال البابا خلال عظته الأسبوعية مساء الأربعاء التي ألقاها في مقر الكاتدرائية المرقسية في القاهرة: quot;بعض الأزمات يكون له وجه إيجابي، وكان من نتائج هذا التهديد ما تلقيناه من تضامن الكثير من المؤسسات الإسلامية والكثير من الكتابات الصحافية التي عبرت عن مساندتها للكنيسةquot;. وأضاف أنه لايقبل أي تهديد لكنائس وأديرة مصر.

وألقى البابا عظته الإسبوعية وسط إجراءات أمنية مشددة، حيث أحاطت قوات الأمن مقر الكاتدرائية وسط القاهرة، ونصبت البوابات الإلكترونية، وأجهزة الكشف عن المفرقعات في مدخلها الرئيس، ومنعت الدخول إلا بعد التحقق من هوية كل شخص على حدة. ولاقت تلك الإجراءات إستحسان البابا فحيا وزارة الداخلية عليها.

وقال اللواء نبيل لوقا بباوي عضو مجلس الشورى لـquot;إيلافquot; إنه حضر عظة البابا، مشيراً إلى أنه توقع انخفاض أعداد الجماهير في تلك العظة خاصة أنها الأولى بعد تهديدات quot;القاعدةquot;، وأضاف: لكن خاب ظني، حيث تجاوزت أعدادهم الخمسة آلاف شخص جاؤوا من مختلف أنحاء الجمهورية.

وأكد بباوي أن تلك التهديدات كشفت عن معدن المصريين الأصيل. وقال: هذا السلوك السامي ليس غريباً علي المصريين الذين يتناسون خلافاتهم أمام أي تهديد خارجي، ويتعاملون كجسد واحد في أوقات الشدائد والأزمات، حيث تضامن معنا في رفض تلك التهديدات جميع أبناء الشعب المصري من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار.

واستطرد قائلاً: حقاً quot;رب ضارة نافعةquot;، وهذا ما أكد عليه البابا شنودة خلال عظته عندما قال إن هناك وجها إيجابيا للأزمات ظهر هذه المرة في تضامن المؤسسات الإسلامية مع الكنيسة.

وتابع بباوي الذي كتب عدة مؤلفات في الدفاع عن الإسلام رغم أنه مسيحي منها quot;انتشار الإسلام rlm;بحد السيف بين الحقيقة والافتراءquot;، quot;الأقباط...هل ساعدوا المسلمين في فتح مصرquot;، و quot;محمد الرسول صلى الله عليه وسلم وادعاءات المفترينquot; قائلاً: لدي يقين أنه لو حدث أي مكروة للكنائس في مصر، فسوف يدافع عنها المسلمون بأرواحهمquot;.

وأكد المعارض البارز الدكتور أيمن نور لـquot;إيلافquot; أن عنصري الأمة يرفضان تهديدات quot;القاعدةquot;، لأنها تستهدف أمن مصر كلها، وليس المقصود بها المسيحيين دون المسلمين أو الكنائس دون المساجد.

وأضاف أن الإرهاب أعمى، لا يفرق بين أي فرد وآخر، وهدفه التدمير ونشر الخراب في كل مكان. مشيراً إلى أن المصريين نسوا ما حدث مؤخراً من تقاذف بالطائفية بين بعض رموز الإسلام والمسيحية، وما سبقه من مشاحنات وتظاهرات إتسمت بالطائفية أيضاَ، وتذكروا أنهم جميعاً مستهدفون من الإرهاب الأسود، فوقفوا دونه صفاً واحداً.

وأعرب نور عن إدانة حزب الغد الذي يتراسه لمثل تلك التهديدات، وقال: هذه التهديدات مرفوضة جملة وتفصيلاً، و الجميع في مصر يرفضون المحاولات الخارجية لزيادة إشعال نيران الفتنة بين عنصري الأمة، وإذا كانت هناك مشاكل أو خلافات بينهما، فهي خلافات الأشقاء التي لا تقبل أن يتدخل فيها الغرباء الذين يريدون الدمار للعالم كله وليس مصر فقط.

وفي السياق ذاته، أكدت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان أن quot;تلك التهديدات غير موجهة للمسيحيين فقط بل لكل المصريين مسلمين ومسيحيين، الأمر الذي يهدد الوحدة الوطنيةquot;.

ودعت في بيان لها حصلت quot;إيلافquot; على نسخة منه جميع المواطنين المصريين إلى التصدي لها، والعمل على تعزيز واحترام حقوق الإنسان. مشيرة إلى أنها تتنافى جملة وتفصيلاً مع حرية العقيدة الدينية وممارسة الشعائر الدينية.

ووصفت المنظمة التهديدات بأنها quot;إرهاب مرفوض يهدف إلى ترويع المواطنين ونشر الفتنة والاحتقان الطائفي في كافة أرجاء البلاد، فهذا أمر مهين يجب التصدي له بكل قوة وحزم، فحرية الدين والمعتقد وحرمة الأماكن المقدسة ليست محلاً للتهديد من قبل أي جماعةquot;.

وأعلنت المنظمة تضامنها الكامل مع المواطنين المصريين المسيحيين.