شكا أولياء أمور طلبة من تدنّي مستوى التعليم في المدارس الدولية (البريطانية والأميركية) والخاصة في الإمارات، رغم ارتفاع رسوم تلك المدارس بصورة كبيرة مقارنة بالمدارس الحكومية، مما يضطرهم إلى إعطاء أبنائهم دروسًا خصوصية في كل المواد.


رغم ارتفاع الرسوم ... المدارس الخاصة في الإمارات تشكو تدني مستوى التعليم

دبي: شكا أولياء أمور طلبة وطالبات في المدارس الدولية والخاصة في الإمارات تدنّي مستوى التعليم في تلك المدارس، وانعكاس ذلك بالتالي على تدنّي مستوى أبنائهم الطلبة، وتراجع تحصيلهم الدراسي بشكل كبير.

وأضافوا لـquot;إيلافquot; أن هذا الأمر دفعهم إلى إعطاء أبنائهم دروسًا خصوصية في كل المواد، في محاولة لرفع مستوى تحصيلهم، الذي تعجز المدرسة عن رفعه، متسائلين عن السبب وراء تدنّي مستوى التعليم في المدارس الدولية (الأميركية والبريطانية) والخاصة، رغم ارتفاع رسوم تلك المدارس بصورة كبيرة، وبشكل غير متناسب مع مستوى التعليم الذي تقدمه تلك المدارس.

مستوى تعليمي متدنٍّ ومتدهور

وتفصيلاً ذكر حمد إبراهيم (ولي أمر 3 طلاب في مدارس أميركية في دبي) أن المدارس الدولية والخاصة لم تعد ذات مستوى تعليمي جيد، بالرغم من ارتفاع رسومها مقارنة بالمدارس الحكومية وبعض المدارس الخاصة، موضحًا أن لديه ثلاثة أبناء يدرسون في المدارس الدولية ذات المنهاج الأميركي، وأن مستواهم التعليمي قد تدهور بشكل لافت، مما دفعه إلى إعطائهم دروسًا خصوصية في كل المواد بلا استثناء.

وتعجب إبراهيم من تدنّي مستوى تلك المدارس، التي من المفترض أن تكون في قمة هرم تصنيف المدارس في الدولة.لافتًا إلى أنه تأكد تمامًا من أن الهدف الذي تسعى تلك المدارس الدولية إلى تحقيقه هو الحصول على أقصى ربح مادي ممكن من دون النظر إلى تقديم مستوى تعليمي جيد.

وقالت سلمى عبدالله (والدة طالبتين في مدارس بريطانية في أبوظبي) إن مستوى التعليم في معظم المدارس البريطانية والأميركية والخاصة في الدولة تدهور بشكل كبير، مضيفة أن بناتها يعانين عدم قدرتهم على التحصيل الجيد في مدارسهم، وأنها اضطرت إلى اللجوء إلى الدروس الخصوصية فيكل المواد.

وأوضحت أن إحدى بناتها كانت قد رسبت في مادتين في المدرسة بسبب عدم حصولها على دروس خصوصية فيهما. الأمر الذي يؤكد على عدم الاعتماد على الدروس المدرسية، وضرورة وحتمية اللجوء إلى الدروس الخصوصية لرفع مستوى بناتها الدراسي.

وأشار عبد الرحمن يوسف (ولي أمر 5 طلاب وطالبات في مدارس دولية وخاصة في أبوظبي) إلى أنه فوجئ بتدني مستوى المدارس الدولية والخاصة في أبوظبي، رغم ارتفاع رسومها الدراسية، مضيفًا أنه يفكر حاليًا في تحويل أبنائه إلى مدارس خاصة أخرى ذات رسوم دراسية منخفضة وأقل تكلفة من تلك المدارس الدولية، وذلك لأنه اكتشف عدم وجود فارق كبير بين مستوى التعليم، الذي تقدمه المدارس الخاصة الصغيرة وبين ما تقدمه المدارس الدولية الكبرى، التي تعدّ فروعًا من المدارس العالمية.

وأضاف يوسف أن النتيجة واحدة في الحالتين، وهي أن يحصل الطلاب على دروس خصوصية في كل المواد، قائلاً quot;فما الداعي إذن أن نقوم بسداد رسوم عالية في تلك المدارس الدولية، ثم نضطر بعد ذلك إلى دفع مبالغ أخرى ضخمة لمدرّسي الدروس الخصوصية، في حين يمكننا أن ندفع رسوم مدرسية أقل، ونستمر في إعطاء أبناءنا الدروس الخصوصية التي يحتاجونهاquot;.

أخلاقيات المهنة والربح المادي

في المقابل قالت مديرة مدرسة اليوبيل الدولية الخاصة في أبوظبي رحمة عبدالسلام لـquot;إيلافquot; إن هناك تقصيرًا بالفعل من قبل بعض المدرّسين في بعض المدارس الدولية والخاصة، وذلك بهدف جذب الطلاب إلى الدروس الخصوصية، وتحقيق ربح مادي على حساب أخلاقيات المهنة.

موضحة أن هناك أسبابًا عديدة أدت إلى تدنّي مستوى تلك المدارس، أهمها عدم توفير التدريب الكافي والمناسب للمعلمين، علاوة على غياب الضمير لدى بعض المدرسين وتدني مستوى أخلاقيات المهنة لديهم، الأمر الذي يؤدي إلى عدم قيام المعلم بدوره التعليمي داخل المدرسة بالشكل المطلوب، وبالتالي يسعى هذا المعلم عديم الضمير إلى إجبار الطلاب على اللجوء إلى الدروس الخصوصية، ويعدهم بالنجاح إذا رغبوا في تلقي تلك الدروس الخصوصية من خلاله.

وأوضحت عبد السلام أن حلّ مشكلة تدنّي المستوى التعليمي في تلك المدارس يكمن في ضرورة محاربة الدروس الخصوصية بكل الأشكال، لأن المدرّس له دور مهم في بناء المجتمع، وإذا فسد هذا المدرس فسد النشئ الذي يتعلم على يديه، مما يؤثر سلبًا على المجتمع كله.

مشيرة إلى أن الإعلام الذي يبثّ الأفلام والمسلسلات الهابطة التي تجسد الطلبة والطالبات متمردين على مدرستهم وحياتهم يساهم كذلك في تدني مستوى الطلاب التعليمي والأخلاقي، ويجعلهم أكثر اتكالية واستهتارًا. الأمر الذي ينعكس سلبًا على الطلاب، ويدفعهم إلى عدم الاهتمام بالتحصيل الدراسي والالتزام داخل المدرسة، وبالتالي سعيهم إلى الحصول على دروس خصوصية في كل المواد الدراسية لعدم قدرتهم على التركيز داخل الفصل المدرسي.

وبيّنت عبد السلام أنالدروس الخصوصية تعمل على تعطيل تفكير الطلاب، وتعوق تنمية مواهبهم، لأن الطالب يحصل من خلال هذه الدروس على المعلومات بشكل جاهز وسريع مندون أن يجهد نفسه فى التفكير والبحث والاستيعاب.

موضحة أنة لكي يتم رفع المستوى التعليمي في المدارس الدولية والخاصة، لا بد من عودة الضمير إلى هؤلاء المدرسين المستهترين ومتابعة الأسرة لأبنائهم، وتفعيل رقابة الجهات المختصة على تلك المدارس.

quot;سرطانquot; الدروس الخصوصية

من جهتها أكدت مديرة مدرسة أبوظبي الدولية الخاصة جيهان نصر لـquot;إيلافquot; أنها سعت منذ أربع سنوات تقريبًا بمحاربة الدروس الخصوصية في مدرستها بشكل جذري، وقامت بوضع ضوابط صارمة لمكافحة تلك الظاهرة، موضحة أن أولياء أمور الطلاب، الذين يدرسون في مدرستها يعلمون ذلك جيدًا.

وأشارت نصر إلى أنها عندما تجد طلابًا ذوي مستوى ضعيف في مدرستها، ويحتاجون رفع مستواهم التعليمي، فإنها تقوم بتجميع هؤلاء الطلاب وإعطائهم دورات تقوية داخل المدرسة، بالتعاون مع أستاذ الصف، حتى يتم رفع مستوى هؤلاء الطلاب، وتتم معالجة القصور الذي يعانونه.

وأضافت أن إدارة المدرسة تراقب أداء المدرسين ومستوى شرحهم داخل الفصل حتى لا يتدنى مستوى الطلاب، وحتى لا يلجأون إلى الدروس الخصوصية.

لافتة إلى أنها قامت بإنهاء خدمات quot;تفنيشquot; ثلاثة مدرسين في العام الماضي بسبب عدم التزامهم بالتعليمات، وقيامهم بإعطاء دروس خصوصية لطلاب المدرسة.

وقالت نصر إن الطالب عندما يعتمد على الدروس الخصوصية يكون تركيزه في الصف ضعيفًا جدًا، وبالتالي لا يعير أي اهتمام بما يقدمه المدرس من شرح، وكذلك يكون موقف المدرس ضعيفًا أمام الطالب، الذي يدفع له المال مقابل الحصول على درس خصوصي.

مبينة أن أكبر وأخطر مرض يعانيه الطلاب في حياتهم هو الدرس الخصوصي، لأنه يعوق تفكيرهم، ويعرقل نمو مهاراتهم وإبداعاتهم، ويجعلهم دائمًا اتكاليين على الغير.

وشددت على ضرورة قيام أولياء أمور الطلاب بمتابعة دروس أبنائهم بعد عودتهم من المدرسة، حتى لا يكونوا في حاجة إلى تلك الدروس، التي تعدّ quot;سرطانًاquot; يحتاج جهدًا خارقًا لإستئصاله.

استهتار الطلاب واستجابة أولياء الأمور

من جهته، قال مدير إحدى المدارس الدولية الخاصة في دبي لـquot;إيلافquot; إن المعلم هو جزء كبير من مشكلة تدني المستوى في المدارس، وأن الطلاب وأولياء الامور هم الجزء الآخر من تلك المشكلة.

فبالنسبة إلى الطلاب فإنهم quot;لا يهتمون إطلاقًا بالتركيز مع المدرس في المدرسة، ومن ثم يذهبون إلى أولياء أمورهم، ويقولون إنهم لا يحصلون على تعليم جيد في المدرسة، ولا يفهمون شيئًا من المعلم، ومن ثم تتراكم عليهم الدروس، ولا يستذكرونهاquot;، وبالنسبة إلى أولياء الأمور فإن مشكلتهم أنهم يوافقون بسهولة على إعطاء أبنائهم دروسًا خصوصية في كل المواد الدراسية من دون مراجعة مدرستهم أو من دون مساعدتهم في استذكار دروسهم خوفًا من رسوبهم، وبذلك يعتاد الطلاب على هذه الدروس منذ الصغر، وتستمر معهم طيلة مراحل تعليمهم، وتتفاقم المشكلة عامًا تلو الآخر.

وأوضح أنه يمكن أن يكون معلم المدرسة شخصًا ممتازًا، يؤدي واجبه بضمير واتقان، ولكن استهتار الطلاب واستجابة أولياء الأمور لهم يدفع إلى تفشي ظاهرة الدروس الخصوصية.مبينًا أنه يجب على أولياء الأمور أن يحثوا أبناءهم دائمًا على الاهتمام بالمدرسة، والتركيزعلى ما يقوله معلم الفصل.

وأشار إلى أن هناك ثقافة عامة في المجتمع بضرورة حصول الطلاب على الدروس الخصوصية لكي ينجحوا، وأنهم بدون تلك الدروس لن يتمكنوا من النجاح، وأن غياب المتابعة المستمرة من أولياء الأمور لدروس أبنائهم في المنزل يؤدي إلى انتشار تلك الظاهرة وتفشيها بشكل خطر في المجتمع.

مناهج إلكترونية.. وغرامات مالية

في سياق متصل، أشارت مديرة إحدى المدارس الدولية في الإمارات لـquot;إيلافquot; إلى أن مشكلة تدني مستوى المدارس الخاصة تعود إلى أسباب عدة،أولها تدني مستوى بعض المدرسين، وثانيها يعود إلى المنهاج المدرسي، الذي يكون محشوًا بالمعلومات، ويعتمد على الحفظ والتلقين، ولا يعتمد على الإبداع والابتكار، وثالثها انشغال الطلاب واهتمامهم المتزايد بوسائل الرفاهية، مثل الـquot;آي فونquot; وquot;آي بادquot; وquot;بلاك بيريquot;، ومن ثم إهمالهم الشديد لدروسهم ومدارسهم.

مؤكدة أنها قامت في مدرستها بإلزام جميع المدرسين بكتابة تعهدات بعدم إعطاء أي دروس خصوصية للطلاب، ومن يخالف ذلك يقوم بدفع غرامة تقدر بعشرة آلاف درهم.

وترى المديرة أنه لابد من تغيير المناهج الورقية، وتحويلها إلى مناهج إلكترونية، بحيث يتم وضعها في نسخ إلكترونية على الآي باد، حتى يتسنى للطلاب مراجعتها بسهولة، وأن تكون مناهج معتمدة على البحث والمهارات الفردية، مضيفة أنه يلزم كذلك تغيير طريقة امتحانات الثانوية العامة، بحيث لا تكون ورقية، تعتمد على الحفظ والتلقين، وإنما يجب أن تكون امتحانات حديثة مبتكرة، تخاطب مهارات الطلاب وإبداعاتهم الفكرية.

وعن ارتفاع رسوم المدارس الخاصة، ذكرت المديرة أن مرتبات المدرسين في المدارس الدولية مرتفعة بالنسبة إلى الخدمات الكبيرة التي تقدمها تلك المدارس للطلاب.

وأضافت على سبيل المثال أن مدرستها تقدم منهاجًا أميركيًا عربيًا، وبالتالي عليها إلتزامات كبيرة، تتمثل في دفع الرواتب لـ150 مدرس شهريًا، علاوة على ارتفاع تكلفة وقود وصيانة الحافلات المدرسية، التي يصل عددها إلي 65 حافلة، لافتة إلى أن كل هذه المصروفات يتم سدادها عن طريق الرسوم المدرسية، التي يتم تحصيلها من الطلاب.

وأشارت إلى أن مدرستها لم تقم برفع الرسوم الدراسية منذ أربع سنوات، رغم ارتفاع أسعار الكثير من المنتجات التي تحتاجها المدارس في تسيير أعمالها.