يرى مراقبون ومسؤولون أمنيون أن مقتل أنور العولقي لا يعني انتهاء معركة اليمن مع القاعدة، لا سيما مع استمرار القتال والفوضى في جنوب البلاد، بالتوازي مع إصرار الرئيس صالح على التمسك بالسلطة.


جنود يمنيون في العاصمة صنعاء

رغم مقتل الإمام اليمني الأميركي المتشدد، أنور العولقي، الذي كان داعية للجهاديين الطموحين حول العالم، إلا أن المعركة التي يخوضها اليمن ضد تنظيم القاعدة لم تنته بعد، في الوقت الذي واصلت فيه قوات الأمن عملياتها القتالية خلال اليومين الماضيين ضد المتشددين الإسلاميين الذين يسيطرون على مناطق واسعة من الأراضي في جنوب البلاد المضطرب، وفقاً لما ذكرته اليوم صحيفة النيويورك تايمز الأميركية.

وقال مسؤولون أمنيون محليون إن ما يقرب من 25 مسلحاً متشدداً و 20 جندياً قد قتلوا في أعمال القتال التي نشبت على مدار يومين في مدينة زنجبار التي استولت عليها ميليشيات إسلامية ترتبط بتنظيم القاعدة في أيار/ مايو الماضي. كما لاقى عشرات آخرون من المتشددين مصرعهم جراء تعرضهم لهجمات جوية في مناطق أخرى في محافظة أبين، بما في ذلك الهجوم الذي استهدف مدرسة في مدينة جعار كانت تستخدم من قِبَل المسلحين كقاعدة، وفقاً لما نقلته الصحيفة عن هؤلاء المسؤولين.

كما أعلنت الحكومة اليمنية يوم أمس الأحد أن صانع القنابل السعودي إبراهيم حسن العسيري، الذي قيل إنه ربما قتل في ذلك الهجوم الذي أسفر عن تصفية العولقي يوم الجمعة، لم يكن من بين القتلى. فيما حدد مسؤول يمني اثنين من الذين قتلوا في الغارة الأميركية هما محمد سالم النعج وعبد الرحمن بن العرفج، وكلاهما يعتقد أنهما عضوان في فرع تنظيم القاعدة في اليمن، القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وأكدت النيويورك تايمز من جهتها أنه في الوقت الذي تتنافس فيه عدة فصائل من أجل السيطرة على الحكومة في صنعاء، فإن القوة المتنامية للقاعدة ستشكل تحدياً بالنسبة إلى أي حكومة مستقبلية، وستشكل كذلك مبعث قلق بالنسبة إلى المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وفي الوقت الذي يواجه فيه الرئيس اليمني علي عبد الله صالح تظاهرات شعبية عارمة تطالبه بالرحيل، بدأت تخرج بالفعل بعض المحافظات النائية عن سيطرة الحكومة، بينما يتواصل القتال في محافظات أخرى بين الحكومة وخصومها. وقد خلقت تلك الفوضى فراغاً أمنياً أثبتت القاعدة جهوزيتها لاستغلاله.

وأوردت الصحيفة عن سكان في محافظة شبوة، حيث أصول عائلة العولقي، قولهم إن القبليين المرتبطين بالقاعدة يتحكمون في مناطق واسعة من الأراضي ويفرضون هيمنتهم على نقاط التفتيش وكأنهم الهيئة الحاكمة في جميع أنحاء المحافظة. وفي أبين، المتاخمة لشبوه من ناحية الجنوب الغربي، سيطر المتشددون الإسلاميون أولاً على مدينة جعار في أواخر آذار/ مارس الماضي، حيث قاموا بمهاجمة بنوكها واستولوا على المباني الحكومية. ثم انطلقوا من جعار نحو الجنوب للاستيلاء على مدينة زنجبار.

وأوضح سكان زنجبار وجعار أن قوات الأمن لاذت بالفرار من هاتين المدينتين، ما سمح للمتشددين بأن يدخلوا وأن يعيثوا هناك فساداً. وقد تسبب القتال في أبين في نزوح الآلاف من المدنيين، الذين لاذوا بالفرار إلى مدينة عدن الساحلية القريبة من هناك.

ثم تحدثت الصحيفة عن ردة الفعل الضعيفة التي بدأت بها الحكومة في التعامل مع تلك الأحداث، ومن ثم استعانتها بالهجمات الجوية في منتصف تموز/ يوليو الماضي ضد المتشددين، وكذلك ما قامت به الشهر الماضي من جهود لتحرير لواء الجنرال محمد السوملي واستعادة زنجبار. ورغم ابتهاج الحكومة بنجاحها في استعادة زنجبار وطرد المتشددين، إلا أن الصدامات لا تزال مستمرة داخل المدينة، كما تظهر أعمال القتال المستعرة خلال اليومين الماضيين. ثم ختمت الصحيفة بحديثها عن الوضع في الجنوب، حيث مازال يشعر كثير من السكان بالسخط من الحكومة المركزية، وقالت إنه دائماً ما يصعب التمييز هناك بين أفراد القاعدة وبين الشبان الحاملين لبنادق.