حذر ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق من أي خطوة قد تؤدي إلى تفتيت البلاد في إشارة إلى إعلان محافظات وتوجه أخرى للتحول إلى اقاليم، بينما خرجت تظاهرات منها مؤيدة وأخرى معارضة لذلك الاعلان. ودعا خطباء الجمعة إلى التروي في اتخاذ القرارات ومراعاة الحكومة لحقوق العراقيين.

الشيخ عبد المهدي الكربلائي

حذر ممثل المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله السيد علي السيستاني من خطورة إعلان محافظات عراقية تحوّلها إلى أقاليم، من دراسة موضوعية لأوضاع وظروف البلاد. وطالب الحكومة المركزية بمنح المحافظات الاموال والصلاحيات التي تمكنها من إنجاز عمليات التنمية وشدد على أن ذلك سيقود إلى تفتت العراق ودعا الحكومة إلى تطبيق القانون على المواطنين من دون انتقاء أو تسييس .. في حين شهدت مدن عراقية اليوم الجمعة تظاهرات تأييد للأقاليم وأخرى معارضة لها.

وشدد الشيخ عبد المهدي الكربلائي خلال خطبة الجمعة في مدينة كربلاء (110 كم جنوب بغداد) على ضرورة مراعاة الحكومة لحقوق العراقيين في كل المحافظات وفق معايير العدالة في توزيع الأموال وأخذ حق المحافظة من المشاريع الخدمية وتوفير فرص العمل لمواطنيها بحيث تتساوى جميع المحافظات ومواطنيها في هذه الحقوق على نحو يشعر الجميع بعدم وقوع الغبن والظلم عليهم وعدم نقص حقوقهم . وأشار إلى أن ذلك سيشكل عامل استقرار مهما في جميع المجالات .. وقال quot;أما إذا شعر المواطنون في أية محافظة أن بعض حقوقهم مسلوبة خصوصاً الأساسية منها فسوف يؤدي ذلك إلى تأزيم الأوضاع وحصول تداعيات خطرة .

وحذر ممثل السيستاني من أي خطوة قد تؤدي إلى تفتيت العراق مستقبلاً في إشارة إلى إعلان محافظات وتوجه أخرى للتحول إلى اقاليم .. وأكد ضرورة quot;دراسة التأثيرات والتداعيات المستقبلية لأي خطوة يقدم عليها أي طرف على وحدة العراق وتماسكه ومدى تأثير ذلك على الأجيال المقبلة ولابد أن نلاحظ مقتضى مصالح الحاضر وفي الوقت نفسه مصالح المستقبل للأجيال اللاحقةquot;.

وأشار إلى أن تطبيق القانون وضوابطه أمر مهم جداً ولا يمكن أن يتقدّم العراق ويخرج من الكثير من أزماته وأوضاعه الصعبة الحالية إلا بأن يكون تطبيق القانون شاملا ً للجميع، ومن دون تسييس وأن يكون تطبيق هذه الضوابط منطلقا من الحرص على سيادة القانون وتفعيله وفي جميع مجالات الحياة والأعمال والنشاطات ومن دون انتقائية وعدم استغلال هذه القوانين لتحقيق أهداف سياسية معينة.

وعلى الصعيد نفسه، قال خطيب جمعة النجف (160 كم جنوب بغداد) صدر الدين القبانجي إنالتهديد بالأقاليم والتقسيم هو ردود أفعال وليست أعمالا مدروسة وأشار إلى أن ذلك حق دستوري ولكن يجب أن يكون وفق السياقات الطبيعية .

وأكد القبانجي وهو قيادي في المجلس الإسلامي الأعلى خلال خطبة الجمعة ضرورة أن تأخذ الأجهزة الأمنية الحيطة والحذر quot;ولاسيما أن الوضعلا يزال ساخنا ومتوتراquot; كما قال . وأشار إلى أن الجميع يطالبون بصلاحيات أوسع والحكومة تعرف ان هذا حق quot;ولكن نرفض أن يكون ذلك الإقليم حاضنا للبعثيين والإرهابيين ونحن مع أية إجراءات دستورية بعيداً عن السجالات السياسيةquot;.

تظاهرات تؤيد وأخرى تعارض إنشاء الاقاليم
ومن جهة اخرى، طالب متظاهرون في بغداد اليوم الحكومات المحلية في المحافظات بالتراجع عن توجهاتها الرامية إلى إقامة أقاليم داعين الحكومة المركزية إلى معالجة الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ هذا الاجراء. ودعا المتظاهرون في ساحة التحرير في وسط العاصمة العراقية في هتافاتهم مجلس محافظة صلاح الدين غربي البلاد بالتراجع عن قراره إعلان المحافظة إقليما، مؤكدين مخاوفهم من خطورة القرار لتقسيم العراق . وطالب المتظاهرون الحكومة المركزية بمعالجة الممارسات التي أدت إلى تهميش المحافظات ودفعت بعضها إلى التحول لأقاليم وتهديد أخرى بإجراء مماثل وذلك من خلال زيادة الصلاحيات الإدارية للحكومات المحلية وإيقاف الإعتقالات العشوائية واطلاق سراح من لم تثبت ادانتهم بمخالفة القانون والتريث في تطبيق إجراءات المساءلة والعدالة لاجتثاث البعث وتفعيل المصالحة الوطنية .

وفي مقابل ذلك، خرجت تظاهرات في عدد من محافظات الانبار وصلاح الدين مؤيدة لإعلان المحافظتين إقليمين مستقلين إداريا وسياسيا . ورفع المتظاهرون لافتات تدعو الحكومة إلى إصلاح أوضاع المحافظات وتنميتها ومعالجة مشكلة البطالة.

وكان رئيس الوزراء نوري المالكي أكد أمس الخميس رفضه إقامة أقاليم على أسس طائفية معتبرا أن الهدف منها هو احتواء حزب البعث رداً على إعلان محافظة صلاح الدين في غرب البلاد تحولها إلى اقليم وتأكيد محافظة الأنبار المجاورة (سنيتان) استعدادها لاتخاذ خطوة مماثلة.

وقال المالكي خلال مؤتمر لشيوخ ووجهاء عشائر محافظة ذي قار الجنوبية إن من حق المحافظات أن تتحول إلى فدراليات بضوابط والتزامات لكنه غير مسموح للفدرالية أن تنطلق من مبادئ الطائفية كما قال في كلمته. ودعا المالكي جميع رؤساء الكتل السياسية إلى أن يستخدم كل منهم علاقاته في دعم مشاريع الإعمار للدولة وتوفير الخدمات متعهداً دعم جميع الحكومات المحلية التي هي بحاجة للدعم سواء تشريعيا أو من خلال تخصيصات الموازنة المقبلة.

وأوضح المالكي أن الباب مفتوح أمام من أخطأ أو اضطر للخطأ في زمن النظام السابق إذا أراد أن يكون شريكاquot;. وأشار إلى أن البعض من الذين أرادوا أن يعودوا تحت مظلة المصالحة الوطنية من أجل العمل بأفكار الحزب المنحل (البعث) فهم من شملتهم الاعتقالات.

يذكر انه بعد إعلان مجلس محافظة صلاح الدين (175 كم شمال غرب بغداد) الخميس الماضي تحويلها إلى اقليم مستقل إداريا واقتصاديا فقد هدد محافظا نينوى ( 375 كم شمال بغداد) والأنبار (110 كم غرب بغداد) وهي محافظات تسكنها غالبية سنية باتخاذ إجراء مماثل لما يقولان انها ممارسات تعسفية تمارسها الحكومة المركزية في تهميش محافظاتهما وحرمانها من المخصصات المالية الضرورية لتنميتهما وتشغيل العاطلين فيهما إضافة إلى احتجاجهما على حملة الإعتقالات التي تشهدهما منذ أيام والتي تنفذها قوات تابعة للحكومة ومن دون التنسيق مع مسؤولي المحافظتين ضد ضباط في الجيش العراقي السابق وقياديين في حزب البعث يتم نقلهم إلى العاصمة بتهمة الإعداد لانقلاب عسكري بعد انسحاب القوات الأميركية من البلاد بنهاية العام الحالي والذين وصل عددهم إلى 615 بحسب تأكيدات المالكي.

ثم تطور الحال إلى دعوات لتشكيل إقليم موسع يضم محافظات نينوى والأنبار وصلاح الدين تضاف إليه محافظتا كركوك (255 كم شمال شرق بغداد) وديالى (65 كم شمال شرق بغداد). يذكر أن العراق يضم 18 محافظة منها ثلاث كردية في شمال البلاد هي اربيل والسليمانية ودهوك شكلت في ما بينها اقليم كردستان العراق الذي يحكمه الأكراد منذ عام 1991.

ويعتبر إنشاء الاقاليم في العراق إجراء دستوريا نصت عليه مواد عدة في الفصل الأول من الدستور تحت عنوان quot;الاقاليمquot;. فقد جاء في المادة 116 من الدستور quot;يتكون النظام الإتحادي في جمهورية العراق من عاصمةٍ واقاليم ومحافظاتٍ لا مركزيةٍ واداراتٍ محلية.quot;.. فيما نصت المادة 117 على : quot;أولاً : يقر هذا الدستور، عند نفاذه، اقليم كردستان وسلطاته القائمة، اقليماً اتحادياً. ثانياً : يقر هذا الدستور، الأقاليم الجديدة التي تؤسس وفقاً لاحكامه. أما المادة 118 فقد جاء فيها quot;يسن مجلس النواب في مدةٍ لا تتجاوز ستة اشهر من تاريخ أول جلسةٍ له، قانوناً يحدد الاجراءات التنفيذية الخاصة بتكوين الاقاليم، بالأغلبية البسيطة للأعضاء الحاضرينquot;.. بينما قالت المادة 119 quot;يحق لكل محافظةٍ أو اكثر، تكوين اقليمٍ بناء على طلبٍ بالاستفتاء عليه، يقدم بإحدى طريقتي : أولا طلبٍ من ثلث الأعضاء في كل مجلسٍ من مجالس المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.. و ثانياً طلبٍ من عُشر الناخبين في كل محافظةٍ من المحافظات التي تروم تكوين الاقليم.

كما جاء في المادة 120 quot; يقوم الإقليم بوضع دستورٍ له، يحدد هيكل سلطات الاقليم، وصلاحياته، وآليات ممارسة تلك الصلاحيات، على ان لا يتعارض هذا مع الدستورquot;.. وفي المادة 121quot;:
أولاً: لسلطات الأقاليم، الحق في ممارسة السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفقاً لاحكام هذا الدستور، باستثناء ما ورد فيه من اختصاصاتٍ حصرية للسلطات الاتحادية.

ثانياً: يحق لسلطة الاقليم، تعديل تطبيق القانون الاتحادي في الاقليم، في حالة وجود تناقض أو تعارض بين القانون الإتحادي وقانون الاقليم، بخصوص مسألةٍ لا تدخل في الاختصاصات الحصرية للسلطات الاتحادية.

ثالثاً: تخصص للأقاليم والمحافظات حصةٌ عادلة من الإيرادات المحصلة اتحادياً، تكفي للقيام بأعبائها ومسؤولياتها، مع الاخذفي الاعتبار مواردها وحاجاتها، ونسبة السكان فيها.

رابعاً: تؤسس مكاتب للأقاليم والمحافظات في السفارات والبعثات الدبلوماسية، لمتابعة الشؤون الثقافية والاجتماعية والإنمائية.

خامسا: تختص حكومة الإقليم بكل ما تتطلبه ادارة الاقليم، وبوجهٍ خاص إنشاء وتنظيم قوى الأمن الداخلي للإقليم، كالشرطة والأمن وحرس الإقليم.