تشهد العلاقات اليمنية الأميركية توتراً بسبب الاختلاف حول الطريقة المثلى لمحاربة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، هذا في وقت ينسب كل طرف الفضل له في تدبير عملية اغتيال أنور العولقي.


القاعدة في اليمن تنشط بشكل كبير

يهيمن التوتر على العلاقات بين الولايات المتحدة واليمن نتيجة الاختلاف المتنامي بينهما بشأن الطريقة التي يجب أن تتم من خلالها مواجهة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الموجود في اليمن، ويعتبره المسؤولون الأميركيون أكثر أفرع تنظيم القاعدة فعاليةً.

فبينما يدّعي كلا الطرفين أن الفضل يعود لهما في مقتل الإمام اليمني الأميركي المتطرف، أنور العولقي، خلال هجوم تم شنه بطائرة آلية أميركية يوم الجمعة الماضي، نشب سجال بينهما بشأن رزمة من الأولويات المتباينة. واتهم مسؤولون يمنيون كبار الولايات المتحدة بعدم مساعدة القوات الحكومية في مواجهة الخصوم، وقالوا إن كثيرين منهم مسلحون مرتبطون بالقاعدة يعتزمون مهاجمة الغرب، داخل اليمن.

وفي المقابل، أبدى مسؤولون أميركيون قدراً ضئيلاً من الاهتمام بأعمال التسلّح التي يشهدها اليمن، وأوضحوا أن الجهود التي يبذلونها في مجال مكافحة الإرهاب مقصورة على ما يعتبرونها أقلية داخل فرع تنظيم القاعدة في اليمن، الذي يركز على شنّ هجمات على الولايات المتحدة الأميركية. وأكد المسؤولون في السياق ذاته أيضاً أنهم عازمون على التصدي للجهود التي تبذلها حكومة الرئيس المحاصر، علي عبد الله صالح، لحشد القوات الأميركية والقوة العسكرية في مكافحة التمرد المحلي وجرّ الولايات المتحدة إلى الفوضى الداخلية التي يعيشها اليمن حالياً.

وفي هذا السياق، أشارت اليوم صحيفة واشنطن بوست الأميركية إلى أن هذا الخلاف يؤكد حقيقة المعضلة الكبرى التي تواجه إدارة أوباما. ورغم ارتكازها على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب مع حكومة صالح لاستهداف قادة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، إلا أنها تسعى إلى الإطاحة بصالح من السلطة كجزء من الربيع العربي الذي يعنى بتعزيز أجواء الديمقراطية في المنطقة خلال الفترة الراهنة.

وفي مقابلات أجريت معهم، وصف مسؤولون أميركيون ويمنيون بعض عناصر علاقة مكافحة الإرهاب القائمة بين الولايات المتحدة واليمن بأنها عناصر جدلية، وفي بعض الأحيان عدائية، على الرغم من المزاعم التي أكد من خلالها مسؤولون أميركيون كبار خلال الفترة الأخيرة أن العلاقات والروابط بين الجانبين وثيقة وتعاونية.

وأوردت واشنطن بوست عن الجنرال يحيى صالح، ابن شقيق الرئيس علي عبد الله صالح، الذي يترأس وحدات مكافحة الإرهاب وقوتها الأمنية المركزية القوية التي تدربها الولايات المتحدة، قوله: quot;المساعدات الأميركية محدودة للغاية. ولسوء الحظ، يولي الجانب الأميركي مزيداً من الاهتمام بالوضع السياسي عن مكافحة الإرهابquot;.

بعدها، مضت الصحيفة تتحدث عن أجواء العنف التي بدأت تفرض نفسها واقعاً على الانتفاضة الشعبية التي بدأت منذ 8 أشهر من أجل الإطاحة بنظام الرئيس علي عبد الله صالح. ولفتت إلى فشل الجهود الدبلوماسية التي بذلها جيران اليمن في منطقة الخليج بغية إنهاء الأزمة سلمياً. ثم تابعت بقولها إنه وبدلاً من ذلك، أدت الفوضى إلى إضعاف سيطرة الحكومة على جزء كبير من اليمن، خاصة في الجنوب، حيث قام متشددون إسلاميون ndash; يرتبط معظمهم بالقاعدة ndash; بالاستيلاء على مساحات كبيرة من الأراضي، لاسيما في محافظة أبين. ويخشى الآن كثير من اليمنيين والدبلوماسيين من وقوف اليمن حالياً على أعتاب حرب أهلية وانهيار اقتصادي.

ورداً على الانتقادات التي ساقها مسؤولون يمنيون مؤخراً بشأن الموقف الأميركي quot;الغامضquot; تجاه التطورات الحاصلة في البلاد، قال أحد المسؤولين البارزين في إدارة أوباما: quot;لن تصبح الولايات المتحدة متورطة في الأخير بالأحداث التي يشهدها اليمن، حيث التوليفة الحقيقية التي تتكون من عمليات مكافحة التمرد، والعناصر السياسية المختلفة، والفصائل المتنافسةquot;. وأضاف هذا المسؤول أن بلاده ستكافح القاعدة في شبه الجزيرة العربية لمنعها من مهاجمة الولايات المتحدة ومصالحها.

وتابع المسؤول، الذي تحدث إلى الصحيفة رافضاً الكشف عن هويته، بقوله: quot;أعلم أن هناك اختلافاً، خاصة بين أفراد أسرة صالح. فهم يريدون منا القيام بأشياء مختلفة لقمع حركة تمرد قائمة، وبخاصة تلك الحاصلة في محافظة أبين، وأي شيء ضد مصالح صالح السياسية. لكننا لن ننجرف إلى تلك النوعية من المواقف الداخليةquot;.

ونوهت الصحيفة في الختام بأن إدارة أوباما تتعامل بطريقة أكثر حذراً على ما يبدو مع تطورات الأوضاع الحاصلة في اليمن، مع تصاعد حدة المواجهات، بين الثوار والقوات الموالية لصالح. فيما نقلت عن دبلوماسي غربي في صنعاء، لم تفصح عن هويته، قوله إنه لا توجد أدلة على استخدام قوات مكافحة الإرهاب اليمنية المدربة من الجانب الأميركي في قمع المتظاهرين السلميين، إذ يمثل ذلك خرقاً واضحاً للقانون الأميركي.