أسلحة مهرّبة ومراقبة الحدود مع سوريا |
يخشى مسؤولون عراقيون من أن يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا إلى ارتفاع معدلات تهريب الأسلحة، بعدما وصلت إلى أدنى مستوى لها في السنتين الأخيرتين. ويذكر أن مهرّبي الأسلحة وصلوا إلى مرحلة كانوا يفرضون فيها أجندة معيّنة على القوات الحكومية.
بغداد: يقلق العراقي أبو تحسين كثيرًا على عمله في مجال تجارة الأسلحة، بعد تحسن الوضع الأمني، فبعدما استمر في بيع الأسلحة والذخائر والعدد الحربية لسنوات، ها هو يَحذر اليوم كثيرًا، ويحاول تجنّب المساءلة القانونية، بعدما فرضت القوى الأمنية سيطرتها على الشارع، إضافة إلى انحسار مظاهر التسلّح في العلن إلى حد كبير.
لكنه يؤكد أنمعظم العراقيين يمتلكون أسلحة في السرّ، وأن تجارة الأسلحة قائمة على قدم وساق. ويضيف: quot;الفرق أنها انتقلت إلى خلف الكواليس، بعدما كانت تحدث علناًquot;.
ويشير أبو تحسين إلى أن المصدر الأول للأسلحة المهرّبة، هو إيران، بسبب طول الحدود ووعورتها، وضعف الرقابة الحدودية، التي تعتمد في عملها على تقنيات بدائية.
المدن الحدودية
ويشير حسين زامل، الذي يبيع الأسلحة الخفيفة عبر شبكة معارف يثق فيهم، إلى أنه كلما اقتربنا من المدن الحدودية... كلما ازدهرت تجارة الأسلحة.
ويلفت إلى أن ما بحوزته من مسدسات، مصدرها شمال العراق وديالى، المنطقة التي تعتبر حاضنة لعصابات تهريب الأسلحة والمخدرات من إيران وشمال العراق حتى الآن.
وبرغم أن السلطات الأمنية تعزز دوريات الحدود في محافظة ميسان (320 كم جنوب شرق بغداد)، في مناطق الشريط الحدودي مع إيران، إلا أن سليم عبيد من العمارة يؤكد أن التهريب مستمر، لكن بوتيرة أقل.
وساهم استتباب الوضع الأمني في انحسار المجموعات المسلحة والمهرّبين، الذين غيّروا من أساليبهم المكشوفة في التهريب.
ويؤكد النقيب رحيم العادلي أنه لا يمكن القضاء على التهريب بشكل كامل، فهناك مجموعات صغيرة غير منظمة تهرّب المخدرات والأسلحة.
نفوذ المهربين
في الفترة ما بعد عام 2003 ولغاية نهاية عام 2006، صار نفوذ المهرّبين أقوى من قوات الحدود، بلكانوا يفرضون أجندة معيّنة على الشرطة والقوات الحكومية.
ويوضح العادلي أن المهرّبين كانوا يتعاونون معمجموعات مسلحة منظمة، تمتلك الصواريخ وقذائف الهاون، والعبوات الناسفة المصنعة، وتحمل أجندة سياسية.
ويضيف: في الكثير من الأحيان لا يعرف المهرّب إلى من ستصل هذه الأسلحة المهرّبة، هل إلى ميليشيات مرتبطة بأحزاب سياسية أم إلى عصابات، أم إلى الأهالي الذين يفضّلون المسدسات والبنادق للاستعمال الشخصي.
وكان معبر زرباطية ndash; بحسب العادلي - المركز في عمليات التهريب لفترة طويلة، حيث كانتتهرّب عبره قذائف الهاون والصواريخ والعبوات الخارقة للدروع.
اعتراف رسمي
يأتي اعترافرئيس أركان الجيش العراقي الفريق بابكر زيباري، هذا الأسبوع، عن وجود نشاط للإرهابيين ومهرّبي المخدرات والأسلحة والمتفجرات عبر الحدود بين العراق وإيران، كدليل على قوة هذه التجارة غير المشروعة، وقدرتها على الإستمرار، على الرغم من تشديد الرقابة الأمنية.
ويقول الخبير الأمني المتقاعد سعيد كامل، الذي خدم عسكريًا على الحدود مع إيران طيلة عقد من الزمن، إن طول الحدود مع دول الجوار، لا سيما إيران، إضافة إلى صعوبة التضاريس، يجعل من الإمساك بالأرض بصورة مطلقة أمراً مستحيلاً.
ويتابع كامل: quot;منذ تأسيس الدولة العراقية، وعمليات التهريب لم تتوقف مع دول الجوار، لا سيما إيرانquot;. ويقول: quot;هناك عمليات تهريب مستمرة مع سوريا والأردن والسعودية، لكن بدرجة أقل، وتشمل، إضافة إلى تهريب الأسلحة، تهريب المواشي والمخدراتquot;.
ويشير رحيم جاسم من الديوانية (193 كلم جنوب بغداد) إلى رجله المبتورة بسبب لغم انفجر فيه، أثناء محاولته تهريب أسلحة من إيران عام 2006. ويقول: quot;كانت لحظة حاسمة في حياتي، وكنت مجازفًا أكثر مما ينبغي، برغم علمي أن المنطقة مزروعة بالألغام منذ الحرب العراقية الإيرانية (1980 - 1988)،إلا أنني اجتزت المنطقة بحماسة شديدة، ظناً مني أن ذلك سيساهم في الحصول على أسلحة نقاتل بها الأميركيين.
ويضيف جاسم أنه لم يكن ينتمي إلى أي حزب أو مجموعة سياسية، وأن ما فعله كان بشكل فردي، وبالتعاون مع أشخاص عدة.
لكن التهريب في العراق، يحدث بالعكس أيضًا، فبعد عام 2003 هُرّب الكثير من أسلحة الجيشالعراقي السابق إلى سوريا، والأردن، وإيران على وجه الخصوص، عبر مهرّبين يجتازون الحدود سيراً على الأقدام أو على البغال، كما يحصل على الحدود مع إيران في منطقة كردستان.
تهريب ستين مليون قطعة سلاح
ويقول قيس ناجح، وهو تاجر أسلحة quot;صغيرquot; إن حوالى ستين مليون قطعة سلاح هُرّبت من مخازن الجيش العراقي السابق، وانتشرت بين العراقيين، وهُرّب قسم منها إلى خارج العراق. ويتابع: quot;بيعت في كل مدن العراق، أسلحة خفيفة من بنادق ومسدسات ورماناتquot;.
وفي عام 2005 كان علي التميمي المفوّض في الشرطة، أحد أفراد مجموعة أمنية ألقت القبض علىمجموعة من الحمير التي تنقل أسلحة من إيران إلى العراق.
الجدير بالذكر أن عمليات تهريب الأسلحة لأغراض سياسية وعسكرية، هي عمليات سرية، ولا يمكن الخوض فيها من دون استطلاع خاص.
وبحسب ضابط الأمن ليث المعموري، فإنهؤلاء بعيدو المنال بشكل مطلق.ولهذا السبب فإن هذا التقرير يتحدث عن عمليات تهريب الأسلحة بشكل فردي، لاسيما الأسلحة الخفيفة، والأسلحة الشخصية، التي غالبًا ما تقوم بها عصابات أو مجموعات محدودة العدد، تقوم بالتهريب لأغراض تجارية فحسب، بحسب إدعاءات أفرادها.
ويقول كريم الدليمي إن مركز التنف، على الحدود مع سوريا، كان حتى وقت قريب مركزاًلتهريب الأسلحة من وإلى العراق. ويتابع: quot;في المنطقة المجاورة للمركز، كان هناك الكثير من البدو وأبناء المنطقة، يعرفون أدق التفاصيل عن عمليات تهريب الأسلحة والبضائع والمواشيquot;. ويضيف: quot;لكنهم لن يبوحوا لك بأي شيء إلا إذا وثقوا بكquot;.
تهريب الأسلحة مع سوريا
يخشى مسؤولون عراقيون من أن يؤدي تدهور الأوضاع الأمنية في سوريا إلى زيادة معدلات تهريب الأسلحة من جديد عبر الحدود، بعدما وصلت إلى أدنى مستوياتها في السنتين الأخيرتين.
وفي آب 2011 اعتقلت السلطات المختصةضباطاً عراقيين متورطين في عمليات تهريب الأسلحة إلى إيران، بحسب مصدر في الداخلية العراقية، الذي أكد أن تهريب الأسلحة من إيران عبر محافظة ميسان مستمر، وبكميات كبيرة، تتضمن صواريخ وقذائف.
ويقول الملازم أول على حسين، الذي عمل قرابة السنتين في قاطع العمارة، إن هناك تغاضيًا عن الكثير من مهرّبي الأسلحة، ولأسباب تثير الشكوك حول الغرض من ذلك.
ويتابع: quot;هناك تجار أسلحة معروفون من الجميع، لكنهم يتنقلون بكل حرية، ولا يلقى القبض عليهمquot;. ويعتقد حسين أن السبب وراء ذلك قد يكون سياسياً أو صفقات فساد مشبوهة.
التعليقات