استطاع حزب الله تأكيد مكانته بإعتباره القوة السياسية الأقوى على الساحة اللبنانية مع فوز مرشحه لمنصب رئيس الوزراءنجيب ميقاتي بتكليف الحكومة الجديدة. وقد أجمع مُعلِّقون إعلاميون ألمان على أن تلك الخطوة من الممكن أن تزيد من النفوذ الإيراني في لبنان، مما ينبئ باحتمال قوع حرب مع إسرائيل، ودعوا الأمم المتحدة لفرض عقوبات من شأنها ضمان تمسك لبنان بالمحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري.


القاهرة، وكالات: نجح حزب الله في تأكيد مكانته بإعتباره القوة السياسية الأقوى على الساحة اللبنانية عن طريق تثبيته مرشحه نجيب ميقاتي، في منصب رئيس الوزراء. وقد أجمع مُعلِّقون إعلاميون ألمان على أن تلك الخطوة من الممكن أن تُحَوِّل لبنان إلى مخفر تابع لإيران على الحدود الشمالية لإسرائيل مما قد يؤدي إلى حرب.

نشبت احتجاجات عنيفة من قبل شباب من الطائفة السنية، بعدما أعلن رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال سليمان فوز ميقاتي بتأليف الحكومة الجديدة، وهو المرشح من قبل حزب الله.
واتهم هؤلاء الشباب حزب الله بأنه يقوم بإنقلاب مع تمكن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله وحلفائه من الإطاحة برئيس الوزراء السابق سعد الحريري، مطلع الشهر الجاري، لتغرق البلاد في أزمة بسبب خلاف حول القرار الإتهامي الذي ستصدره المحكمة الدولية التي تحقق في اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري.

ورأت مجلة دير شبيغل الألمانية في تعليق نشرته حول هذا الشـأن أن صعود نجم حزب الله، مدعومًا من جانب إيران وسوريا، قد عزَّز نفوذ هاتين الدولتين داخل الحكومة اللبنانية. وأوضحت أن الجناح العسكري للحزب يعتبر أفضل وأحسن على صعيد التدريبات والأسلحة من الجيش اللبناني. وقد أعلنت إسرائيل من جهتها أنها لن تبدي تسامحاً تجاه حكومة لبنانية يقودها حزب الله. بينما تعهد ميقاتي بتكوين حكومة وحدة وطنية، لكنه إن فشل، فإنه قد يدمر التوازن الدقيق للسلطة الطائفية في لبنان.

وأشار مراقبون ومحللون في مجموعة من الصحف الألمانية إلى أن وصول حزب الله إلى السلطة أمر من الممكن أن يتسبب في نشوب حرب أهلية في لبنان وأيضًا إندلاع صراع جديد مع إسرائيل، ورأوا أن المجتمع الدولي مطالب بأن يدرس أو ينظر في فرض رزمة من العقوبات لضمان مواصلة المحكمة لعملها.

وعلّقت صحيفة quot;دي فيلتquot; المحافظة على ما يجري على الساحة اللبنانية quot;غالبًا ما يقع الأمل جنبًا إلى جنب مع الإكتئاب في الشرق الأوسط. فبينما يحتفل التونسيون بثورتهم التي يطق عليها quot;ثورة الياسمينquot; وينظرون إلى المستقبل بتفاؤل، يتم الآن إبطال انتفاضة شعبية أخرى. ففي لبنان، أدت حادثة اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري إلى اندلاع quot;ثورة الأرزquot; التي أخرجت سوريا من البلاد ودفعت حزب الله إلى الهامش. لكن كليهما قد عادا الآن. فقد تمكن تنظيم حزب الله من الدفع برجله لكي يشغل منصب رئيس الوزراء. ومعروف أن ميقاتي تربطه صلات جيدة مع دمشقquot;.

وتابعت الصحيفة بقولها :quot;إن تثبيت ميقاتي في منصب رئيس الوزراء هو بمثابة العمل اليائس من جانب حزب الله لمنع توجيه الإتهام إلى اثنين من الموظفين الأمنيين التابعين له بشأن واقعة اغتيال الحريري أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنانquot;.
وختمت بالقول quot;هذه كارثة بالنسبة للبنان. فإذا أصبح حزب الله القوة المهيمنة في الحكومة، فسيكون من السهل عليه عن ذي قبل أن يخترق جميع أجزاء الحكومة، بما في ذلك الجيش. وهو ما يعني أن نفوذ إيران وراء حدود إسرائيل الشمالية سيستمر في الازدياد. وقد تعرضت مرة أخرى القوات الموالية للغرب في لبنان لهزيمة ساحقة. وهو ما زاد من أهمية مواصلة المحكمة الدولية لعملها. وإذا لم تتصدَّ نخب لبنان لإنذارات حزب الله، فعلى المجتمع الدولي أن يقوم بذلك على الأقلquot;.

بينما قالت صحيفة quot;زود دويتشه تسايتونغquot; أنه quot;من الممكن أن يقوم رئيس الوزراء الجديد بسحب دعم لبنان من المحكمة. فمن دون اللبنانيين، لن تكون للمحكمة قيمة. ومع تنصيب ميقاتي رئيساً للوزراء، من الممكن أن يقوم حزب الله بإضعاف المحكمة. لكن التنظيم الشيعي لابد أن يعطي أيضاً انطباعاً بأن جميع الأحزاب اللبنانية تدعم القرار، بحيث تبدو وكأنها حكومة وحدة وطنية. وإذا رفض رئيس الوزراء السني المخلوع سعد الحريري، وحلفاؤه المسيحيون، العروض الخاصة بتشكيل ائتلاف، فإن حزب الله سيواجه مشكلة. فهو لم يعد القوة التي تعمل في الكواليس، حيث يتحمل الآن المسؤولية الكاملة بوصفه حزب الحكومة ومن الممكن أن يهدد وحدة الدولة من خلال أفعاله. وهو ما يُشكِّل خطورة على لبنان. فإسرائيل ستنظر إلى جارتها من منطلق أن تنظيم إرهابي هو من يتولى مقاليد الحكم هناك، وأن لبنان هي المخفر الغربي للإيرانيين. وهو ما قد يؤدي لإندلاع حرب جديدة بين إسرائيل ولبنانquot;.

في حين علَّقت صحيفة quot;فاينانشال تايمز دويتشلاندquot; بقولها :quot;رغم السمعة التي يحظى بها باعتباره تكنوقراط، فإن ميقاتي لن يكون بمقدوره التعاون مع محكمة الحريري ضد رغبة زعيم حزب الله، حسن نصر الله. لكن المحكمة يجب أن تواصل عملها وتستخدم نفوذها ndash; وإن لزم الأمر، من خلال فرض عقوبات من جانب الأمم المتحدة ضد لبنان. وهذا لن يعمل على تهدئة الموقف. فمن الممكن أن تندلع أعمال عنف جديدة. لكن إن تم وصف نصر الله بأنه المسؤول عن قتل زعيم عربي شعبي، فإن ذلك قد يؤثر على سحره ويكشف عن وجهه الحقيقي: باعتباره ذلك الرجل الذي يتلقى الأوامر من إيران، وأنه يلقي قبضته على لبنان كرهينة من خلال التهديدات التي يلوح بهاquot;.
إلى ذلك رأت quot;عكاظquot; السعودية انه quot;إذا سارت الأمور في لبنان كما يريدها حزب الله، فإن الحكومة الموالية له سوف تأتمر بأمره فيكون الحزب هو الحاكم الفعلي للبنان، وبالتالي يكون من خلف الحزب من قوى إقليمية هم حكام لهذا البلد من وراء جدارquot;.
وأشارت الصحيفة في مقال نشر اليوم الى انه quot;من المتوقع أن يأمر الحزب الحكومة فتطيع أمره، وفي مقدمة هذه الأوامر الاصطفاف مع الحزب في موقفه من المحكمة الدولية وذلك عن طريق اتخاذ ثلاث خطوات ضد المحكمة، أولاها إلغاء العمل بمذكرة التفاهم الموقعة بين الحكومة اللبنانية والمحكمة، وثانيها قطع التمويل المالي اللبناني المقدم للمحكمة، وثالثها رفض القرار الظني أو أي قرار يصدر مستقبلا عن المحكمة، وهذه المطالب الثلاثة جاءت واضحة في إحدى خطب وحكم الأمين العام للحزب باعتبارها شرطا مفروضا على أي حكومة لبنانية، وإلا فإن الحزب سوف يسقط الحكومة التي لا تخضع لإرادته وهو حزب إذا قال فعلquot;.
من جانبها رأت صحيفة quot;الوطنquot; السعودية ان quot;الصورة في لبنان لا تبدو وردية، فالكل مأخوذ بما حصل في اليومين الأخيرين من انتقال الأكثرية النيابية إلى المعارضة، وتموضع الأكثرية التي تشكلت بعد الانتخابات البرلمانية في خندق المعارضةquot;.
ولفتت الصحيفة الى انه quot;بعد الانتخابات التشريعية التي جرت في لبنان صيف عام 2009 حققت قوى 14 آذار بزعامة سعد الحريري غالبية برلمانية، وكان من المفترض بحكم اللعبة الديمقراطية أن تتشكل حكومة من تياره، وتبقى الأقلية التي يمثلها حزب الله وقوى 8 آذار في موقع المعارضةquot;، مشية الى ان quot;الأمور لم تجر كما تشتهي الديمقراطية، واستطاعت المعارضة، ليس المشاركة في الحكومة، وإنما أخذ نصيب وافر من المقاعد سمح لها بالإمساك بتلابيب الحكومة وإسقاطها متى شاءتquot;.
وقالت الصحيفة ان quot;الغالية ارتضت ذلك، ومضت حكومة quot;الوفاق الوطنيquot; في طريق صعب، لم تستطع خلاله التقدم على أي من المسارات، لا الداخلية ولا الإنمائية، وأضحت عبئًا ثقيلاً على المواطن العادي، فلا الكهرباء تأمّنت، ولا الماء، والغلاء مستحكم، والسياسيون متلهون بمشاكلهم التي لا تنتهي، والتي لا تقف عند حدودquot;.
بدورها اعتبرت صحيفة quot;وول ستريت جورنالquot; الاميركية انّ تعيين نجيب ميقاتي لتشكيل الحكومة الجديدة يثبت أنّ حزب الله أصبح أكبر قوة عسكرية وسياسية في لبنان. وتخوفت من أن تتمثل quot;الحركات المتطرفة في المنطقة مثل حركة حماس ومناصري مقتدى الصدر في العراق بما حصل في لبنان، لكون (الأمين العام لحزب الله حسن) نصر الله هو مثالها الأعلىquot;. وأعربت عن اعتقادها بأنّ أول ما سيفعله ميقاتي هو quot;تنفيذ رغبات حزب الله بقطع العلاقات مع المحكمة الدوليةquot;.