تظاهرة أمام السفارة السورية في القاهرة ضد نظام بشار الأسد في 29 أكتوبر 2011- الوكالة الأوروبية للصور

بعد عطلة نهاية الأسبوع التي شهدت إحدى أقسى عمليات القمع ضد المحتجين المطالبين بإسقاط نظام الأسد، يرى قادة في المعارضة السورية أنهم لا يجدون بديلاً سوى في الضغط على الدول العربية لنقل مطالبهم إلى الأمم المتحدة التي تحاول وقف أعمال العنف.


بيروت: يعتقد قادة في المعارضة السورية أن قوات الرئيس بشار الأسد باتت مسيطرة على الاحتجاجات بعد مرور نحو ثمانية أشهر على بدء الثورة، لا سيما بعد عطلة نهاية الأسبوع حيث شهدت سوريا واحدة من أقسى عمليات القمع على المتظاهرين، في ضربة أخرى لحركة المعارضة التي تناضل من أجل التغلب على الانقسامات داخل صفوفها.

وقدمت دول الجامعة العربية ورقة عمل مساء اليوم الاحد، تضمنت خطة لإنهاء العنف في سوريا، فيما طلبت دمشق مهلة حتى اليوم الإثنين للردّ عليها، ودعا رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم سوريا إلى اتخاذ خطوات ملموسة لتجنّب quot;عاصفة كبيرة في المنطقةquot;.

في هذا السياق، اشارت صحيفة الـ quot;وول ستريت جورنالquot; أن فريق المعارضة السورية لا يجد بديلاً سوى في الضغط على الدول العربية لنقل مطالبهم إلى الأمم المتحدة التي تحاول وقف أعمال العنف في سوريا، لكن جهودها تلاقى بمحاولات العرقلة حتى الآن.

ونقلت الصحيفة عن بسمة قضماني، المتحدثة باسم المجلس الوطني السوري، قولها: quot;نأمل في أن تصبح مطالب المعارضة السورية هي ذاتها مطالب الجامعة العربية، وأن تقوم هذه المجموعة بتأييدنا ودعمنا في نقل مطالبنا إلى الأمم المتحدة.

ودعا المجلس السوري الوطني إلى الحصول على تفويض دولي لحماية المدنيين في سوريا، مثل مجموعات من المراقبين أو قوات حفظ السلام.

وقال دبلوماسيون مطلعون على الجهود إنه لم يتم الكشف عن تفاصيل خطة جامعة الدول العربية يوم الاحد، لكن المحاولات السابقة للتوصل الى اتفاق مع دمشق تضمنت مطالبات للأسد بسحب قواته والمضي بالانتخابات الرئاسية.

وذكرت الصحيفة أن رئيس وزراء قطر، حامد بن جاسم آل ثاني، الذي قاد محادثات اللجنة الوزارية العربية حول الملف السوري، قال إنه quot;في حال قبلت الحكومة السورية بمطالب الجامعة العربية، فلا بد من أن يتم تنفيذ بنود الورقة بشكل فوريquot;، مضيفاً: quot;علينا أن نجد طريقاً لتحقيق الاستقرار في سوريا، وأن نجد وسيلة لتلبية احتياجات الشعب، ونحن نأمل ألا يكون هناك أي تدخل عسكريquot;.

وقبل أسبوعين، كثفت جامعة الدول العربية نشاطها لمعالجة الأزمة السورية، عندما دعت الأسد لفتح محادثات مع المعارضة في مقرها في القاهرة ووقف العنف ضد المتظاهرين في غضون 15 يوماً.

لكن في الموعد المحدد يوم الاحد، قال النشطاء السوريون إن 343 شخصاً قتلوا، من ضمنهم 45 جندياً بسبب ما سموه quot;فترة الإشعار المتراخيةquot; التي سمحت بها جامعة الدول العربية للرئيس الأسد.

وقالت قضماني، في مقابلة هاتفية من باريس مع الـ quot;نيويورك تايمزquot;: quot;نعتقد أن الأمور ستستغرق وقتاً طويلاً، ولن نقبل بهدنة على أساس المفاوضات طالما لا يزال الشعب في سورياً ممنوعاً من الاحتجاج السلمي، وطالما يموت الناس يومياً في الشوارعquot;.

في الوقت ذاته، تجاهل الرئيس الأسد الضغوط الدولية وجدد تحذيرات حكومته من التدخل الأجنبي في الأزمة السورية، وقال في مقابلة أجرتها معه صحيفة الـ quot;تليغرافquot; إن سوريا هي محور هذه المنطقة، أي عمل غربي ضد دمشق سيؤدي الى quot;زلزالquot; من شأنه ان يحرق المنطقة بأسرها.

وأضاف: quot;سوريا اليوم هي مركز المنطقة. انها الفالق الذي إذا لعبتم به تتسببون بزلزال... هل تريدون رؤية افغانستان أخرى أو العشرات من أفغانستان؟ أي مشكلة في سوريا ستحرق المنطقة بأسرها. واذا كان المشروع هو تقسيم سوريا فهذا يعني تقسيم المنطقة برمتهاquot;.

وأكد الرئيس السوري انه يدرك ان القوى الغربية quot;سوف تكثف الضغوط حتماquot; على نظامه، لكنه شدد على ان quot;سوريا مختلفة كل الاختلاف عن مصر وتونس واليمن. التاريخ مختلف، والواقع السياسي مختلفquot;.

ونقلت الصحيفة عن النشطاء السوريين قولهم إنهم لم يفاجأوا البتة بثقة الأسد المميزة. لكن في الوقت الذي انتهت فيه الثورة الليبية بمقتل الديكتاتور القذافي، وأجريت انتخابات في تونس، فيما تتحضر مصر للانتخابات البرلمانية في أواخر تشرين الثاني، يشعر السوريون بالإحباط من المأزق الذي طال أمده في سوريا.

وقال لؤي حسين، كاتب وعضو مؤسس في حركة معارضة سياسية ليست تابعة للمجلس الوطني السوري: quot;استخدام الحكومة للقوة ما زال قادراً على تعطيل كل محاولات تحريك الشارع. لا توجد حلول واضحة أو خطوات حاسمة يمكن أن نتخذهاquot;.

ووفقاً للجان التنسيق المحلية، قتل ما لا يقل عن 60 مدنياً في سوريا منذ يوم الجمعة، ما يجعل من عطلة نهاية الاسبوع الاكثر دموية منذ شهر أيار/مايو.

وتركزت أعمال العنف في مطلع الاسبوع في مدينة حمص، فقتل 20 جندياً وجرح 53 آخرون في اشتباكات بين الجيش و quot;ما يفترض بأنهم جنود انشقوا عن الجيشquot;، وفقاً لمرصد حقوق الإنسان السوري في المملكة المتحدة.

وقال محمد صالح، وهو من سكان مدينة حمص، إن نيران المدافع الرشاشة أمطرت المنازل في الأحياء المركزية من مدينة حلب، طوال عطلة نهاية الأسبوع، مشيراً إلى أن مجموعة من المدنيين المسلحين دمرت اربع ناقلات جند مدرعة.