يبدي سكان جبال النوبة غير العرب في شمال السودان قلقهم على مستقبلهم بعد ان اصبح انفصال الجنوب امرا واقعا.


كاودا: يعرب سكان جبال النوبة غير العرب في شمال السودان عن قلقهم على مستقبلهم، وهم بعد ان حاربوا خلال القسم الاكبر من الحرب الاهلية الى جانب المتمردين الجنوبيين، يطالبون اليوم بادخال اصلاحات على النظام القائم في الخرطوم بعد ان اصبح انفصال الجنوب امرا واقعا.

وتتوسط مدينة كاودا كنيستين بنيتا من الحجر اضافة الى مزرعة خنازير الى جانب اكواخ من القش. ويتوزع سكان جبال النوبة على الديانتين الاسلامية والمسيحية.

يقول يونان الباروت مدير الفرع المحلي للحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون جنوبيون سابقون) quot;ان السودان يتألف من شريحة واسعة من المجموعات العرقية تتكلم لغات عدة. ان المسلمين العرب في الشمال يريدون فرض الشريعة، وعندما كان جون قرنق يقاتل انما كان يفعل ذلك من اجل سودان جديد علمانيquot;.

وتمكن قرنق الزعيم التاريخي لمتمردي الجنوب في نهاية الثمانينات من توسيع الحرب الاهلية الى الجانب الشمالي من الحدود بين المنطقتين، فوصلت الى منطقة جبال النوبة التي تتألف من جبال خضراء يعيش فيها شعب النوبة الذي يتألف اصلا من عشر مجموعات عرقية محلية.

وتضمن اتفاق السلام الذي وقع عام 2005 انهاء الحرب الاهلية واجراء الاستفتاء الذي انتهى السبت والذي يبدو انه سيمنح جنوب السودان استقلاله عن الشمال.

وبما ان سكان جبال النوبة هم جزء من شمال السودان فهم بالطبع لم يكونوا معنيين باستفتاء الجنوب وهم باقون باي حال تحت سلطة شمال البلاد.

وليد علي (33 عاما) مدير اذاعة محلية تبث بالانكليزية والعربية ولغة اتورو، احدى اللغات المحلية الكثيرة، لا يخفي حزنه ازاء انفصال الجنوب وازاء المستقبل الغامض الذي ينتظر سكان جبال النوبة.

ويقول quot;عندما اسأل الناس عن انتمائنا الى الشمال يقولون +نحن جزء من الشمال منذ 55 عاما (نال السودان استقلاله عن بريطانيا عام 1956) الا ان اي شيء لم يعمل من اجلنا ولم يحصل اي انماءquot;.

وتابع quot;نشعر فعلا باننا مهمشين، الخرطوم تعيش في نعيم مقارنة بما نعانيه هنا، وكأننا لسنا سوى قرية قابعة فيت وسط هذه الجبالquot;.

ومع ان اتفاق السلام لم يعط سكان جبال النوبة حق تقرير المصير عبر استفتاء على غرار ما اعطي الجنوب، الا انه لحظ اجراء quot;مشاورات شعبيةquot; في ولاية جنوب كردفان التي تقع فيها جبال النوبة، وفي ولاية النيل الازرق.

وسيكون بامكان هاتين الولايتين عبر هذه المشاورات الشعبية الابقاء على quot;النظام الخاصquot; الوارد في اتفاقية السلام او التفاوض مع الخرطوم على صيغة جديدة للعلاقة بين المركز وولاية جنوب كردفان، من دون ان يصل الامر الى الانفصال عن الشمال او الانضمام الى الجنوب.

ويطالب قسم من سكان هاتين الولايتين بالانضمام الى جنوب السودان او على الاقل بالحصول على استقلال ذاتي. وقال مالك عقار حاكم ولاية النيل الازرق لوكالة فرانس برس quot;ان تطلعات الشعب لا حدود لها الا ان علينا ان ننظر الى ما هو منطقي وقابل للتحقيقquot;.

وتابع quot;ان المشاورات الشعبية هي آلية مناسبة لحل العديد من مشاكل السودان اخذا بعين الاعتبار تعددية الشعب السودانيquot;.

ويبدو ان ملامح نزاع جديد ترتسم داخل هذه القرى النائية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الازرق مع النظام القائم في الخرطوم، الذي يكرر عزمه على التشدد في تطبيق الشريعة الاسلامية واعتماد اللغة العربية وحدها لغة رسمية.