بيروت:في جبل محسن الحي العلوي من مدينة طرابلس ذات الغالبية السنية في شمال لبنان، يترقب السكان باهتمام مسار الاحداث في سوريا المجاورة حيث تستمر منذ منتصف آذار/مارس الانتفاضة الشعبية المطالبة باسقاط نظام الرئيس بشار الاسد، مجاهرين بدعمهم للنظام السوري وثقتهم بquot;صموده في وجه المؤامرةquot;.
ويقول عبد اللطيف صالح، المسؤول الاعلامي في الحزب العربي الديموقراطي الذي يعتبر ابرز ممثل للعلويين في لبنان quot;نحن مع سوريا (...) هي الجار القريب والاخ والام، ولا يمكن ان ننسى تضحيات الجيش العربي السوري في لبنان التي لولاها لم يكن هناك سلم أهليquot;.
ويضيف quot;نحن مع سوريا، ليس لأن الرئيس بشار الاسد ينتمي الى الطائفة العلوية، بل لانها البلد الوحيد الممانع بوجه المشروع الاميركي الصهيوني، والبلد الاول الذي دعم المقاومة في لبنانquot;.
ويقلل صالح من اهمية الاحداث في سوريا مضيفا quot;ازور سوريا بشكل دائم، ولا الاحظ اي مظاهر مسلحة او وجود للجيش. ما تتعرض له سوريا اليوم هو هجمة بسبب مواقفهاquot;.
ويتابع صالح، وهو ايضا مختار هذه المنطقة الفقيرة المكتظة التي تحمل اثار الاهمال المزمن، quot;يتم تصويرنا على اننا نتعاطف مع سوريا على اعتبار ان النظام فيها علوي، علما انه لو تعاطت سوريا معنا على أساس طائفي لكان حالنا أفضل مما هو عليهquot;.
ويشكو العلويون من عدم وجود وزراء من طائفتهم في الحكومات، ومن عدم وصولهم الى مناصب الدولة العليا، مشيرين الى ان عددا منهم اضطروا الى تغيير مذهبهم للحصول على وظائف حكومية، اضافة الى الحرمان والفقر والتهميش وغياب المشاريع الانمائية في مناطقهم.
ولا يوجد احصاء دقيق للعلويين في لبنان، الا ان التقديرات تشير الى ان عددهم يتراوح بين مئة و120 الفا، ومعظمهم موجود في جبل محسن، اضافة الى تجمعات في بعض قرى قضاء عكار شمال طرابلس.
ورغم كونهم اقلية صغيرة في المجتمع اللبناني المتعدد الطوائف والمذاهب، فقد برز العلويون الى الواجهة خلال فترة النفوذ السياسي الواسع الذي تمتعت به سوريا وترافق مع انتشار كثيف لجيشها في البلد الصغير على مدى ثلاثة عقود (1976-2005). وبتأثير من دمشق، استحدث مقعدان للطائفة العلوية العام 1992.
في شوارع جبل محسن، تنتشر لافتات التأييد للنظام السوري وصور بشار الاسد والرئيس الراحل حافظ الاسد، ولا يختلف اثنان على ضرورة دعم النظام السوري.
ويقول محمود زيتون، وهو صاحب دكان ثلاثيني، quot;نحن مع الرئيس بشار الاسد حتى النهاية، انه يعمل لاجراء اصلاحات، لكن هناك حربا اعلامية وحربا عالمية عليهquot;.
ويؤكد ربيع محمد، وهو صاحب مقهى في المنطقة يتدلى من احد اعمدته علم سوري، ان الواقع في سوريا مختلف عما تعرضه وسائل الاعلام. ويقول quot;هناك مخربون واخوان مسلمون يعملون على التخريب ليس في سوريا وحدها بل في كل العالمquot;.
ويختلف المشهد في جبل محسن عنه في الاحياء الشعبية المجاورة ذات الكثافة السنية حيث ترتفع لافتات تأييد للمحتجين في سوريا، وحيث تنطلق باستمرار تظاهرات معارضة للنظام السوري انتهت احداها في حزيران/يونيو باشتباكات مسلحة اسفرت عن مقتل سبعة اشخاص.
ويفصل بين جبل محسن وباب التبانة شارع سوريا، الملتقى التجاري والمعيشي والسوق الوحيد في المنطقة الذي سرعان ما يتحول الى خط اشتباك كلما ارتفعت حدة التوتر السياسي. ويساهم انتشار السلاح على نطاق واسع في المنطقة في تحول اي استفزاز بسيط الى معركة، وان كان الجميع يؤكد رفض الاقتتال المذهبي.
ويقول علي فضة (28 عاما)، تاجر البسة، ان quot;الخوف المذهبي طبيعي جدا، لان الموضوع المذهبي تاريخيا هو الذي يشد العصب، لكننا نرفضهquot;.
ويصف فضة العلاقة بين اهل جبل محسن والجوار بأنها quot;+بورصة+ ترتفع وتنخفض بحسب المتغيرات السياسيةquot;.
ويؤكد ان معظم اصدقائه ليسوا من جبل محسن بل من احياء طرابلس الاخرى، مشيرا الى ان quot;الصراع سياسي، لكن الزعماء السياسيين يتمترسون بطوائفهم في زمن الازماتquot;.
ثم يضيف quot;القول ان العلويين سيكونون في خطر في حال تغير النظام السوري فيه الكثير من التبسيط، لان الشرق الاوسط كله سيكون حينها في خطر، لكنني متأكد ان النظام السوري لن يتغيرquot;.
ويرى استاذ العلوم السياسية في الجامعة اللبنانية الاميركية مروان رويهب ان التوتر في طرابلس quot;طبيعي في ظل الواقع الاقليمي والمحليquot;، وكذلك انعكاسات الاحداث السورية على quot;ميزان القوىquot; في لبنان.
ويوضح quot;هناك نظام سوري علوي اتهم باغتيال زعيم سني كبيرquot;، في اشارة الى مقتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري العام 2005، وتوجيه اصابه الاتهام الى سوريا في مرحلة اولى. كما يشير الى الاثر الذي تركته المعارك الطاحنة التي جرت في منتصف الثمانينات بين الجيش السوري وحلفائه ومنهم الحزب العربي الديموقراطي من جهة وتنظيمات مقربة من منظمة التحرير الفلسطينية معظمها سنية من جهة ثانية، وفرض على اثرها الجيش السوري سيطرته على مدينة طرابلس.
ويضيف quot;في حال اندلاع حرب اهلية في سوريا ذات طابع سني علوي، قد تقع مشاكل محدودة بين العلويين والسنة في طرابلس يمكن ان يعالجها الجيش اللبنانيquot;.
أما سقوط النظام السوري، فمن شأنه، بحسب رويهب، ان quot;يخفف الضغط على العلويين الموجودين في الواجهة اليومquot;، متوقعا ان تقتصر الارتدادات على اضعاف quot;بعض الزعماء الذين لهم ارتباط بالنظام السوريquot;.
ولا يستبعد رويهب في حال تعقدت اوضاع النظام السوري ان quot;يعمد العلويون الى تمييز انفسهم عنه، وان يقولوا نحن علويون لكننا لبنانيون ولا علاقة لنا بما يجري في سورياquot;.
التعليقات