أكّدت مفوضية حقوق الإنسان التابعة للامم المتحدة أن أعمال القمع في سوريا أودت حتى الآن بحياة أكثر من 3500 شخص، هذا فيما أكدت الولايات المتحدة الأميركية على لسان الناطق باسم خارجيتها فيكتوريا نولاند أن النظام السوري أصبح يائساً.


النظام السوري استخدم الدبابات لإخماد الثورة

جنيف: أعلنت المفوضية العليا لحقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة الثلاثاء أن أعمال القمع في سوريا أوقعت أكثر من 3500 قتيل. وقالت المتحدثة باسم المفوضية العليا رافينا شامداساني خلال مؤتمر صحافي أن quot;القمع الوحشي للمتظاهرين في سوريا أودى بحياة أكثر من 3500 شخص حتى الآنquot;.

واضافت ان quot;اكثر من ستين شخصا قتلوا من قبل العسكريين وقوات الامن بينهم 19 الاحد اول ايام عيد الاضحىquot; منذ قبول دمشق في الثاني من تشرين الثاني/نوفمبر خطة عربية يفترض أن تنهي العنف. وتابعت ان quot;الحكومة السورية اعلنت الافراج عن 550 شخصا السبت بمناسبة العيد لكن عشرات الآلاف ما زالوا معتقلين وعشرات الاشخاص يتم توقيفهم كل يومquot;.

واكدت الناطقة باسم المفوضية ان القوات السورية ما زالت تستخدم الدبابات والمدفعية الثقيلة لمهاجمة احياء سكنية في مدينة حمص وسط سوريا. وتابعت أن حي بابا عمرو محاصر منذ أسبوع وسكانه محرومون من الغذاء والماء والدواء، ووصفت الوضع quot;بالمروعquot;.

واضافت quot;انه امر مخيب للآمالquot;، مؤكدة أنها quot;تشعر بقلق عميق من الوضعquot;. وكانت المفوضية العليا لحقوق الانسان طلبت من دمشق السماح للجنة تحقيق دولية مستقلة شكلت في 23 آب/اغسطس الماضي خلال اجتماع لمجلس حقوق الانسان بالتحقيق في انتهاكات حقوق الانسان في سوريا.

وقال شامداساني quot;نحاول دخول سوريا منذ عدة اشهرquot; وquot;نحاول تشجيع الحكومة السورية والضغط عليها لتسمح لنا بدخول أراضيهاquot;. وعين ثلاثة خبراء دوليين في 12 ايلول/سبتمبر وما زالوا ينتظرون الموافقة ليتمكنوا من التحقيق في سوريا.

ميدانياً، اعلن المرصد السوري لحقوق الانسان مقتل عشرة اشخاص في اعمال العنف في سوريا الثلاثاء بينهم ثمانية جنود وثلاثة مدنيين بينهم اثنان سقطا خلال عمليات للجيش السوري في عدد من احياء مدينة حمص.

وقال المرصد في بيان ان quot;ثمانية من عناصر الجيش والامن السوري قتلوا اثر كمين نصبه لهم مسلحون يعتقد انهم منشقون جنوب مدينة معرة النعمانquot; في محافظ ادلب شمال غرب سوريا.

وفي المحافظة نفسها، ذكر المرصد ان quot;مواطنا استشهد متأثرا بجروح أصيب بها فجر اليوم برصاص حاجز أمنيquot; في المدينة.

وفي بيان آخر، ذكر المرصد ان quot;مواطنا استشهد صباح اليوم الثلاثاء خلال المداهمات التي تنفذها القوات السورية في حي بابا عمروquot;.

وتحدث البيان عن وفاة سيدة متأثرة بجروح أصيبت بها في بابا عمرو الاثنين.

واوضح المرصد ان quot;الجنود يدخلون الى البيوت لاعتقال اشخاص تبحث عنهمquot; اجهزة الامن.

واضاف ان quot;طفلة استشهدت في حي عشيرة واصيب اثنان من افراد عائلتها بجروح اثر إصابة منزلهم بقذيفة ار بي جيquot; مضادة للدروع.

من جهة اخرى، قال المرصد ان quot;اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي السوري ومنشقينquot; جرت quot;قرب مجمع الاسد الطبي وجنوب الملعب والحاضر والمزاربquot; في حماة.

وكان المجلس الوطني السوري المعارض دعا الاثنين الى توفير quot;حماية دوليةquot; للمدنيين تجاه القمع متهما النظام السوري quot;بشن هجوم وحشيquot; على مدينة حمص. واعلن المرصد مقتل تسعة مدنيين الاثنين في سوريا برصاص قوات الامن في حمص وفي حماة وادلب الى الشمال منها.

في غضون ذلك،صرحت الناطقة باسم وزارة الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند بأن النظام السوري أصبح يائساً مع تزايد تأثير العقوبات الأوروبية والأميركية المفروضة عليه، ولفتت في الوقت عينه، إلى أن عدد الضباط الفارين من الجيش السوري quot;في ازديادquot;.

وقالت نولاند، خلال الموجز الصحافي اليومي في الوزارة، الاثنين، إن الإدارة الأميركية تلقت quot;معلومات وتقارير من السفارة حول تأثير (العقوبات) على الوضع المالي للنظامquot;، وتحدثت عن تزايد عدد الضباط الفارين من الجيش السوري. وردت على سؤال بشأن جدوى العقوبات وسط تردي الأوضاع في سوريا خلال الأيام القليلة الماضية بالقول: quot;هذه تحركات يائسة من قبل نظام يائس، نرى أن عدد الضباط المنشقين بدأ في الزيادة.quot;

وأوضحت أن الهدف الأساسي من العقوبات هو وقف تدفق الأموال التي يستخدمها النظام لتمويل حملته الوحشية المسلحة ضد شعبه، مضيفة إلى أن الهدف كذلك هو جعل الذين quot;يواصلون دعم الأسد وتكتيكاته يعيدون النظر إذا ما يقفون إلى الجانب الصحيح من التاريخ في سورياquot;. ومؤخراً، وسّع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة العقوبات ضد سوريا للضغط على النظام السوري لإنهاء حملة قمع عسكرية تصدى بها لاحتجاجات مناهضة له.

ويواجه نظام الأسد حركة احتجاج غير مسبوقة منذ منتصف مارس/ آذار الماضي، أسفرت عن سقوط أكثر من 3000 آلاف قتيل، بحسب تقديرات الأمم المتحدة. وبررت حكومة دمشق العنف بمحاولة اجتثاث quot;مجموعات إرهابية مسلحةquot; تستهدف المدنيين وقوات الأمن، واتهمتها بالوقوف وراء الأحداث الدامية في البلاد. وسقط أكثر من 30 قتيلاً برصاص الأمن السوري منذ أول أيام عيد الأضحى، الأحد، وفق نشطاء.

وقال وليد المعلم، وزير الخارجية والمغتربين، الأحد، إن بلاده تنظر إلى دعوة وزارة الخارجية الأميركية للمسلحين لعدم تسليم أسلحتهم للحكومة، في إطار عرض عفو طرحته دمشق الأسبوع الماضي، على أنها quot;تورط مباشر للولايات المتحدة بإحداث الفتنة والعنف في سوريا التي كلفت الشعب السوري، جيشاً وشرطة ومواطنين، الكثير من الضحايا الأبرياءquot;، طبقاً لما أوردت وكالة الأنباء السورية quot;سانا.quot;

جوبيه: مبادرة الجامعة العربية بشأن الأزمة السورية قد ماتت

إلى ذلك، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي آلان جوبيه أن مبادرة الجامعة العربية بشأن الأزمة في سوريا قد ماتت، فيما أعرب عن استعداد بلاده للاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض شرط أن ينظم نفسه.

وأضاف في مقابلة مع صحيفة quot;الشرق الأوسطquot; quot;سبق لنا أن عبرنا عن دعمنا لمبادرة الجامعة العربية، بل إننا نصحنا المعارضة السورية أن تقبل إجراء الحوار (مع النظام القائم)، غير أن الدليل أظهر مرة أخرى أننا لا نستطيع أن نثق بـ(الرئيس) بشار الأسد. لقد زعم أنه قبل خطة الجامعة العربية، لكنه في اليوم التالي عاود اللجوء إلى القمع ومعه استمرت أعداد القتلى في الارتفاعquot;.

ورأى جوبيه أنه لا شرعية للنظام السوري مع استمرار حملة القمع الدموية للاحتجاجات منذ أن انطلقت في منتصف مارس، quot;أعتقد أن النظام فقد اليوم كليا شرعيته، وأنه في لحظة أو أخرى يتعين تغييرهquot;، لكنه أعرب عن اعتقاده بأن quot;ذلك يمكن أن يأخذ وقتا طويلا لأن أهل النظام يتمسكون بالسلطةquot;.

وعلى الرغم من أنه أشاد برفض المعارضة التصعيد ضد النظام باللجوء إلى القوة المسلحة إلا أن خدام أعرب عن قلقه من تطورات الوضع في سوريا مع دعوة نائب الرئيس السوري السابق عبد الحليم خدام إلى استخدام السلاح.

واستطرد قائلاً: quot;حتى الآن ترفض المعارضة اللجوء إلى العنف، وأعتقد أنها مصيبة في ذلك. وصباح اليوم (أمس) سمعت أن نائب الرئيس السابق عبد الحليم خدام يدعو إلى اللجوء إلى السلاح وإلى تدخل (عسكري) خارجي. لذا فإنني شديد القلق لجهة توقع مزيد من تدهور الوضع، ولأنني أرى أن احتمالات حصول تحول للنظام قليلة للغايةquot;.

وأكد جوبيه أن الدول العربية تتحمل مسؤولية كبرى تجاه الوضع في سوريا وعليها ممارسة ضغوط كبيرة على دمشق من أجل أن تتطور الأمور فيها، كما على تركيا لعب دور لما لها من quot;إمكانيات كبيرةquot; للتأثير على سوريا.

واستبعد جوبيه القيام بعملية عسكرية ضد دمشق، معتبرا أن عقيدة بلاده تقوم على اشتراط تفويض من مجلس الأمن الدولي لأي تحرك ضد دمشق. وتابع قائلا: quot;ربما تكون هناك إجراءات أخرى سنقوم بالنظر فيها لأن الخيار العسكري غير مطروح. وفي كل حال، فإن لفرنسا عقيدتها الواضحة؛ وهي أنه ليس هناك تدخل عسكري من غير تفويض من الأمم المتحدةquot;.

وكشف الوزير الفرنسي أنه ونظراءه الأوروبيين سيدرسون فرض سلة عقوبات اقتصادية ومالية جديدة على سوريا في اجتماعهم القادم. كما أبدى استعداد فرنسا للاعتراف بالمجلس الوطني السوري المعارض، لكن بشرط أن ينظم نفسه، وقال إن الموضوع quot;قيد الدرسquot; فرنسيا، داعيا المجلس إلى quot;بلورة برنامج حكمquot;.

بريطانيا تعرب عن مخاوفها إزاءالعنف

وفي السياق نفسه، أعرب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ هنا اليوم عما وصفه بالذعر الشديد لاستمرار أعمال العنف في سوريا.

وقال هيغ في بيان أعلنته الخارجية البريطانية quot;راعني استمرار سقوط قتلى في سوريا ..ان تصعيد الحكومة السورية لأعمال القمع وما نجم عنه من سقوط المزيد من القتلى رغم التزامها لجامعة الدول العربية بوقف العنف في الأسبوع الماضي لهو أمر يرثى لهquot;.

وأضاف quot;أطالب النظام السوري برفع الحصار عن حمص والسماح بالجهود الدولية للمساعدة والاغاثة وسحب كافة القوات السورية من المدن والبلدات تماشيا مع الاتفاق مع جامعة الدول العربية وتنفيذ بنوده كاملة quot;.

كما طالب الوزير البريطاني جامعة الدول العربية بالاستجابة السريعة وبحسم لاخفاق النظام السوري بتنفيذ الاتفاق حتى الآن مشيرا الى أن المجتمع الدولي يتطلع لأن تبدي الدول العربية قيادة حاسمة لمعالجة هذه الأزمة.

وأعرب في الوقت نفسه عن الترحيب quot;بالجهود التي بذلتها جامعة الدول العربية حتى الآن وسوف نواصل دعمنا لها في محاولاتها للتوسط وانهاء العنف في سورياquot;.

وشدد هيغ على أن هذه التطورات الأخيرة تبرهن مجددا أنه لا يمكن تحقيق أي تقدم في سوريا حتى يتنحى الرئيس الأسد عن الحكم ليتيح لغيره قيادة عملية الانتقال السياسي التي تحتاجها سوريا بشدة.