كشفت مصادر إسرائيلية عن معلومات تتردد في أروقة الحكومة وأجهزة الأمن تفيد بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك يدفعان باتجاه اتخاذ قرار بشن هجوم ضد المنشآت النووية الإيرانية فيما الجيش والموساد يعارضان.

بنيامين نتنياهو وإيهود باراك

تل أبيب: نقلت وسائل إعلام اسرائيلية مساء الجمعة ان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك يؤيدان ضرب المنشآت النووية الايرانية، في حين أن الجيش وجهاز الموساد يعارضان ذلك.

وافاد المراسلون العسكريون لعدد من القنوات التلفزيونية ان نتنياهو وباراك يعملان على اقناع سائر اعضاء الحكومة بدعم عمل عسكري يستهدف ايران.

واضاف المصدر نفسه ان قائد الاركان الجنرال بني غانتز، ورئيس جهاز الموساد تامير برادو، ورئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الجنرال افيف كوشافي، ورئيس جهاز الشين بيت (الامن الداخلي) يورام كوهين، يعارضون القيام بهذه الضربة.

واعتبر المراسلون ان هذه المعارضة الواسعة قد تمنع، على المدى القصير على الاقل، اللجوء الى الخيار العسكري في اسرائيل ضد ايران.

من جهته، اعتبر مدير الدائرة السياسية في وزارة الدفاع عاموس جلعاد، بحسب ما نقل عنه موقع يديعوت احرونوت على الانترنت وعدد من شبكات التلفزيون، ان quot;للجبهة الايرانية الاولويةquot;.

واضاف جلعاد في كلمة ألقاها امام طلاب في عسقلان جنوب اسرائيل ان quot;نتنياهو هو اول من اعتبر ايران التهديد الاساسي، كما ان وزير الدفاع يفهم ايضا ضخامة هذا التهديدquot; معتبرا ان quot;كل الخيارات مفتوحةquot;.

وتتهم اسرائيل والدول الغربية ايران بالسعي للتزود بالسلاح النووي تحت غطاء برنامج مدني، الامر الذي تنفيه طهران.

إسرائيل منقسمة لأربعة معسكرات

وكتب كبير المحللين السياسيين في صحيفة quot;يديعوت أحرونوتquot; ناحوم برنياع، في مقاله، الذي تم نشره كعنوان رئيس للصحيفة واحتل قسما كبيراً من صفحتها الأولى بشكل استثنائي، أمس، أن مسألة الهجوم المحتمل ضد إيران quot;تشغل الكثيرين في جهاز الأمن وقيادة الحكومة وتؤرق حكومات أجنبية تواجه صعوبة في فهم ما الذي يحدث هناquot;.

وأضاف quot;من جهة، فإن الشائعات آخذة بالازدياد وتتحدث عن خطوة إسرائيل التي سيتم المبادرة لتنفيذها وستغير وجه الشرق الأوسط وربما تقرر مصير دولة اليهود للأجيال المقبلة، ومن الجهة الأخرى هناك غياب مطلق لنقاش عام بشأن الموضوع إذ إن مهاجمة إيران هو الموضوع الأكثر إقصاء عن الأجندة اليومية الإسرائيليةquot;.

وكشف أن القيادة الأمنية والسياسية الإسرائيلية تنقسم إلى 4 معسكرات في هذا الموضوع: المعسكر الأول يعتبر أن نجاعة هجوم كهذا محدودة لكن quot;المخاطر جنونيةquot; لأن quot;الإيرانيين سيردون بإطلاق صواريخ من إيران ومن لبنان بواسطة حزب الله ومن غزة بواسطة حماسquot;.

وأشار إلى أن هذا المعسكر يحذر من أنه quot;ستنشب حرب إقليمية ستدمر دولة إسرائيل، ولذلك فإنه من الأفضل الاعتماد على العقوبات الدولية وحتى إذا توصلت إيران إلى سلاح نووي فإن هذا لن يكون نهاية العالمquot;.

من جهته، يدعو المعسكر الثاني إلى التريث لأن البرنامج النووي الإيراني لن ينتهي قبل سنتين أو سنتين ونصف السنة، وفي هذه الأثناء ستجري انتخابات رئاسية في الولايات المتحدة وفي حال فاز الرئيس باراك أوباما بولاية ثانية أو تم انتخاب رئيس جمهوري آخر فإنهما سوف يأخذان مهاجمة إيران على عاتقهما، إضافة إلى وجود احتمال آخر يتمثل بأن النظام الإيراني قد يتغير وquot;هناك أمور كثيرة قد تحدث خلال سنتينquot;.

وينتمي إلى المعسكر الثالث قادة الأجهزة الأمنية، رئيس أركان الجيش بيني غانتس ورئيس الموساد تمير باردو ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية اللواء أفيف كوخافي ورئيس جهاز الأمن العام quot;الشاباكquot; يورام كوهين.

وأكد برنياع أن هؤلاء الأربعة متفقون على رأي واحد ويعارضون شن هجوم ضد إيران وهذا موقف مطابق لموقف أسلافهم في قيادة الأجهزة الأمنية غابي أشكينازي ومئير داغان وعاموس يدلين ويوفال ديسكين، الذين عارضوا بشدة شن هجوم ضد إيران.
وكانت تقارير عدة نُشرت في إسرائيل خلال الأشهر الماضية تحدثت عن أن الخلاف الشديد بين باراك وأشكينازي نشأ في أعقاب معارضة الأخير مهاجمة إيران، وأنه كشف عن وجود مخطط كهذا أمام الرئيس الإسرائيلي شيمون بيريس عندما طالبه بالتدخل لإقناع باراك ونتنياهو بخطورة مثل هذا الهجوم.

لكن برنياع أشار إلى أن قادة الأجهزة الأمنية الجدد، الذين تولوا مناصبهم في بداية أو منتصف العام الحالي، لا يطرحون معارضتهم بحزم وquot;لا يضربون على الطاولة كما كان يفعل داغانquot;، إضافة إلى أنه عندما طرح نتنياهو وباراك مهاجمة إيران كان رؤساء الأجهزة الأمنية في نهاية ولاياتهم، وفي رصيدهم عدد كبير جدا من العمليات السرية والعلنية منحتهم شعبية كبيرة ومكانة عالية لدى الجمهور الإسرائيلي.

وأضاف أن رؤساء الأجهزة الأمنية السابقين quot;بثوا حزماً وثقة بالنفس تجاه السياسيين فيما رؤساء الأجهزة الجدد معروفون بشكل أقل وحازمون أقل ومتبلورون أقلquot;.

أما المعسكر الرابع، فيضم نتنياهو وباراك اللذين يصفهما برنياع بأنهما quot;توأمان سياميان في القضية الإيرانيةquot;، وأنهما يظهران كمن يدفعان باتجاه شن عملية عسكرية ضد إيران.

ولفت المحلل إلى أن نتنياهو وضع المعادلة بهذا الخصوص في بداية ولايته عندما أعلن أن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد quot;هو هتلر وإذا لم يتم وقفه بالوقت الصحيح فإنه ستحدث محرقةquot; في إشارة إلى محرقة اليهود إبان الحكم النازي لألمانيا خلال الحرب العالمية الثانية.

واضاف برنياع quot;هناك من يصف تحمس نتنياهو في هذا الموضوع على أنه يستحوذ عليه، فكل حياته حلم بأن يكون تشرشل، وإيران ستمنحه هذه الفرصةquot;.

واشار إلى أن أسباباً أخرى توجه باراك في تأييده ضرب إيران، وأولها العقيدة الإسرائيلية التي لا تسمح بحيازة أي دولة في المنطقة سلاحا نوويا، وهي العقيدة التي وجهت رئيس الوزراء مناحيم بيغن بتدمير المفاعل النووي العراقي في مطلع الثمانينات
ووجهت رئيس الوزراء السابق ايهود أولمرت في العام 2007 لقصف موقع دير الزور السوري الذي تؤكد إسرائيل أنه كان مفاعلا نوويا.

ولفت المحلل إلى أنباء تتردد في هذا السياق عن وجود دافع شخصي لدى باراك لهذا الانسجام الكامل مع نتنياهو، وهو أن الأخير سيعمل على ترشيح باراك ضمن الأماكن العشرة الأولى في قائمة حزب الليكود في الانتخابات العامة المقبلة الأمر الذي سيضمن بقاءه وزيراً للدفاع في الحكومة المقبلة، في حال فوز quot;الليكودquot;، وبعد أن فقد دعما حزبيا في أعقاب انشقاقه عن حزب العمل.

وخلص برنياع إلى أنه quot;الآن بالذات وفيما الشعور في العالم هو أنه تم إبطاء التقدم الإيراني (في البرنامج النووي) فإن الشائعات تتحدث عن ممارسة ضغوط لشن عملية عسكرية، وإحدى القضايا تتعلق بالأحوال الجوية، فالشتاء يقترب ويفرض قيودا وهناك آخرون ينظرون إلى الأمام ويقولون إنه بعد الشتاء سيأتي الربيع وبعده الصيفquot;.