اختلفت آراء الخبراء حول إمكانية تعرّض نظام الأسد لعمل عسكري دولي، وانشطر الخبراء إلى فصيلين، وفي تصريح خاص لـ إيلاف استبعد أحدهما العمل العسكري اعتماداً على رؤى استراتيجية، بينما يرى الآخر أن لغة السلاح هي الوحيدة التي تُقصي النظام السوري، كما حدث مع نظيره السابق في ليبيا.


حاملة الطائرات الحربية بوش

محمد نعيم من القاهرة: تباينت رؤى الخبراء السياسيين والاستراتيجيين حول إمكانية العمل العسكري الدولي ضد النظام السوري.

وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، أعرب المبشّرون بالخطوة العسكرية ضد الأسد عن قناعتهم بضرورة تغاضي المجتمع الدولي عن الحلول السياسية للأزمة السورية، خاصة أن الأسد لا يعترف إلا بلغة السلاح، بينما اعتبر الفريق الآخر أن الوضع السوري يختلف عن نظيره السابق في ليبيا، إذ تلعب مسألة التحالفات الدولية دوراً كبيراً في تباين المواقف حيال بشار الأسد.

الخبير الاستراتيجي أحمد عز الدين، كان في طليعة الخبراء، الذين استبعدوا العمل العسكري ضد سوريا، وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot; رأى: quot;أن تلويح دول الناتو بالعمل المسلح ضد النظام السوري، لا يعدو كونه مناورة لحسم الموقف لمصلحة الشعب السوري، وربما يبدو الوضع في سوريا أكثر تأزماً عن نظيره الليبي، بسبب الموقف الروسي الموالي والداعم لبشار الأسد.

ولعل ذلك كان واضحاً في تصريحات وزير الخارجية الروسي سيرغيه لافروف، التي أدلى بها الثلاثاء، إذ اعتبر أن تلويح الغرب بالعمل عسكرياً ضد سوريا quot;استفزاز سياسيquot;، وبعبارة أخرى، تعرب الخارجية في موسكو بهذه التصريحات عن استعدادها للدفاع عن بشار الأسد، ورفضها تبني الاستراتيجية العسكرية في التعامل معه، وهو الموقف الذي يختلف تماماً عن الموقف الذي تبناه الناتو مع النظام الليبي السابقquot;.

دبلوماسية السفن الحربية
على الرغم من ذلك، أكد الخبير عز الدين في تصريحاته لـ quot;إيلافquot;، أن الولايات المتحدة وكندا وروسيا اعتمدت خلال الأيام القليلة الماضية سياسة (دبلوماسية السفن الحربية) gunboats diplomacy في منطقتي الشرق الأوسط والخليج العربي، ففي الوقت الذي تضع الولايات المتحدة خيار العمل العسكري مع إيران على الطاولة، تعلن موسكو أنها لن تسمح بالتدخل الأميركي والغربي بشكل عام في سوريا.

وأكد عز الدين ما سرّبته وسائل إعلام عبرية عن وجود حشود وتحركات عسكرية أميركية وكندية وروسية في المنطقة، وأضاف: quot;دبلوماسية السفن الحربية فرضت نفسها بقوة على أرض الواقع خلال الآونة الأخيرة، وتحديداً منذ الثاني عشر من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري، إذ عبرت حاملتا الطائرات الأميركيتان (بوش) USS Bush، و(ستانينيس) USS Stennis مضيق هرمز، ودخلتا مياه الخليج العربي، واستقرتا قبالة السواحل الإيرانيةquot;.

أما في ما يتعلق بالموقف الروسي إزاء تحركات واشنطن العسكرية غير التقليدية في مياه الخليج العربي، فرأى الخبير الاستراتيجي أحمد عز الدين، أنها استبقت خطوة روسية مناظرة، واستند عز الدين في حديثه إلى ما أوردته وكالة الأنباء السورية (سانا)، التي بثت خبراً مفاده: quot;أن سفن الأسطول الروسي تتأهب للوصول إلى سورياquot;، وتزامن ذلك - وفقاً للخبير الاستراتيجي - مع ما سرّبته وسائل إعلام اسرائيلية نقلاً عن مصادر وصفتها بالمقرّبة من القصر الرئاسي السوري حول دخول ثلاث سفن روسية إلى المياه الإقليمية السورية، وأن تلك السفن تستعد للرسو في ميناء طرطوس.

وأعرب الخبير الاستراتيجي أحمد عز الدين عن قناعته بأن تلك المعطيات ستجمد أي عمل عسكري ضد النظام السوري، خاصة الولايات المتحدة وحلفاؤها المؤيدون لتبني الخيار العسكري ضد الأسد، وستتلاشى أية مواجهة عسكرية غير محسوبة مع موسكو، إذ إن المفهوم الاستراتيجي للمواجهة المتوقعة سيخرج عن إطار إسقاط نظام قمعي، ليتوسع ويدخل في بوتقة صراع المحاور عسكرياً، أو بعبارة أخرى تحول منطقة الشرق الأوسط إلى ساحة قتال دولية، وهو الفخ الذي تتفادى الإدارة الأميركية السقوط فيه.

حرب (الوكالة) والقوى العربية
على النقيض من ذلك، وفي حديث خاص لـ quot;إيلافquot;، يرى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة: quot;أن الحديث السوري عن دعم موسكو لبشار الأسد، ووصول قطع بحرية روسية إلى ميناء طرطوس، لا ينطوي على مصداقية من مصدر رسمي، باستثناء قصر الرئاسة السوري، الذي يسعى بشكل غير مباشر إلى الترويج لوجود لتحالفات دولية داعمة، وأخرى مناهضة لنظام الأسد، وإن كانت الصين وروسيا قد صوّتتا في مجلس الأمن ضد أي قرار يقضي بتدويل الأزمة السورية، فلا يعني ذلك أنهما سيتدخلان عسكرياً ضد القوى الغربية، حال تفعيل الخيار العسكري ضد الأسد، فالمسألة في النهاية مسألة مصالح تربط بين القوى الدولية العظمى، وما يحاول نظام الأسد تصديره للعالم من دعم روسيا والصين لنظامه عسكرياً، هو مسعى أخير إلى إنقاذ نظامه من السقوطquot;.

حاملة الطائرات الأميركية ستننيس

لم يستبعد الدكتور طارق فهمي ما وصفه بـ quot;حرب الوكالةquot;، وتدخل قوى عربية في إطار تلك الاستراتيجية للعمل عسكرياً ضد النظام السوري.

وأضاف: quot;هناك قوات قطرية، وأخرى أردنية، شاركت في عمليات حلف الناتو العسكرية التي استهدفت نظام معمّر القذافي، ومن غير المستبعد أن تشارك ndash; وربما منفرده ndash; في التعامل عسكريًا مع نظام بشار الأسد، ولعل ذلك هو ما فطن إليه النظام السوري، عندما بعث بصهره آصف شوكت ليلتقي بالعاهل الأردني في عمّان، ويحذره من مغبة مشاركة قوات أردنية في هجوم غربي على سورياquot;.

إلى ذلك، يرى الدكتور فهمي أن الولايات المتحدة، وربما القوى الغربية، تسعى إلى تفعيل الخيار العسكري ضد سوريا، ليس من أجل إسقاط نظام بشار الأسد فقط، وإنما لاستغلال الأراضي السورية في تكوين (رأس جسر) يمكن عن طريقه توجيه ضربة عسكرية مستقبلاً للمنشآت النووية الإيرانية، وربما قاد هذا التوقع حكومة طهران إلى دعم النظام السوري بقوة، تفادياً لتمكين القوى الغربية من ضرب نظام بشار الأسد.

سقوط ورقة النظام السوري
في مقابل هذه الآراء المتباينة، تناولت تسريبات عبرية ما وصفته بالحشود والتحركات العسكرية الروسية قبالة السواحل السورية، مشيرة إلى أن البارجات الروسية لن تقف في ميناء طرطوس، وإنما ستقوم بنشاط عملياتي لإحباط عمليات الدعم اللوجيستي والعسكري، الآتية من تركيا ولبنان، للثوار والمتمردين في سوريا، انطلاقاً من قناعة موسكو بأنها تقوم بمهمة مكافحة قراصنة وعناصر إرهابية في مياه البحر الأبيض المتوسط، إلا أن تلك السفن، وفقاً للتسريبات العبرية، تعمل على جمع المعلومات الاستخباراتية، فضلاً عن تخصصها في الحرب الالكترونية EW.

وفي المياه عينها، بحسب التسريبات العبرية، تقف سفن الأسطول الكندي، التي سبق وشاركت في عمليات الناتو، التي أسقطت النظام الليبي، ونقلت صحيفة معاريف العبرية في هذا الصدد تصريحات لوزير الدفاع الكندي quot;بيتر مكايquot; Peter MacKay، الذي تعهد بأن أسطول بلاده لن يغادر مياه البحر الأبيض المتوسط، إلا بعد إسقاط الأنظمة الديكتاتورية في منطقة الشرق الأوسط، ملمحاً إلى سقوط ورقة أحد هذه الأنظمة، في إشارة إلى نظام بشار الأسد، إلا أنه أضاف: quot;هناك العديد من الخطوات الاستباقية، التي ينبغي انتظارها، قبل التصعيد العسكري ضد الرئيس السوريquot;.

وكشفت التسريبات العبرية عن أن القطع الحربية الكندية الموجودة في مياه البحر الأبيض المتوسط هي البارجة (فينكوفير) HMCS Vancouver، و(شارلتوان) HMCS Charlottetown، كما ألمحت التسريبات عينها إلى أن وزير الدفاع الكندي هو الشخصية الغربية السياسية البارزة التي تدعم على طول الخط توجيه عملية عسكرية ضد النظام السوري.