تظاهرة ضد الأسد في حمص

قرر النظام السوري، الذي ازدادت عزلته مع فرض أنقرة عقوبات عليه، مقاطعة اجتماع للجامعة العربية في الرباط الأربعاء، يتوقع خلاله التصديق على قرار تجميد عضوية دمشق في الجامعة، في حين استمر القمع الدموي للحركة الاحتجاجية وحصد ثمانية قتلى مدنيين الثلاثاء رغم الإفراج عن أكثر من ألف موقوف.


دمشق: يعقد في الرباط الأربعاء، في اليوم نفسهالذي سيدخل فيه قرار تعليق عضوية دمشق في الجامعة العربية حيز التنفيذ، اجتماع وزاري عربي مخصص لبحث الأزمة السورية، وذلك على هامش أعمال منتدى تركيا-البلدان العربية.

وقالت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إنه بعد قرار وزراء الخارجية العرب في القاهرة السبت تعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية quot;عملت بعض الدول العربية الشقيقة على طرح حلول لإعادة المصداقية والشرعية إلى طريقة عمل الجامعة العربية ودورها، كما أكدت على الأهمية البالغة لحضور سوريا الاجتماع الخاص بالتعاون العربي-التركي، والاجتماع الوزاري لمجلس الجامعة العربية في الرباطquot;.

وأضافت سانا نقلاً عن مصدر مسؤول في الخارجية السورية quot;نتيجة لذلك قررت سوريا المشاركة في هذين الاجتماعين تلبية لرغبة هذه الدول العربية وإيمانًا منها في تعزيز العمل العربي المشترك بعيدًا عن ردود الأفعال، على الرغم من معرفتها بما يحاك ضدها من الضغوط التي تمت ممارستها على الدول التي سعت إلى استصدار هذا القرار المشينquot;.

وتابع المصدر إنه quot;في ضوء التصريحات التي صدرت من مسؤولين في المغرب، والتي تم إبلاغنا بها رسميًا، فقد قررت سوريا عدم المشاركة في هذين الاجتماعينquot;. ولم تأت سانا على ذكر مضمون التصريحات التي صدرت من المسؤولين المغربيين المشار إليهم، ولا حددت هوياتهم.

وكان وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري أعلن الثلاثاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي أحمد داود أوغلو أن quot;أي وفد سوري يمكنه المجيء إلى المغرب في إطار ثنائي (...) إن سوريا دولة شقيقةquot;، من دون التطرق تحديدًا إلى مشاركة دمشق في لقاءات الأربعاء في الرباط.

وكان مجلس وزراء الخارجية العرب قرر في 12 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري في القاهرة تعليق عضوية سوريا في الجامعة اعتبارًا من 16 الجاري، إن لم يتوقف النظام السوري عن قمع معارضيه. ويجتمع الوزراء العرب في الرباط في حين يزداد الضغط على نظام الرئيس بشار الأسد، الذي يواجه منذ ثمانية أشهر حركة احتجاج شعبية، أخذت ترتدي طابعًا مسلحًا في العديد من مناطق البلاد.

موقف لبنان

إلى ذلك، ترددت معلومات عن quot;تغيير في الموقفquot; اللبناني، سيتم التعبير عنه في اجتماع الرباط اليوم. وأوضحت مصادر في وزارة الخارجية اللبنانية في تصريحات صحافية ردًا على هذه المعلومات أن موقف لبنان في اجتماع الرباط غير واضح مسبقًا، وهو مرتبط بما سيطرح في المداولات، وما من تصور مسبق لما ستؤول إليه المسألة لجهة التحول في الموقف المعلن يوم السبت الماضي في القاهرة.

لكنها قالت إن الإطار العام لن يتخطى ما سبق وأعلنه رئيس الجمهورية ميشال سليمان عن رفض لبنان لعزل أي بلد، مشددة على أنه من الصعب أن يتخذ لبنان موقفًا معاكسًا أو مناقضًا لما أعلنه في مصر، فيما أكدت مصادر في رئاسة الحكومة أن القرار سيتخذ في مجلس الوزراء.

هذا وأكد مجلس الوزراء اللبناني أن القرار الذي اتخذه لبنان quot;يهدف إلى حماية الاستقرار الداخلي والسلم الأهليquot;. وأكد بيان صادر من المجلس، بعد اجتماعه مساء الثلاثاء، نقلاً عن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أن quot;القرار الذي اتخذه لبنان أخيرًا في اجتماع وزراء الخارجية العرب في شأن سوريا يهدف أولاً وأخيرًا إلى حماية الاستقرار الداخلي في لبنانquot;.

وأضاف إن quot;المداولات الداهمة التي حصلت على عجل أفضت إلى الموقف اللبناني، الذي انطلق من الحرص على استقرار لبنان وعلى سلمه الأهلي، وليس من أي خلفية أخرىquot;.

وتابع ميقاتي، بحسب بيان مجلس الوزراء، إن quot;لبنان سيبقى متفاعلاً مع محيطه العربي وجزءًا من العالم العربي. والموقف اللبناني انطلق من اعتبارات ووقائع تاريخية وجغرافية تراعي الخصوصية اللبنانية، ويتفهمها الأخوة العربquot;.

وأشار إلى أن الموقف مرده الأساسي quot;التحفظ، ليس على الدعوة إلى وقف العنف والمطالبة بالحوار سبيلاً وحيدًا للحل، بل على موضوع تجميد عضوية سوريا في الجامعة العربية، لأن السياسة اللبنانية (...) هي ضد العزل، الذي يعاقب الناس ويقطع سبل الحوارquot;.

تواصل حملة القمع

والثلاثاء، تواصل القمع الدموي، وأسفر عن مقتل ثمانية مدنيين، أحدهم طفل، كما أفادت منظمة حقوقية، وذلك غداة مقتل أكثر من 70 مدنيًا وعسكريًا في أحد أكثر الأيام دموية منذ بدء الحركة الاحتجاجية ضد نظام الرئيس بشار الأسد.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان في بيان إن quot;ثمانية مدنيين قتلوا بإطلاق رصاص اليوم الثلاثاء، وانضموا إلى قافلة شهداء الثورة السوريةquot;. وأضاف المرصد، الذي يتخذ من لندن مقرًا له، إن ثلاثة من القتلى سقطوا في مدينة حمص (وسط)، واثنين في بلدة الحارة في محافظة درعا (جنوب)، وواحدًا في طيب الإمام في ريف حماه (وسط)، وطفلاً في بلدة كفرومة، وشابًا في خان شيخون، اللتين تقعان في محافظة إدلب (شمال غرب).

إضافة إلى هؤلاء القتلى الثمانية، quot;تم الثلاثاء تسليم جثامين أربعة مواطنين إلى ذويهم في ريف إدلب وحمص وداريا (ريف دمشق) كانوا قد اعتقلوا قبل أيامquot;، بحسب المرصد. وأوضح المرصد أنه quot;صباح الثلاثاء وصلت إلى المشفى الوطني في حمص 19 جثة لمجهولينquot;، معربًا عن خشيته من أن quot;تكون هذه الجثث لمواطنين اختطفتهم مجموعة من الشبيحة خلال اليومين الماضيينquot;.

وتواصلت الثلاثاء الاشتباكات بين الجيش ومسلحين، يعتقد أنهم جنود انشقوا عنه. ففي درعا، مهد الحركة الاحتجاجية، قتل خمسة جنود نظاميين في هجوم لمنشقين، في حين دارت اشتباكات مماثلة في محافظة إدلب (شمال غرب) أسفرت عن quot;مقتل و إصابة 14 جنديًا نظاميًاquot;، بحسب المرصد.

يتعذر التحقق من هذه الأرقام من مصدر مستقل، إذ يمنع على وسائل الإعلام الأجنبية التنقل بحرية في سوريا، حيث أسفر القمع وأعمال العنف عن أكثر من 3500 قتيل، بحسب الأمم المتحدة. في المقابل أفرج النظام عن أكثر من ألف موقوف ممن اعتقلوا خلال قمع الحركة الاحتجاجية quot;ممن لم تتلطخ أيديهم بالدماءquot;.

وقال التلفزيون الرسمي إنه تم quot;إخلاء سبيل 1180 موقوفًا تورّطوا في الأحداث، ولم تتلطخ أيديهم بالدماءquot;. وفي الخامس من تشرين الثاني،/نوفمبر، وفي مناسبة عيد الأضحى، أفرجت السلطات عن 553 موقوفًا اعتقلوا خلال عمليات القمع. وأكد المرصد أن quot;السلطات السورية أفرجت عن الدكتور كمال اللبوانيquot; المعارض الشهير ومؤسس التجمع الليبرالي الديموقراطي في سوريا.

العزلة الدولية تشتد على الأسد

وازداد الخناق الثلاثاء على النظام السوري، فبعد التدابير التي أعلنتها الجامعة العربية، قررت تركيا وقف تعاونها مع سوريا في مجال التنقيب عن النفط، مهددة أيضًا بإعادة النظر في إمداد سوريا بالكهرباء. بدوره صرح رئيس الوزراء التركي رجب طيب إردوغان أن تركيا فقدت كل أمل في أن يلبّي النظام السوري مطالب الأسرة الدولية في بدء إصلاحات ديموقراطية ووقف العنف.

وقال إردوغان أمام البرلمان quot;لم نعد ننتظر أن تبرهن إدارة الأسد على قيادة شريفة ومقنعة وشجاعة ومصممةquot;، مضيفًا quot;لم يعد أحد ينتظر منه أن يمتثل لمطالب الأسرة الدوليةquot;. ورحّب البيت الأبيض بالعقوبات التركية، مؤكدًا أنها دليل على ازدياد quot;عزلةquot; الرئيس بشار الأسد، الذي طالبه مجددًا بالرحيل.

وصرح بن رودز المستشار المساعد لشؤون الأمن القومي لدى الرئيس الأميركي للصحافيين أن quot;تصريحات تركيا اليوم تظهر أن الرئيس الأسد بات معزولاً. إننا نرحّب بموقف تركيا وحزمها، الذي يوجّه رسالة مهمة جدًا إلى الرئيس الأسد مرة أخرى، مفادها أنه لا يمكنه قمع تطلعات شعبهquot;.

وأضاف رودز أنه على الأسد quot;التخلي عن السلطة، لأن ذلك من مصلحة شعبهquot;،وقال quot;نرى المزيد من المعارضة الدولية للرئيس الأسد، ونرحّب بذلكquot;. وفي مؤشر آخر على تزايد عزلة الأسد، رفضت دول الخليج العربية عقد قمة للجامعة العربية حول الأزمة السورية، كانت دمشق دعت إليها.

في المقابل، تدرس الجامعة العربية quot;آلية لحماية المدنيينquot;، وتأمل في إرسال 500 عضو من منظمات عربية لحقوق الإنسان ووسائل الإعلام ومراقبين عسكريين إلى سوريا. وفي أول تصريح عربي على هذا المستوى، دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني الرئيس السوري إلى التنحّي.

وقال العاهل الأردني quot;أعتقد أنني لو كنت مكانه لتنحيت... وكنت سأتنحّى، وأعمل على ضمان أن تكون لدى أي شخص يأتي من بعدي القدرة على تغيير الوضع الراهن الذي نراهquot;. وانتقد الأردن حملة القمع التي يشنّها النظام السوري منذ أشهر ضد التظاهرات المناهضة له.

وقال الملك عبد الله أن على الأسد أن يفتح حقبة جديدة من الحوار السياسي قبل أن يتنحّى، مضيفًا quot;مرة أخرى لا أعتقد أن النظام يسمح بذلك، لذلك إذا كانت مصلحة البلاد تهمّ بشار فإنه سيتنحّى، لكنه سيوجد كذلك القدرات لبدء مرحلة جديدة في الحياة السياسية السوريةquot;.

بعد هذه التصريحات، قال سفير الأردن في دمشق عمر العمد إن شخصين من ضمن حوالى 120 متظاهرًا سوريًا تمكنا من اقتحام سور مبنى السفارة الأردنية في دمشق الاثنين، وإنزال العلم الأردني وتمزيقه.

وأضاف إن quot;الأمن السوري لم يتخذ أي إجراء لمنع هذين الشخصين من الدخول إلى باحة السفارةquot;، نافيًا الأنباء التي تناقلتها مواقع الكترونية عن رفع علم حزب الله اللبناني أو العلم السوري مكان العلم الأردني. ودان مجلس الأمن quot;بأقسى العباراتquot; الثلاثاء الهجمات التي استهدفت عددًا من السفارات والمقار القنصلية في سوريا.

وأعرب المجلس، الذي عادة ما ينقسم حول سوريا والقمع الدامي للتظاهرات، عن quot;قلقه العميق في شأن تكرار تلك الهجماتquot;، وطلب من السلطات السورية quot;حماية البعثات الدبلوماسية وموظفيهاquot;، وquot;احترام واجباتها الدولية في هذا الصددquot;. ويشكل تبني هذا الإعلان تقدمًا في مجلس الأمن في شأن سوريا.

أوروبا تعلن عن قائمة الأشخاص المضافة إلى لائحة العقوبات

أوروبياً، ضمت لائحة الشخصيات المشمولة بالعقوبات الجديدة التي فرضها الاتحاد الأوروبي على سوريا الاثنين 18 شخصية، بينهم ضباط، على رأسهم رئيس الأركان ومحام مسجل في نقابة المحامين في باريس.

وكان وزراء الخارجية في الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي قرروا الاثنين إضافة هذه الشخصيات، ومعظمها من العسكريين، على 56 شخصًا تشملهم عقوبات فرضت منذ نهاية آب/أغسطس، وتنص على تجميد أموالهم، ومنعهم من الحصول على تأشيرات دخول إلى أوروبا.

وفي اللائحة، التي نشرت في الجريدة الرسمية للاتحاد الأوروبي، أدرج اسم رئيس الأركان السوري العماد فهد جاسم الفريج، وقائد القوات الخاصة وقائد أحد ألوية الحرس الجمهوري أوس أصلان. وهؤلاء متهمون بأنهم quot;مسؤولون عن اللجوء إلى العنف، الذي يمارس على المتظاهرينفي كل الأراضي السوريةquot; كما جاء في النص.

وتشمل اللائحة أيضًا عبد الله بري quot;المسؤول عن ميليشيا موالية للحكومة متورّطة في القمع العنيفquot; في مدينة حلب، وعددًا من قادة المخابرات العسكرية كما أضاف النص.

وعلى اللائحة أيضًا المحامي بسام صباغ عضو نقابة المحامين في باريس، المتهم بتقديم quot;دعم لتمويل النظامquot; وquot;مشاركة بشار الأسد في تمويل مشروع عقاري في اللاذقيةquot; بحسب النص.

المعارضة السورية تطالب روسيا بالتشدد مع نظام الأسد

إلى ذلك، طلب وفد من المعارضة السورية في الخارج الثلاثاء من روسيا أن تكون أكثر تشددًا مع نظام الرئيس بشار الأسد، خلال محادثات في موسكو مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الذي ترفض بلاده دعم عقوبات على دمشق.

وخلال المحادثات في وزارة الخارجية الروسية، دعا المجلس الوطني، الذي يضم عددًا من مجموعات المعارضة السورية، الروس مرارًا إلى المطالبة بتنحّي الاسد، كما أعلن رئيس الوفد السوري برهان غليون.

وأضاف غليون، quot;لكن الروس أجابوننا أنه حتى الجامعة العربية لم تطلب ذلكquot;، مؤكدًا أنه خلال المحادثات مع المعارضة السورية، quot;لم يقدم لافروف مقترحات ملموسةquot;. وقال quot;نريد أن نتجاوز الأزمة، ونريد أن يحصل ذلك من دون تدخل عسكري خارجيquot;.

من جهتهم، وجّه الدبلوماسيون الروس quot;نداء لكل مجموعات المعارضة السورية (...) من أجل تحقيق أهداف سياسية لتطبيق المبادرة التي دعت إليها الجامعة العربية من أجل تخطي الأزمةquot;.