برلين: تعاني ألمانيا علي كل المستويات في الوقت الحالي من أزمة فضيحة مدوية طالت جهازها الأمني المنوط به حماية أمن الدولة والذي يطلق عليه quot;هيئة حماية الدستورquot;.
فبعد الكشف عن قضية مقتل مهاجرين أتراك ويونانية من أصل تركي تم إغتيالهم في الفترة من 2000 إلى 2006 ثم بعد ذلك إغتيال شرطية ألمانية بطريقة أثارت الريبة والشك في دوافع القتل والتي حامت حولها الشبهات في كونها جرائم عنصرية، ما زال جهاز الأمن غير قادر على الوصول إلى الفاعلين رغم بشاعة جرائمهم، علماً أن ألمانيا واحدة من الدول التي تسمح تقنياتها الحديثة من المراقبة المشددة وإيقاف الجريمة قبل وقوعها إلا أن هذا الإخفاق دفع البعض إلى التشكيك في جهاز الأمن وإتهامه بالتراخي حيال القضايا العنصرية.
وقد تأزم الموقف بعد التأكد من وقوف النازيون الجدد وراء عمليات الإغتيال هذه، فبعد إلقاء القبض على شابة المانية لها علاقة بثلاثة من النازيين الجدد كانوا وراء سلسلة الاغتيالات التي طالت عشرة افراد من المهاجرين الأجانب اصبح الموقف الرسمي الألماني يعاني من حرج بالغ أمام العالم، وهو ما دفع المستشارة المانية أنجيلا ميركيل إلى وصف ذلك الوضع بانه quot;عارquot; علي ألمانياـ في نفس الوقت الذي اعترف فيه وزير الداخلية الألماني بيتر فريدرش بان الإرهاب النازي يسكن البلاد.
رغم هذا الوضع المشين لصورة المانيا أمام العالم إلا أن الإعلام الألماني لم يحاول الضغط على الحكومة أنذاك في محاولة الكشف عن تلك القضايا، وهو ما تساءلت عنه مجلة دير شبيجل اليوم في مقال لها عن الفضيحة بقولها في تقرير لها كيف يمكن يمكن لخلية نازية سرية أن تصول وتجول في البلاد طيلة 13 سنة دون أن يتم الكشف عنها رغم تمتع ألمانيا بجهاز أمن قوي؟ وفي نفس الإطار وجهت المجلة نقداً إلى الشعب الألماني وتساءلت عن حقيقة تعاطفه مع الضحايا الذين قتلوا علي يد النازيين الجددـ خاصة وأنه في خلال العقديين الماضيين تم اغتيال 150 شخصاً بسبب لون البشرة المختلف أو الثقافة المختلفة أو حتى العقيدة أو الرأي.
لقد دفعت هذه الفضيحة الجالية التركية في المانيا إلى توجيه الإنتقاد إلى سلطات الأمن التي تغاضت عن كشف هذه الجريمة طيلة الثلاثة عشر سنة الماضية خاصة وأن الضحايا كانوا أتراكا.
أما الصحافة التركية فقد ذهبت إلى ابعد من ذلك وأشارت إلى أنه ربما تغاضي العملاء السريين الألمان التابعين لجهاز المخابرات عن الإمساك بهؤلاء المجرمين بالنظر إلى أنهم كانوا يعرفون أنهم اقترفوا جرائم عنصرية من شأنها أن تضر بسمعة ألمانيا عالمياً، في سياق متصل وجهت الصحافة العالمية طيلة اليومين الماضيين إنتقادات حادة الى المانيا بشأن صعود التيارات اليمنية المتطرفة، وهو الأمر الذي دفع وزير الخارجية الألماني جيدو فيسترفيله إلى التصريح علي هامش انعقاد مؤتمر وزراء الخارجية للمجموعة الأوروبية في بروكسل بان ما حدث هو أمر سيء ليس لآلمانيا فقط ولا لأسر الضحايا إنما لسمعة ألمانيا على المستوي العالمي. وفي غضون ذلك، عقد الوزير فيسترفيله لقاء مع السفير التركي في برلين احمد اسيت في إشارة الى محاولة ألمانية لترضية الجانب التركي، وفي هذا الإطار قالت وزيرة العدل الألمانية quot;زابينة لويتهويزquot; إن هناك نية قوية لإعادة هيكلة جهاز الأمن كرد فعل علي إخفاقة في كشف العلاقة بين الجرائم التي ارتكبت في حق أبرياء وتنظيمات النازيين الجدد.
ممثل الجالية التركية في المانيا quot;كينان كولاتquot; لم يقف حيال ذلك الوضع صامتاً، إنما وجه إنتقادات حادة للسلطات الألمانية وطالبها بحماية الأقليات من نمو التيار النازي المتطرف، بل وطالت انتقاداته الألمان أنفسهم عندما قال إنهم يفتقدون التعاطف الإنساني، وكان يقصد عدم تظاهرهم أو تنديدهم بقتل الأتراك علي يد التيار النازي المتطرف فعملية القتل المتسلسل لم تصاحبها اي مظاهرات او تنديدات جماعية في الشورارع على غرار ما كان يحدث تجاه المواقف المسيئة في ألمانيا، وفي نفس الوقت وصف الإعلام الألماني بأنه كان هادئ ولم يتبني قضايا القتل هذه لمعرفة الفاعل وهو أمر يثير الشكوك.
في غضون ذلك تعاطف المركز اليهودي في ألمانيا مع قضية الأتراك وأمتنت الجالية التركية لذلك التعاطف ويقول quot;كولات: quot;في ذلك الصدد الي أنه لم يتلقي رد فعل من الكنيسة الألمانية حول تلك القضية في الوقت الذي تعاطفت معه كل الديانات الأخرى وطالب المانيا بان تبذل الجهد للحد من خطر الجماعات اليمينية المتطرفة.
من المثير في تلك القضية أن جهود الألمان إعلاميا وسياسيا كانت تتجه في الآونة الأخيرة إلى توجيه إنتقادات حادة للمسلمين المتشددين وتطالب باتخاذ تدابير لحماية المانيا من خطر ارهاب يحمل بصمات إسلامية وفي إطار هذا المناخ المتشدد حيال تلك الطائفة ونتيجة لتلك التعبئة الشعبية نمت الجماعات اليمنية المتطرفة وأصبحت تجد هدفا أمامها يتمثل في الخطر الإسلامي الذي يتوجب مقاومته حتى أن التقارير أفادت بأن 36% من الألمان اصبحوا يرون أن المانيا ستنتهي هويتها نتيجة نمو الأجانب داخلها، وقد زاد الطين بله كتاب quot;تيلو زراتينquot; المعنونـ quot;المانيا تلغي وجودهاـ إذا حذر فيه من التواجد الاجنبيي علي الاراضي الألمانية ووجه انتقادات للجالية العربية والتركية وساعد في بلبلة الراي العام بعد ان تم تداول الكتاب علي نطاق واسع في وسائل الإعلام وساهم في الحملة المعادية للأجانب التي تتجدد دائما فى الأوقات الصعبة التي تقع ألمانيا فيها كالأنتخابات أو تدهور في الاقتصاد او التعليم حيث يتم علي الفور إلقاء المشكلة علي الأجانب وإتهامهم بانهم هم الذين يقفون وراء هذا التدهور.
التعليقات