يؤكد طارق بن هيبة رئيس الفيدرالية التونسية من أجل مواطنة للضفتين، وهي منظمة حقوقية تنشط بباريس، أن الحقوقيين التونسيين لم يستشاروا في تشكيل الحكومة الانتقالية، مضيفًا أن الحكومة الحالية ليس بإمكانها قيادة تحول ديمقراطي في تونس. وعبّر المستشار السابق في المجلس الجهوي لباريس عن مطلب الجالية التونسية في إشراكها في المسلسل السياسي لبلدها.


كيف تلقت الجالية التونسية رحيل بنعلي القسري عن الحكم؟
سعدت بذلك شأنها شأن تونسيي الداخل، وهي فخورة بأنها تنتمي إلى هذه الثورة التي طردت ديكتاتورًا وquot;مافياquot; بفعل تضحيات جسام من أجل الحرية والديمقراطية. ففي فرنسا كان التونسيون يعيشون كذلك على الإهانة والمراقبة البوليسية من طرف البوليس السياسي، الموجود بكثرة في تونس إضافة إلى ميليشيات حزب بنعلي، التجمع الدستوري الديمقراطي، و كان يسكنهم خوف يومي من أن يقولوا كلمة أو التعبير عن فكرة بخصوص النظام المنحل.

هل كان لهذه الجالية ملاحظات على الموقف الفرنسي من الأحداث في تونس؟
نعم، صدموا للموقف الذي عبرت عنه أليو ماري، وزيرة الشؤون الخارجية، التي عرضت في بحر الثورة على تونس والجزائر أن تصدر لهما الخبرة الأمنية الفرنسية، وكأنه لم يكن هناك ضحايا. الحكومات الفرنسية كانت باستمرار إلى جانب الديكتاتور على الرّغم من تقارير المنظمات غير الحكومية والخروقات الحقوقية الضخمة لبنعلي ورجالاته.

عبرت فرنسا عن عدم ترحيبها بزين العابدين بن عليعلى أراضيها تفاديًا لرد فعل الجالية التونسية، حتى أن برينو غولنيش، الرجل الثاني في اليمين المتطرف، سخر من ذلك نظرًا للعلاقة القوية التي ظلت قائمة بين الجانبين. كيف فسرت الجالية التونسية هذا التبرير الفرنسي؟
الحكومة الفرنسية تبين لها أنها ارتكبت خطأ كبيرًا في علاقتها مع الشعب التونسي، عندما أدارت ظهرها لثورة الياسمين والتطلعات الديمقراطية للتونسيين، وحاولت أن تتدارك الموقف، لكن بعد فوات الأوان.

هل هناك من عاد من فعاليات هذه الجالية إلى تونس بغاية تقديم الدعم لبلاده في هذه المرحلة المهمة والحساسة من تاريخ البلد؟
هناك كمال جندوبي مناضل حقوقي والناطق الرسمي باسم الهيئة من أجل احترام الحريات وحقوق الإنسان في تونس، ورئيس الشبكة الأورومتوسطية لحقوق الإنسان، البرفسور المنصف المرزوقي وعدد من المناضلين التونسيين.

هل ترى هذه الجالية، اليوم، باختلاف حساسياتها، أن الحكومة الانتقالية للغنوشي قادرة على قيادة التحول الديمقراطي في تونس؟
لا، الحكومة الانتقالية غير متوازنة وهناك عناصر من حزب بنعلي لا تزال حاضرة في الإدراة التونسية، في المعامل، في المكاتب، ولها من الإمكانيات ما يمكنها من التشويش، إنها تشكل خطرًا على ثورة الياسمين. المعارضة بأكملها غير ممثلة، والجمعيات التي عرفت بالتزامها بالدفاع عن قضايا حقوق الإنسان لم تستشر لا في فرنسا، لا في باقي دول العالم، و لا حتى في تونس.

هذه المرحلة الحاسمة في تاريخ الشعب التونسي، هي مرحلة انتظام في منظمات مدنية وسياسية لأجل مواجهة المرحلة المقبلة. هل هذا الأمر حاصل اليوم وسط الجالية التونسية في فرنسا؟
أتمنى أن يبقى 15 يناير يومًا تاريخيًا بالنسبة إلى الهجرة التونسية. لقد شارك أكثر من عشرين ألف شخص في مظاهرة باريس وعشرات الآلاف في مدن فرنسية أخرى وأوروبا والعالم، من أجل الحرية، الديمقراطية والكرامة. والشباب التونسي اليوم بدأ ينتظم في إطارات، والأيام المقبلة ستعرف إقبالاً كبيرًا على العمل الجمعوي.

هل من المفروض برأيك إشراك الجالية التونسية في المحطات السياسية التاريخية المقبلة لتونس أو الاكتفاء بتونسيي الداخل فقط؟
نطالب بالمشاركة في الحياة السياسية التونسية، نريد أن ننتخب برلمانيين وخلق مجلس للهجرة للجالية التونسية له إمكانياته وبمسؤوليات محددة.

هل يجب إشراك الإسلاميين في الحراك السياسي التونسي المقبل أم أنه يستحسن تركهم على الهامش؟
أعتقد أنه يجب إشراكهم. تركيا قدمت نموذجًا في كون حزب إسلامي بإمكانه أن ينخرط في الحداثة والديمقراطية، وحركة النهضة وقعت، على سبيل المثال، في إطار حركة 18 أكتوبر، نصوصًا واضحة حول مواضيع صعبة، تتعلق بالحرية والديمقراطية وحرية التدين، فالديمقراطية واحدة ولا تقبل التجزئة، و هي لكل التونسيات والتونسيين، و الشعب التونسي أصبح حرًا و سيختار وفق قناعاته و أفكاره، وهو من سيحسم في من يمثله.

من الذي ترشحه لقيادة المرحلة المقبلة في تونس كرئيس للبلاد؟
لم أحدد بعد بشكل نهائي اسمًا معينًا، فالترشيحات لم تعرف حتى الآن بأكملها، و سأقوم باختياري رفقة رفاقي الآخرين الذين قاسموني المعارك نفسها.