يتوقع أن يؤدي الصراع على منطقة ايبي الحدودية وثروتها النفطية إلى تعقيد مساعي جنوب السوداننحو الإستقلال.


تسود توقعات بأن تتسبب الاشتباكات الدائرة الآن حول هوية الجهة التي ستفرض هيمنتها على منطقة أبيي الحدودية المتنازع عليها، وكذلك ثروتها النفطية، في زيادة تعقيد المساعي التي يبذلها الجميع في جنوب السودان بغية إتمام الانفصال عن الشمال.

وفي وقت يبتهج فيه سكان جنوب السودان بالطريقة السلمية التي انتهى من خلالها استفتاء تحديد المصير الذي طال انتظاره من أجل الحصول على الاستقلال، مع إشادة المجتمع الدولي بالعملية، رأت اليوم صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية أن منطقة أبيي المتنازع عليها بشدة في قلب السودان تهدد مرة أخرى بالانفجار ndash; وهو الأمر الذي قد يعرقل كل الجهود المبذولة لإتمام الانفصال بصورة سلمية.

هذا وقد اشتدت عمليات الشد والجذب بين الشمال والجنوب حول مستقبل مدينة أبيي الحدودية الغنية بالنفط على مدار الأسبوع الماضي. وأشارت الصحيفة إلى أن سلسلة الاشتباكات التي وقعت بين القبيلتين الذين يزعمان أحقيتهما بتلك المنطقة الحدودية توضح كيف أن مستقبل تلك المنطقة ndash; ومستقبل السودان ndash; مازال لقمة سائغة.

وأوضحت الصحيفة في تلك الجزئية أن هناك خلافات طويلة الأمد بين رعاة ينتمون لعرب الشمال، ممن تحتاج قطعانهم إلى مراعي منطقة أبيي الخصبة وكذلك النهر الذي يمر عبر أراضيها، وبين سكان قبيلة نغوك دينك، وأغلبهم من المزارعين غير العرب، الذين يزعمون أن أحكام خاصة بالقضاء الدولي وكذلك اتفاقات سلام كان الهدف من ورائها حماية حقوق أجداهم في تلك المنطقة الحدودية قد أهينت مراراً وتكراراً.

وفي الوقت الذي توجه فيه السكان في الجنوب بأعداد غفيرة إلى مراكز الاقتراع قبل نحو أسبوع من أجل الإدلاء بأصواتهم في الاستفتاء الذي سيحدد مستقبل إقليمهم الغني بالنفط وغير المتطور، فإن سكان منطقة أبيي لم يحصلوا على ذلك الحق، وهو ما يعود جزئياً إلى عدم اتفاق الأحزاب الحاكمة في الشمال والجنوب على وضع تعريف واضح لسكان أبيي، وبالتالي من ينبغي أن يحق له التصويت في استفتاء أبيي.

وبينما يقال إن حقول النفط الموجودة في المنطقة هي السبب الذي يقف وراء رفض الخرطوم وجوبا تقديم أي تنازلات بشأن أبيي، نقلت ساينس مونيتور عن خبراء قولهم إن القضية تتعلق أكثر بتحديات سكان السودان المتنوعين الذين يعيشون سوياً ويتقاسمون الأراضي ويعتقدون أنها من حقهم استناداً إلى تاريخ وتقاليد مجتمعاتهم.

ورغم اختلاف التقارير الخاصة بالهجمات التي وقعت على بُعد حوالي 10 أميال إلى شمال غرب أبيي، إلا أنه وبحسب عدة مصادر تنتمي لقبيلة نغوك دينك في أبيي ومجموعة من المسؤولين الجنوبيين، فإن ما يقرب من ستة أشخاص من رجال الشرطة قد لاقوا حتفهم أثناء دفاعهم عن موقع تعرض لهجوم من جانب مسلحين ينتمون لقبيلة المسيرية ومقاتلين متنوعين يوجد مقرهم في الخرطوم، بشمال إحدى القرى التي يقطنها سكان قبيلة نغوك دينك. في حين زعم شيوخ قبيلة المسيرية أن رجال الشرطة هم من أطلقوا النار عليهم وأن الرعاة كان يدافعون فقط عن أنفسهم
.
ولم تستبعد الصحيفة احتمالية حدوث تدخل عسكري أو نشوب مواجهات بالإنابة عن طريق الميلشيات، علي أية حال. ونقلت عن زعماء قبيلة نغوك دينك قولهم إن أفراد قبيلة المسيرية الذين هاجموا مركز الشرطة بقرية ماكر كانوا مسلحين ومدعومين من جانب قوات أمن شمالية، بما في ذلك الشرطة التي تحرس حقول النفط التي كانت تعتبر في السابق جزءً من أبيي، حتى حسمت محكمة التحكيم الدولية في لاهاي الأمر بإصدارها حكماً عام 2009 يقضي بتغيير الحدود القائمة المتنازع عليها.

وفي المقابل، اتهم بعض زعماء قبيلة المسيرية قوة الشرطة المشتركة بين الشمال والجنوب والتي تعني بتوفير الأمن في منطقة أبيي بأنها تخضع لسيطرة جنود الجيش الجنوبي المتنكرين في زي الشرطة. لكن أحد المراقبين الذي رفض الإفصاح عن هويته بسبب منصبه في حكومة أبيي قد أكد على أن رجال الشرطة يُدَرَبون كجنود.

ثم ختمت الصحيفة في نهاية التقرير بالقول إن عدم حسم مصير منطقة أبيي يجعل منها مكان غير آمن لأي من سكانها أو للأشخاص الذين سيعودون إليها، حيث يقيم الآن الآلاف منهم في الخرطوم انتظاراً للعودة إلى ديارهم حتى يتحسن الوضع الأمني هناك.