أماطت أحداث تونس ومصر وما رافقهما من احتجاجات شعبيّة واسعة، النقاب عن ذلك الافتراض الخاطئ للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط والمتعلق بأن الاستقرار يمكن أن يُشتَرَى على حساب الحرية. ف الدعم الأميركي للديمقراطية في العالم العربي يبدو الآن أكثر أهمية عن أي وقت مضى.


القاهرة: مع تواصل ردود الفعل الدولية على الأحداث الاحتجاجية المتصاعدة التي شهدتها مصر على مدار اليومين الفائتين، تزامناً مع الاحتجاجات التي لا تزال تتوالي في تونس حتى بعد رحيل زين العابدين بن علي، قالت تقارير صحافية تحليلية أميركية إن الانتفاضة الشعبية التونسية أماطت النقاب عن ذلك الافتراض الخاطئ للسياسة الأميركية في الشرق الأوسط ndash; وهو المتعلق بأن الاستقرار يمكن أن يُشتَرَى على حساب الحرية.

ورأى تقرير نشرته في هذا السياق صحيفة quot;كريستيان ساينس مونيتورquot; الأميركية أنه حتى مع انشغال الرئيس أوباما بالملفات السياسية على الصعيد الداخلي، فإن الدعم الأميركي للديمقراطية في العالم العربي أكثر أهمية الآن عن أي وقت مضى.

ومن خلال استلهام روح ثورة الياسمين في تونس، اندلعت موجة من الاحتجاجات في الجزائر والأردن ومصر، وأوضحت الصحيفة الأميركية أنه مع تنامي معدلات البطالة، وقلق الشباب، وتقدم الحُكَّام في السن، يبدو أن المنطقة تستعد لدخول شتاء وربيع وصيف من السخط.

وقد جاء سقوط نظام الرئيس بن علي، الذي كان يبدو واحداً من أكثر الأنظمة العربية استقراراً، ليثير التساؤلات حول من سيأتي عليه الدور.

وأضافت الصحيفة أن معظم صُنَّاع السياسة الأميركيين يدركون أن هناك أنظمة عربية ستنهار ndash; في نهاية المطاف ndash; لكن أحداً لم يخطر بباله أن ذلك سيحدث تحت قيادتهم.

وأشارت ساينس مونيتور كذلك إلى أن دعم الديمقراطية في المنطقة العربية لن يتحقق من دون تحريض الناشطين وصناع القرار في واشنطن الذين يشتركون في الالتزام الفكري تجاه دعم الديمقراطية في الخارج. وقد تحظى العزيمة السياسية، أحياناً، بتأثير كبير إزاء تحريك السياسات الأميركية الراكدة صوب اتجاه جديد.

أما مجلة quot;ذي أتلانتيكquot; الأميركية فقالت من جانبها إن الانتفاضة التي شهدتها تونس وما أعقبها بعد ذلك من احتجاجات ومظاهرات في مصر قد أثاروا نقاشاً حول احتمالات نشر الديمقراطية في العالم العربي.

ونقلت الصحيفة في الإطار ذاته عن خبراء قولهم إن تشكيل حكومة تمثيلية حقيقية أمر قد يكون من الصعب للغاية تحقيقه.

وقال ستيفن هيديمان، نائب الرئيس البارز في معهد الولايات المتحدة للسلام quot;إن النظرية التي تقول إن الأنظمة العربية متصلبة وعفا عليها الزمن نظرية غير صحيحة.

وإذا كانت ستنجح الديمقراطية ذات النمط الغربي في العالم العربي، فيجب على مروجي الديمقراطية إبداء نفس المرونة والقدرة على الاستجابة التي تبديها الأنظمة العربية.

وبعد أن ثبت خطأ الإستراتيجية التي كانت تنتهجها واشنطن لترويج الديمقراطية في الدول العربية في الماضي، بات بمقدورها الآن أن تبدأ على الأقل بإزالة قوانين الطوارئ والمحاكم الأمنية التي تعطي غطاءً قانونياً للممارسة التعسفية للسلطة السياسية من جانب الحكام المستبدين العرب، وضمان أن يكون هناك تواجداً لمعارضة ذات خبرة ومصداقية تكون مستعدة للتدخل واستكمال الانتقال من الاستبداد إلى الديمقراطية، عندما يتكرر نموذج الثورة التونسية في مكان آخرquot;.

وفي تقرير آخر لها، عاودت صحيفة كريستيان ساينس مونيتور الأميركية لتقول إن الاحتجاجات المصرية قد تمكنت من تنشيط قطاع كبير من المصريين، لكن من غير الواضح ما إن كان المحتجون بمقدورهم أن يُسَخِّروا تلك الطاقة لإحداث تغيير سياسي أم لا.

ثم تابعت الصحيفة بتوجيهها الانتقاد إلى سوء التنظيم الذي بدا واضحاً على صفوف المحتجين، خلال تظاهرهم للمطالبة ببعض الإصلاحات السياسية والاقتصادية. وأردفت بقولها إن التظاهرات نُظِّمَت على موقع التواصل الاجتماعي quot;فايسبوكquot; من جانب حركات مجتمع مدني شعبية، وليس من جانب أحزاب معارضة سياسية.

ومضت الصحيفة تنقل عن ستيفن كوك، الزميل في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، والمتواجد حالياً في مصر، قوله :quot; لا أعتقد أن بإمكانهم فعل أي شيء.

فالديناميكية موجودة لدى الأشخاص المنتفضين في الشوارع .. وهؤلاء الناس يتحركون ويتصرفون من دون أن يكون هناك من يقودهم؛ وهم ليسوا إلا دمجاً لمجموعاتquot;.