quot;الحرية والعدالةquot; وquot;النورquot; في ساحة صلاة العيد في القبة

انتهزت التيارات السياسية في مصر مناسبة عيد الأضحى لتمرير الدعايات الإنتخابية للمرشحين للانتخابات البرلمانية، لا سيما جماعة الإخوان المسلمين والسلفيين، الذين أخذوا يوزّعون الهدايا والخواريف والعروضات على الأطفال والنساء والمصلّين.


يحتفل المصريون بعيد الأضحي للمرة الأولى بعد نحاجهم في إسقاط نظام حكم الرئيس مبارك في 11 شباط (فبراير) الماضي، ويتزامن الإحتفال به مع إجراء الإنتخابات البرلمانية.

وانتهزت التيارات السياسية، لاسيما الإخوان والسلفيين هذا العيد في الدعاية الإنتخابية لمرشحيهم، معتبرين أنه مناسبة إسلامية، يحق لهم إحتكارها دون غيرهم من التيارات السياسية، من أجل الترويج لأنفسهم سياسياً. خاصة أن صلاة العيد تعتبر أكبر تجمع للمصريين، ولن يتكرر مرة أخرى، إلا في العام المقبل.

دعاية سياسية في مناسبة دينية

على غير العادة طوال الثلاثين عاماً الماضية، بدا واضحاً أن الساحات المخصصة لصلاة العيد، والمساجد الكبرى، تحولت إلى مراكز للدعاية الإنتخابية، حيث غصّت باللافتات الكبيرة، والملصقات الدعائية من كل جانب، وانتشر العشرات من الشباب الملحتي التابع للتيارات السلفية أو حليقي الذقن التابعين لجماعة الإخوان المسلمين، داخلها وخارجها، يقدمون أوراق وبطاقات الدعاية لمرشحيهم للمصلين قبل وبعد أداء الصلاة مع بعض الهدايا البسيطة، كألعاب الأطفال رخيصة الثمن.

خراف وهدايا

في الجيزة، حيث يوجد مسجد الإستقامة، وهو واحد من أكبر المساجد التابعة للتيار السلفي، غطت الدعاية الإنتخابية للمرشحين السلفيين جدرانه، ودعا خطيب صلاة العيد المصلين إلى ضرورة إنتخاب الأصلح لإدارة أمور الرعية، من أجل تطبيق شرع الله، الذي فيه صلاح أحوال البلاد والعباد، على حد قوله، في إشارةٍ واضحةٍ إلى السلفيين الذين يسعون إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في مصر بعد الثورة.

وفي حي إمبابة الشعبي التابع لمحافظة الجيزة، توحدت جماعة الإخوان المسلمين والتيار السلفي تحت راية واحدة. ونظم حزباهما الحرية والعادلة والنور سرادقاً لصلاة العيد على مساحة تزيد على الخمسة أمتار، وعلقت الدعاية الإنتخابية الخاصة بالحزبين معاً، وإصطف العديد من شباب الحزبين لتنظيم حركة السير، وتوزيع الدعاية على المارة، مصحوبة بزجاجات عطر صغيرة الحجم، أو بضع تمرات.

التفاف جماهيري حول مرشحي quot;الحرية والعدالةquot; بجنوب القليوبية

وقام أحد مشايخ السلفية بتوزيع جوائز المسابقة الدينية التي نظمها الحزبان، وكانت الجوائز عبارة عن quot;خروفquot; جائزة أولى، إضافة إلى تذاكر مجانية للذهاب إلى الملاهي، وألعاب أطفال.

غير أن اللافت في خطبة العيد التي ألقاها الدكتور جمال عبد الهادي، الأستاذ في جامعة الأزهر والمحسوب على التيار السلفي، دعوته إلى ضرورة توحد المسلمين والأقباط معاً، ضد من وصفهم بـquot;الفلول والخونةquot;، مشدداً على وحدة المسلمين والأقباط ضد الفلول، لمنعهم من دخول البرلمان quot;فريضةquot;. وأشار إلى أن الصفات الواجب توافرها في عضو البرلمان المقبل، هي: quot;التوحيد والصدق والأمانة والحفاظ على أعراض المسلمينquot;.

حجاب ومصاحف وسلع غذائية

سيطر الإخوان علىمعظم الساحات في المدن الكبرى، حيث أقاموا صلاة العيد في ساحة سوق الأحد في منطقة الجيزة أيضاً، وانتشرت الملصقات التي تدعو الناس إلى الصلاة فيها، ممهورة بشعارات الإخوان وحزب الحرية والعدالة. ووزعوا بعد صلاة العيد هدايا على النساء عبارة عن حجاب، ومصحف صغير، إضافة إلى ألعاب رخصية الثمن للأطفال.

لم تغب السياسة عن مسجد الفتح في منطقة رمسيس في وسط القاهرة، وهو واحد من أكبر مساجد القاهرة، التي يسيطر عليها التيار السلفي، حيث انتشرت الدعاية الإنتخابية في محيطه وعلى أسواره، واستغل أنصار المرشحين كثافة الحضور، ووزعوا عليهم الدعاية الخاصة بهم، إضافة إلى حلوى للأطفال وبطاقات تخفيضات على السلع الغذائية لدة محال السوبر ماركت، والأدوية في الصيدليات لحاملي بطاقات عضوية حزب النور السلفي. وكان الحال نفسه في مسجد النور في حي العباسية، وهو ثاني أكبر مساجد العاصمة، ويجاور الكاتدرائية الأرثوذكسية.

صراع إنتخابي على عمر بن العاص

جماعة الإخوان المسلمين تقدم الهدايا للأطفال

شهد مسجد عمرو بن العاص أكبر وأعرق المساجد في مصر كلها، منافسةً محمومةً بين الإسلاميين وباقي المرشحين من التيار الليبرالي، وشباب الثورة، بل وفلول الحزب الوطني أيضاً، لاسيما أن المسجد يقصده عدد يتراوح بين عشرة آلاف وخمسة عشر ألف شخص.

وغطت الدعاية واجهة المسجد، والمنطقة المحيطة به، وكانتغالبية الدعاية لأحزاب: الحرية والعدالة الجناح السياسي للإخوان، والنور السلفي، والوفد الليبرالي، والكرامة الناصري، والمساواة والتنمية، وإتحاد شباب الثورة، والحرية.

غير أن الغلبة كانت للسلفيين، الذين وضعوا منصات إعلامية لهم أمام المسجد، ورددوا في مكبرات الصوت تكبيرات العيد، وما إن انتهت الصلاة، حتى شرعوا في الحديث عن أهمية التصويت في الإنتخابات، وكيفية إختيار المرشح الأصلح، وحقوق المواطن أثناء الإنتخابات، ووصفوا التصويت بأنه quot;شهادة حقquot;، معتبرين أن من لا يشارك في الإنتخابات بمثابة كاتم لشهادة الحق، وهو آثم، أما من يعطي صوته لمن لا يستحق فهو شاهد زور.

تخللت الأغاني والأناشيد الدينية الأحاديث السياسية، بينما اكتفى باقي الأحزاب والتيارات باللافتات فقط، وحملت لافتات شباب الثورة شعار quot;مسلم ومسيحي إيد واحدةquot;، quot;حافظوا على مكتسبات الثورة من أجل شهدائنا المسلمين والمسيحيينquot;، quot;ليبرالي أو إشتراكي.. معًا لمصلحة الوطنquot;.

ويعتبر الناشط الحقوقي حافظ أبو سعدة رئيس المنظمة المصرية لحقوق الإنسان من أبزر الوجوه التي غطت دعايتها الإنتخابية في محيط مسجد عمر بن العاص، فيما كانت الدعاية الخاصة بالمرشح الرئاسي السلفي حازم أبو إسماعيل هي الأبزر هناك.

لم يختلف الحال في باقي المحافظات، حيث نظم الإخوان والسلفيون سرادقات وساحات كبرى لأداء صلاة العيد، في محاولة منهم للإستغلال المناسبة الدينية من أجل الدعاية السياسية، ونظموا مسابقات في حفظ القرآن والأسئلة العامة، ومنحوا الأطفال الفائزين جوائز تتراوح بين الألعاب والمصاحف والكتب الإسلامية، والأجهزة الكهربائية، والحجاب أو الخمار، أو تخفيضات على السلع الغذائية، مرورًا بالأضحية، وغالباً ما تكون جديًا أو خروفًا، وانتهاءًبإجراء قرعات على رحلات للحج والعمرة.

صوتك أغلى من الخروف

كان لتهافت الإخوان والسلفيين على إستغلال العيد في الدعاية السياسية، ردود فعل سلبية على نشطاء فايسبوك وتوتير، حيث انتشرت المئات من التعليقات الساخرة منها: quot;من كراتين السمنة والسكر والرز بتاعة الحزب الوطني المنحل، إلى خرفان الإخوان والسلفيين، ياقلبي لا تحزنquot;، quot;الإخوان والسلفيون بيتخانقوا على أصوات الغلابة بالخرفان والهدايا ..فرقوا أيه عن بتوع الوطني اللى كانوا بيشتروا أصواتهم بشنط التموينquot;، quot;الإخوان والسلفيون عملوا ساحات ووزعوا هدايا ولعب أطفال وخرفان، علشان الناس تدبحها في العيد.. يا ترى مين الخروف اللي هيدبحوه هما في الإنتخاباتquot;، quot;إلى كل من حصل على هدية من الإخوان أو السلفيين في العيد.. إحترس الهدية فيها سم قاتلquot;، quot;الإخوان بيوزعوا خرفان، والسلفيين بيوزعوا لعب أطفال وكروت تخفيضات على السلع الغذائية.. طيب مش المفروض إخواننا الليبراليين وبتوع شباب الثورة يوزعوا لبّ وسوداني بدل ما يطلعوا من المولد بلا حمصquot;، quot;أخي المسلم أخي المواطن.. رجاء لا تبيع صوتك بلعبة أطفال ولا تبيعه بحتة لحمة، ولا تبيعه بخروف كامل.. صوتك أغلى من كل ده.. صوتك يساوي كرامتك وصحتك ومستقبل أولادكquot;.

التحرير ضد المشير

للمرة الثانية بعد شهرين على التوالي، يتحول ميدان التحرير إلى ساحة لصلاة العيد، بعدما كانت المرة الأولى في عيد الفطر الماضي، حيث أدى بضعة آلاف صلاة عيد الأضحى في الميدان، ونظموا مسيرات ووقفات عدة في أرجاء الميدان، إحتجاجاً على إستمرار المحاكمات العسكرية للمدنيين، مطالبين بالإسراع في تقديم الجناة في حادث ماسبيرو للقضاء، وسرعة تسليم المجلس العسكري السلطة للمدنيين، ورددوا هتافات تدعو إلى إسقاط المشير حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري منها: quot;الشعب يريد إسقاط المشيرquot;، quot;يا شهيد نام وإرتاح.. وإحنا نكمل الكفاحquot;.