مع إشتداد الخناق على النظام السوري وتداول بعض التقارير التي تتحدث عن إمكانية لجوء الرئيس بشار الأسد إلى العراق كونها الدولة الوحيدة التي عارضت تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية ينقسم العراقيون في نظرتهم لمثل هذا السيناريو بين مؤيد ومعارض.


الخناق يزداد على النظام السوري

بغداد: يختلف العراقيون في الجدل المفترض حول منح الرئيس السوري بشار الأسد حق اللجوء السياسي اذا ما طلبه من الحكومة العراقية، ففي الوقت الذي أكد البعض أن سقوط نظامه غير قابل حتى للافتراض وأنه باق وان اجتمعت الدنيا عليه لإسقاطه، يؤكد آخرون أنه سيكون من المحزن إقدام بغداد على منح بغداد الأسد حق اللجوء لاسيما أن العراق عانى خلال السنوات الثمان الماضية من هذا النظام لسماحه بتدفق الإرهابيين، وقد تخرج تظاهرات للتنديد بهذا الإجراء في حال تحقق، لأن من الظلم منح الدكتاتوريين اللجوء.

وتأتي هذه الاراء التي أدلى بها عراقيون إلى quot;إيلافquot; مع ارتفاع وتيرة الأحداث في سوريا، حيث بدأت الأخبار تتحدث عن إمكانية لجوء سياسي للرئيس السوري بشار الأسد إلى دولة ما، في وقت تتجه الأصابع أكثر نحو العراق كونه البلد المحتمل لهذا اللجوء لأسباب متعددة، إذ أن اغلب الدول العربية دعت الأسد إلى التنحي.

الإعلامي والأديب صلاح زنكنة، يقول: quot;يبدو أن العراق للأسف الشديد سيمنحه اللجوء إذا ما طلب، وبخاصة بعد موقف العراق المخيب للامال إزاء تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية، وأنا ضد لجوء أي دكتاتور في اي بلد في العالم، لأن هؤلاء عاثوا فسادا وقتلا وذبحا بالشعب، وإذا ما كان الخلاص لهؤلاء اللجوء لدول أخرى فالشعب لمن يلجأquot;.

وأضاف: quot;وبلا شك أن منح بشار الاسد اللجوء سيخلق ازمة كبيرة على صعيد الربيع العربي أيضاً... وفي العراق سيحدث تداعيات، ونحن نعرف أن العراق في الاساس عبارة عن سطح ساخن دائماً، وبحاجة إلى من يشعله ليحترقquot;.

أما المحامي طارق حرب، رئيس جمعية الثقافة القانونية، فكان له رأي مغاير، فقال: quot;لا أتوقع إطلاقاً أن نظام بشار الاسد ينهار، ولو اجتمعت الدنيا بأجمعها عليه، وربما اتوقع انهيار دول خليجية قبله، لسبب بسيط، يتمثل في كون نظام الأسد يمتلك شيئاً مفقوداً لدى كل الأنظمة، وهو أن الأغلبية تؤيده، يعني لا يمكن أن نقتنع باعلام يقول إن مظاهرة بخمسة الاف فرد ضده ونرى بالاعلام مئات الالاف يؤيدونه ولا نصدق، بشار الأسد أسس دولة ديمقراطية، دولة مكونات، دولة بعث ليست شبيهة بدولة البعث العراقي نهائياً، اي لا يمكن مقارنة بشار الأسد بصدام اطلاقًا وإن سقط بشار الأسد فالويل.. الويل لأميركا وللعراقيين بدليل أن أميركا ولمدة تسع سنين وجنديها لم يستطع ان يجلس في مقهى ببغداد، ولو أن غبيا جاهلا بليدا احتل العراق لكان جلس، فالبريطانيون حينما احتلوا العراق في الاسبوع الأول جلسوا في المقاهي. وأضاف: quot;أنا ارفض أن الاسد يسقط، ولن يسقط نهائياً، وليس هنالك اي افتراض لسقوطه كي أقول انه سيطلب اللجوء.quot;

اما الاديب والتدريسي مروان عادل فقال: quot;هناك غصة في النفس من التحفظ الذي ابداه العراق تجاه قضية سوريا، فهذه الجامعة العربية التي تتهم دائما بمداهنتها للدكتاتوريات وبالتراخي واللامبالاة، لأول مرة في حياتها اتخذت قرارا صائبا،هذا العراق الذي صار له ثماني سنوات متأذيا من النظام السوري والذي عانى من النظام البعثي ذاته، وعانت الحكومة العراقية الحالية من شقيق هذا النظام السوري في العراق ومن الأساليب نفسها، بالإضافة إلى أن النظام السوري يحتضن (افراخ) الدكتاتورية، ومن هناك تصدر البيانات والقرارات ويبعث الموت إلى هنا، لا اعرف ما الذي يبرر غير ان اشارة جاءت من مكان ما ليتحفظ العراقquot;.

وأضاف: quot;أنا كمواطن عراقي سوف (اقلب الدنيا) اذا ما منحت الحكومة اللجوء لبشار، وان كنت أتوقع أنها ستمنحه ذلك، وهذا يمثل خيبة امل ونقطة سوداء في جبين الحكومة، واعتقد أن المواطنين سيشعرون بالقهر، واعتقد أن العراقيين سيتظاهرون ضد القرار، وان كانت مظاهراتهم غير مجدية، لأن هناك لعبة سياسية تجعلنا نصغر الى حد أن نتحول إلى كرة يلعب بنا الآخرونquot;.

وقال الاعلامي محمد مزيد: quot;لا اعتقد أن الحكومة العراقية ستقدم على هكذا (مغامرة) كما اسميها، باستقبال بشار الأسد كلاجئ، لأن المعطيات التي شابت بعد تغيير النظام السابق كانت فيها اصابع الاتهام الشعبية تتجه نحو سوريا، كونها راعية وحاضنة للارهاب وللانتحاريين العرب مما يجعل اي مسؤول في الدولة العراقية يفكر كثيرا قبل الإقدام على هكذا قرارquot;.

وأضاف: quot;وإذا ما حدث ومنحت الحكومة العراقية اللجوء لبشار الاسد فأنا واحد من الناس الذين سيخرجون لمقاتلة الحكومة التي أنا معها الآنquot;.

وبدوره قال الشاعر والإعلامي رعد البصري: quot;هذا احتمال قد يكون بعيداً بعض الشيء، لان الحكام العرب يعلمون جيدا بأنهم مجرمون بالفطرة والدكتاتوريات لا تطلب لجوء لانها تعرف انها ستحاكم وخصوصا في بلد قريب مثل العراق، ونحن نعرف أن للنظام السوري يد في العمليات الارهابية خصوصا ما بعد عام 2003 ولكن مع ذلك، مع اعتقادي أن الاحتمال بعيد جدا، واذا ما كان مطروحا لدى نظام الأسد، لا أرى أن على الحكومة العراقية ان توافق لانها لاعب مهم في المنطقة، وقد تثير غضبة الشعوب التي تدعو الى التحرر اذا ما قبلت بهذا اللجوءquot;.

ومن جهته قال الكاتب والإعلامي محمد الكعبي: quot;أتوقع من الممكن أن يمنح اللجوء السياسي في العراق، لكنني لا أتوقع ان تصل الامور الى حد ان يخرج الرئيس الاسد من بلاده وان تستسلم سوريا بسهولة للمخططات الخارجية، أنا اعتقد أن سوريا ورقة ستراتيجية مهمة في المنطقة، وبالتالي تترتب تداعيات وويلات خطيرة في المنطقة إذا ما سقط النظام، ولهذا اعتقد ان عدد المتطرفين الذين ينادون بالحرية لا تهمهم سورية ولا النظام الديمقراطي وانما يهمهم تخريب البلاد وتنفيذ مخططات خارجيةquot;.

وأضاف: quot;رغم انني مؤمن بعدم انهيار النظام في سوريا، إلا اننا لو افترضنا ذلك جدلاً، ووصلت الامور الى حد يقصى فيه الرئيس الأسد من السلطة، فأنا اعتقد أن العراق من الممكن أن يمنحه اللجوء السياسي دون أن يترتب على الورقة العراقية بوجود الأسد أي تداعي، لان الرئيس الأسد طالما احتضنت بعهده وعهد ابيه قوى المعارضة السياسية العراقية، ولطالما كتب المعارضون العراقيون من سورية وعاشوا في رحاب سوريا، وبالتالي جزء من رد الجميل ان يمنح الرئيس الأسد اللجوء في العراقquot;.