تستمرّ احتجاجات الأقباط في مصر في وقت تدرس حكومة عصام شرف إصدار قانون للكنائس يراعي حق المسيحيين في ممارسة شعائرهم الدينية بحرية، هذا في وقتيدعو ناشطون وحقوقيون السلطات إلى ضرورة معاقبة الذين يقفون خلف أحداث الفوضى التي وقعت أمام ماسبيرو.
تبادل للاتهامات بين الأقباط والأمنحول إطلاق النار |
القاهرة: إستمرّت إحتجاجات الأقباط لليوم الثاني على التوالي، وتصاعدت أيضاً الدعوات لضرورة إصدار القانون الموحّد لبناء دور العبادة، في أعقاب أحداث ماسبيرو التي راح ضحيتها 26 قتيلاً ونحو 327 شخصاً، فيما شددت قيادات كنسيّة على ضرورة محاسبة المتورطين في استخدام العنف ضد المتظاهرين السلميين، والإسراع بإصدار قانون بناء دور العبادة أو سنّ قانون للكنائس يراعي حق الأقباط في ممارسة شعائرهم بحرية.
وطالب نشطاء سياسيون وحقوقيون بضرورة تطبيق القانون على الجناة ووضع حلول جذرية للأزمة الطائفية، محذرين في الوقت ذاته من أن مصر مقبلة على مخاطر طائفية في حالة استمرار السلطات في التعامل مع الملف الطائفي بعقلية النظام السابق.
إصدار قانون دور العبادة
وعلمت quot;إيلافquot; أن مجلس الوزراء الذي عقد إجتماعاً طارئاً صباح اليوم لدراسة تداعيات الأحداث، ناقش إصدار القانون الموحد لدور العبادة، بعد أن ثبت أن غالبية الأحداث الطائفية التي وقعت مؤخراً كان السبب فيها الخلاف حول بناء الكنائس.
وقال مصدر مطلع لـquot;إيلافquot; إن هناك إتجاها قويا لإصدار القانون الذي ظلّ مجلس الشعب في عهد النظام السابق يرفض إقراره، خشية إثارة غضب الإسلاميين المتشددين، وأضاف المصدر أن المخاوف ذاتها ما زالت قائمة، لاسيما بعد تصاعد نفوذ السلفيين وغيرها من الجماعات الدينية.
مشيراً إلى أن مشروع القانون الذي تقدم به مجلس الوزراء إلى المجلس العسكري في أعقاب أحداث كنيسة صول في شهر مارس الماضي، لم يلق قبولاً لدى قيادات المجلس، لاسيما أنه لم يراع الكثافة السكانية للمسلمين. وسوف
يحرم قطاعاً كبيراً منهم من إقامة المساجد أو الزوايا الصغيرة، وسوف يرحمهم من إقامة الصلاة في الأراضي الخلاء مثل صلاة العيدين أو التراويح، لاسيما أن المساجد الموجودة حالياً تضيق بالمصلين في صلاة الجمعة من كل أسبوع ويضطرون للصلاة في الشوارع، وبموجب مشروع القانون تعتبر الصلاة في الشارع مخالفة تستحق العقاب.هناك توجه قوي لإصدار قانون بناء الكنائس
وأضاف المصدر أن هناك إتجاها قويا لإصدار قانون لبناء الكنائس فقط، دون الرجوع للمحافظين أو رئاسة مجلس الوزراء، بحيث إذا إستوفت الشروط يتم بناء الكنيسة على أن ترافق قوة من الشرطة عمليات البناء حتى إتمامها. لمنع أي إحتكاكات بين المسلمين المتشددين مع المسيحيين أثناء البناء.
وأشار المصدر إلى أن هناك إتجاها قويا لتفعيل بنود قانون العقوبات بشأن التحريض على الفتن الطائفية والعنف والتحريض على الكراهية، والتي تصل العقوبة فيها إلى السجن المؤبد أو الإعدام إذا ساهم التحريض على الفتنفي حدوث جرائم قتل وإراقة دماء.
إستمرار التظاهرات القبطية
وفي الشأن ذاته، يتظاهر الآلاف من الأقباط أمام المستشفى القبطي في ميدان رمسيس في وسط القاهرة، وردّد المتظاهرون هتافات معادية للمجلس العسكري، متهمين إياه بارتكاب جرائم القتل ضد المسيحيين، وطالبوا بإسقاط المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري، ومن تلك الهتافات quot;الشعب القبطي يريد إسقاط المشيرquot;، quot;بالروح بالدم نفديك يا صليبquot;، quot;لا لظلم المجلس العسكريquot;، quot; وعلِّي وعلَّي وعلِّي الصوت، حق شهداءنا مش هايموتquot;، quot;يا طنطاوي قول الحق، دي بلدنا ولا لأ؟quot;، quot;يا طنطاوي قول الحق عسكرك قتلوا إخواتنا ولا لأ؟quot;.
وطالب المتظاهرون بتشريح جثث القتلى لمعرفة سبب الوفاة، وتحريز الرصاص الذي قتلوا به، وتقديم الجناة للمحاكمة السريعة.الكنيسة طلبت من الاقباط التحلي بالصبر
فيما تظاهر المئات من المصريين أمام ماسبيرو للتنديد بالأحداث، والتأكيد على الوحدة الوطنية بين المسيحيين و المسلمين، ورددوا هتافات منها: quot;مسلم ومسيحي أيد واحدةquot;، وquot;بالطول بالعرض المصري صاحب الأرضquot;، وquot;الجيش والشعب أيد واحدةquot;.
حزن كنسي
ونددت قيادات كنسية بالأحداث، وقال الأنبا مرقس أسقف شبر الخيمة، إن ما حدث مرفوض تماماً، ولا يمكن السكوت عليه، مشيراً إلى أن الكنيسة طلبت من الأقباط التحلي بالصبر، والإلتزام بالصوم ثلاثة أيام، وأضاف لquot;إيلافquot; أنه مطلوب إعمال القانون بشكل حازم مع المتسببين في الأحداث، مشدداً على أن العقاب القانوني هو الحل الأمثل لعدم تكرار تلك الأحداث، ولفت إلى أن الحزن يسيطر على الأقباط بعد سقوط هذا العدد الكبير من الشهداء الذين كانوا يتظاهرون سلمياً.
ورفض مرقس الدعوات التي تطالب بفرض الحماية الدولية للأقباط في مصر، مؤكداً أن الحماية الحقيقية للأقباط تكون من الداخل من خلال الترابط مع إخوانهم المسلمين، وإقرار حقوقهم. لافتاً إلى أن الأقباط لن يحصلوا على حقوقهم إلا بدعم المسلمين المعتدلين، وليس بدعم الخارج الأجنبي. ونفى أن يكون المتظاهرون الأقباط قد حملوا السلاح في تظاهراتهم أمام ماسبيرو مساء 9 أكتوبر الجاري. معتبراً أن ترويج مثل تلك الشائعات يمثل تحريضاً ضد الأقباط.
مندسون بين الأقباط
وأصدرت الكنيسة بياناً اتهمت فيه من وصفتهم بquot;المندسينquot; بارتكاب جرائم من أجل إلصاق الجرائم بالأقباط،أصدر المجمع المقدس للكنيسة القبطية الأرثوذوكسية، برئاسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، ظهر اليوم الاثنين، بيانا أعرب فيه عن أن الكنيسة روّعت لما حدث بالأمس أمام مبنى ماسبيرو، والذي تسبّب باستشهاد 24 شخصا واصابة 200 جريح، والذين خرجوا في مسيرة سلمية للتعبير عن مشكلاتهم. وقال بيان الكنيسة إن البابا عقد إجتماعاً مع 70 أسقفا.
مشيراً إلى أن الإيمان المسيحي يرفض العنف، منوهاً بأن quot;غرباء اندسوا على المسيرة وارتكبوا هذه الجرائم التي ألصقت بالأقباطquot;. ولفت إلى أن quot;الاقباط لهم مشكلات تتكرر من دون محاسبة المعتدين ودون أعمال القانون أو وضع حلول جذرية لهاquot;، ودعا المسيحيين إلى quot;الصوم لمدة ثلاثة أيام، ليحل السلام في مصرquot;.
تخبط سياسي
واتهم الدكتور عمار علي حسن الخبير السياسي بضرورة إعمال القانون وتقديم الجناة للمحاكمة، وأضاف لـquot;إيلافquot; أن ما إفلات الجناة في حوادث سابقة، مثل حادث كنيسة صول، أدى إلى تكرار تلك الحوادث بطرق أكثر عنفاً.
معتبراً أن هناك مؤامرة من قبل جهات داخلية وصفها بquot;المرتزقةquot; وجهات خارجية تقف وراء أحداث ماسبيرو، محملاً المجلس العسكري المسؤولية كاملة عن وفاة 24 شخصاً وجرح المئات في تلك الأحداث. بسبب ما وصفوه بquot;التعامل مع الأزمة الطائفية بعقلية النظام السابقquot;، والإكتفاء بإلقاء اللائمة على quot;الأصابع الخارجيةquot;، دون البحث في أصل المشكلة الداخلية، محذراً من أن التخبط السياسي وضعف حكومة الدكتور شرف والمجلس العسكري سوف يؤدي إلى المزيد من العنف والطائفية.
ولفت إلى أن مصر بعد الثورة أمام شحن طائفي متزايد من الجانبين، لاسيما مع تصاعد التيارات الدينية والبحث عن دور سياسي. مؤكداً أن جميع التيارات السياسية تتصارع على مكتسبات الثورة للوصول إلى السلطة دون النظر إلى المشاكل الداخلية العميقة.
تنفيذ القانون
فيما اتهم الناشط الحقوقي حافظ أبو سعده عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان ما وصفها بquot; الآراء العنصرية والطائفية والمتشددةquot;، بالتسبب بأحداث ماسبيرو. داعياً إلى تنفيذ القانون على الجميع، وحضور الدولة بشكل قوي ما يقضي على الانقسام الذي يهدد وحدة المجتمع المصري، ومشدداً على أنه يجب حل القضية بشكل جذري وعدم تقديم تبريرات وهمية بالإشارة إلى الخارج، وخاصة أن المشكلة لدينا في الداخل، وأن أول طرق الحل هي البحث في الداخل المصري، وإدارة حوار مجتمعي للتعرف على المشاكل المتراكمة وإيجاد سبل للحل. وألقى أبو سعدة باللائمة أيضاً على غياب الدولة.
وقال إن تفاقم أعمال العنف الأخيرة جاءت نتيجة لقيام البعض بتنفيذ القانون دون الرجوع إلى المؤسسات القانونية، كما حدث في مبنى المريناب التابع لمركز أدفو في أسوان ، مشيراً إلى أن أحداث أسوان كان يمكن تداركها بشتى السبل، إلا أنه لم يتم اتخاذ إجراءات حاسمة إزاء المعتدين على المبنى، فغياب القدرة على التدخل السريع أدى إلى تفاقم المشكلة على هذا النحو، ولفت إلى أن التناول الإعلامي زاد من تفاقم الأمور بقوة، منوهاً بأن بعض وسائل الإعلام تصر تناول الموضوع من وجهة نظرة طائفية بحتة.
التعليقات