احتفت الصحافة المغربيّة بالثورة الشعبيّة في تونس أيّما احتفاء، وأفردت كبرى النشريات والدوريات مساحات واسعة للتعليق على الحدث الذي هزّ المنطقة، وصبّت معظم الافتتاحية جام غضبها على الرئيس المخلوع محملة إياه المسؤولية عن تردي أوضاع التونسيين.


لهيب تونس: أنقر على الصورة للمتابعة

الدار البيضاء: أفرد الإعلام المغربي المكتوب حيزا مهما للثورة الشعبية في تونس، التي اختلفت التوقعات حول المصير الذي ينتظرها، بعد رحيل الرئيس السابق، زين العابدين بن علي.

وتصدرت صورة إضرام محمد البوعزيزي النار في نفسه، صفحات الجرائد، إلى جانب الصورة الأولى والأخيرة التي جمعته والرئيس المخلوع بن علي في المستشفى، ومشاهد من تظاهرات أفراد الجالية التونسية في عدد من الدول.

وتحت عنوان quot;خايب الهاربينquot; في عمود quot;شوف تشوفquot;، كتبت يومية المساء، التي خصصت صفحتين للموضوع، أن quot;ما حدث في تونس هو أن الجنرال زين العابدين، الذي تحول بين ليلة وضحاها إلى (خايب الهاربين) أغلق طنجرة الضغط وسد جميع منافذ الهواء، ووضع صفارة الإنذار في جيبه.

والنتيجة أن الشعب عندما نزع الغطاء، ونزل إلى الشارع تطايرت شظايا الطبخة في الهواء، تماما كما حدث عندما تفتح (كوكوت مينوت)، بعد نصف ساعة على وضعها مغلقة بالكامل فوق النار، فتطير الأكلة، وتلتصق بسقف المطبخ، هذا إذا لم تأخذ معها وجه فاتحها في الطريقquot;.

وأكدت أن quot;الفرق بين المطبخ السياسي والمطبخ المنزلي هو أن الأكلة عندما تفسد في المطبخ المنزلي يذهب صاحب البيت إلى أقرب محل بيتزا لإنقاذ الموقف، أما عندما تفسد الأكلة في المطبخ السياسي فإن الشعب يخرج إلى الشارع للبحث عن نظام سياسي آخر، لكي يطبخ له وجبة سياسية أخرى، حسب ما يشتهيه من وصفاتquot;.

وفي افتتاحيتها، التي عنونتها بـ quot;الشرعيةquot;، أشارت يومية الصباح، التي خصصت صفحة للموضوع، إلى أن quot;ما يقع في تونس اليوم يدعو العديد من الأنظمة في العالم العربي إلى التفكير والتأمل.

وأضافت quot;نظام بن علي، الذي جاء في أعقاب انقلاب، لم يكن بإمكانه الاستناد إلى شرعية دينية أو تاريخية، بل لم يكن بإمكانه أن يؤسس شرعيته، إلا على النجاح الاقتصادي، وتوسيع مجال الحريات، خاصة أن بن علي نفسه انقلب على نظام الزعيم الحبيب بورقيبة باسم المصلحة العليا البلاد. لكن سريعا ما أصبح النظام الجديد يسير نحو تسلط أكبر، أصبحت معه تونس دولة بوليسية واستبدادية. وعلى المستوى الاقتصادي، بدأ النموذج التونسي، الذي طالما شكل مصدر فخر، قبل 15 سنة، يستطيع بالكاد التقاط أنفاسهquot;.

وفي افتتاحية بعنوان quot;درس تونسquot;، كتبت يومية العلم، لسان حزب الاستقلال، الذي يقود الائتلاف الحاكم في المغرب، والتي خصصت صفحتين للحدث، أن quot;تونس الشقيقة دخلت مرحلة جديدة بعد 23 سنة من حكم أجمعت ولا تزال تجمع جميع الأوساط على أنها كانت صعبة جدا، قبض خلالها نظام الرئيس التونسي السابق بيد من حديد على أنفاس المجتمع برمتهquot;.

وجاء في الافتتاحية أيضا quot;دخلت تونس إذن عهدا جديدا من مسارها بعدما قرر الشعب التونسي فرض التغيير في أعلى هرم السلطة السياسية، ووجد رئيس الدولة نفسه مضطرا لشد الرحال والفرار بعيدا عن انتفاضة شعبية عارمة انطلقت من سيدي بوزيد في الجنوب التونسي، ووصلت، يوم الجمعة الماضي، إلى مشارف القصر الرئاسي بقرطاج بناحية تونس العاصمة تطلب رأس زين العابدين بن علي، فما كان إلا أن فر بجلده في أجواء ذل ومهانة وخوف لا يمكن أن تحدث إلا لمن كان ولا يزال يخاف من شعبه، بعدما أخاف شعبه لحقبة طويلة من الزمانquot;.

أما يومية الأحداث المغربية، التي خصصت صفحتين لما وقع يوم 14 يناير، فركزت على تونس دون بن علي، إذ ترى أنه quot;بالنسبة للكثيرين يبدو أن الأمر غير قابل للتصديق، حتى بعد وقوعه إلى الدرجة التي جعلت (لوموند) العريقة تكتب في صدر صفحتها (تونس: يومان دون بن علي)، لكأنها تنتظر أن يصحو العالم من هذا الحلم، ويجد رجل تونس القوي سابقا يمسك بمقاليدها مجددا، ويحرم الشعب من الهواء، ومن حرية التعبير والتفكير، ومن كل الأشياء.

وذكرت أن quot;تونس بلد في المغرب العربي أو المغرب الكبير حسب التسمية التي تروقنا، ما يعني أننا نشترك معها في عديد الخاصيات، ونتميز عنها في عديد الأمور، لكننا لن نكذب على أنفسنا كثيرا بطمأنة لن تدوم طويلاquot;.

وتحت عنوان quot;زين الهاربين بن عليquot; أكدت الاتحاد الاشتراكي، لسان الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أحد أحزاب الائتلاف الحاكم، quot;ظل الشعب التونسي يردد نشيده الثري، إذا الشعب أراد الحياة، فلا بد أن يستجيب القدر. لكن القدر ظل صامتا، لا يرد ولا يستجيب طيلة 23 سنة. أحيانا يطأطئ القدر رأسه للدكتاتوريات، ويكون خصما، ويكون عبدا، ويكون سجانا. وأحيانا يطأطئ رأسه للطغاة، ولا يسمع، ولا يرى، ولا يتكلم، ولكن الشعوب تردد، حتى عندما تملأ السجون، وتشجر الطرقات بالقبعات المدنية، أغنيتها المفضلة: إذا الشعب أراد الحياة، وبعدى 23 سنة نطق القدر، وقبله نطق بن علي، وقال (لقد فهمتكم)quot;.

وأضافت quot;بعد 23 سنة كاملة وصل إلى الفهم، وأراد في كاريكاتور هجين أن يقلد الجنرال، الآخر دوغول. 23 عاما والشعب يئن ولم يفهم الرئيسquot;.