تبين تقارير أن الغرب كان يعتقد بوجود مصنع لتدوير اليورانيوم في سوريا قبل أنيتأكد بأنه ليس سوى منشآة لصناعة النسيج.


المنشأة كما تظهر من الجو

بعد أربع سنوات من البحث عن مرافق نووية سرية في سوريا، توصل مسؤولون في الامم المتحدة هذا الأسبوع إلى نتيجة نهائية: تشير التقارير الإخبارية إلى وجود مصنع كبير يشتبه في أنه يستخدم لتدوير غاز اليورانيوم وتحويله إلى وقود قنابل نووية.

لكن بعد مزيد من التدقيق من قبل الباحثين، باتت التقارير المتعلقة بالمصنع الغامض في سوريا أقل جاذبية، إذ خلص التقرير الجديد إلى أن المصنع الذي يحوي الآلاف من آلات الغزل السريع، لا يستخدم لتدوير اليورانيوم بل لغزل القماش ونسج ملابس عادية جداً من القطن والبوليستر.

في هذا السياق، نقلت صحيفة الـquot;واشنطن بوستquot; عن جيفري لويس، خبير في السياسة النووية في مركز دراسات مكافحة انتشار الأسلحة، قوله: quot;إنه مصنع للغزل والنسيج، ولطالما كان كذلك، وهذه وظيفته الوحيدة ولم يستخدم في أي صناعات أخرىquot;.

وأشارت الصحيفة إلى أن لويس كان مهتماً بالتقارير الاخبارية التي ربطت مصنع الغزل في مدينة الحسكة بسوريا، وبين البرنامج النووي السري للبلاد، وأضافت أن هذه التقارير برزت منذ أربع سنوات عندما قصفت الطائرات الحربية الاسرائيلية مبنى تبين أنه جزء من مفاعل بلوتونيوم متكامل.

وأظهرت التقارير، نقلاً عن دبلوماسيين غربيين ومسؤولين سابقين في الامم المتحدة، صوراً جوية للمصنع تمت دراستها بشكل مكثف من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تبحث عن أدلة جهود نووية السرية في سوريا.

وفي حين أن مصنع الحسكة يستخدم بشكل واضح لصناعة الغزل والنسيج، إلا أن حجمه وشكله أثارا انتباه الخبراء النوويين. فبالنظر اليه من الجو، يبدو المرفق شبيه للغاية بمحطة لتخصيب اليورانيوم التي صممها عبد القدير خان، العالم الذي يعتبر الأب الروحي للبرنامج النووي الباكستاني، والذي ينسب له تزويد معلومات حول التكنولوجيا النووية إلى إيران وكورية الشمالية وليبيا.

وكان خان قد عقد اتصالات مكثفة مع القادة السوريين في العام 1980 ، ويعتقد بعض الخبراء النوويين انه وفر لهم مخططات لبناء المنشآت النووية. ويقول مسؤولون في الاستخبارات الأميركية أن سوريا بذلت جهود حثيثة في المجال النووي تركزت في مفاعل البلوتونيوم الذي دمره القصف الاسرائيلي في 6 سبتمبر 2007.

ولم تعترف سوريا إطلاقاً بأنها تسعى لامتلاك أسلحة نووية، وسمحت في الآونة الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية بالوصول - بشكل محدود - إلى مواقع أخرى تعتقد الوكالة انها قد تكون جزءا من برنامجها النووي السري.

وأشارت الـ quot;واشنطن بوستquot; إلى أن الشكوك التي لم تحسم من قبل وكالة الطاقة الذرية، والتي تشير إلى أن مصنع الحسكة يمكن أن يكون جزءاً من برامج نووي سري في سوريا، دفعت الخبير النووي جيفري لويس إلى البحث في السجلات القديمة والصور الفضائية التي التقطت للمنشأة المزمعة.
تابع لويس، بمساعدة زميله الأوروبي، تاريخ المنشأة ونشأتها، فاقتفى أثر بداياتها فتوصل في نهاية المطاف إلى معلومات عن مهندس ألماني (62 عاما) أشرف على بناء المصنع منذ ثلاثة عقود.

وتوصل لويس إلى معلومات عن المهندس الألماني فاتصل به ليستفسر عن صحة المعلومات، ويقول لويس، الذي أجرى المقابلة بمساعدة الصحافي الألماني بول انطون كروجر، إن المهندس دهش من الفرضية التي تشير إلى أن مصنع الحسكة هو منشأة لإنتاج يورانيوم مخصب، وقال: quot;أنا بنيت هذا الشيء!quot;.
وأشار المهندس الألماني إلى أنه أشرف على بناء المصنع وتركيب 75000 آلة غزل لتدوير القطن والبوليستر، وأضاف أنه زار المصنع في عام 1991 ورأى أن العمل في المصنع quot;سيء نوعاً ما، لكنه كان لا يزال يعمل على غزل القطن والبوليسترquot;.

وأشار لويس إلى صعوبة التحري عن أسرار نووية في سوريا، وأضاف: quot;على الرغم من أن هذه الأدلة تنفي الاشتباه بوجود مصنع نووي في الحسكة، إلا أنها لا تبرئ سورياquot;.