أكد صفوت عبد الغني، وكيل مؤسسي حزب (البناء والتنمية) المنبثق من الجماعة الاسلامية، أن عبود الزمر هو المرجعية السياسية للحزب، واوضح عبد الغني في حوار خاص لـ quot;إيلافquot; أن المجلس العسكرى مرتبك في ادارته للفترة الانتقالية، نافياً وجود صفقة من أي نوع بين الجماعة الاسلامية والمجلس.


صفوت عبد الغني وكيل مؤسسي حزب (البناء والتنمية)

القاهرة: في حواره الذي اختص به quot;إيلافquot;، أكد الدكتور صفوت عبد الغني، وكيل مؤسسي حزب البناء والتنمية، المنبثق من الجماعة الاسلامية، أن الحزب يخلو في ممارسته السياسية من افكار وايديولوجيات الجماعة، مؤكداً الفارق الشاسع بين منهجية الطرفين، وأوضح عبد الغني في حواره مع quot;إيلافquot;، أن الجماعة الاسلامية لم تستهدف السياحة المصرية عام 95 بغرض تدمير هذا الرافد الاقتصادي، وإنما كان الهجوم عليها بسبب موقف مع الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وعلى خلفية الممارسات الوحشية لنظامه مع اعضاء الجماعة الإسلامية، بالاضافة إلى ذلك حرص عبد الغني على تقييم أداء المجلس العسكري المصري، ووضع النقاط على الحروف في عدد من القضايا الجوهرية في مصر.

ما موقفكم من مليونية (الفرصة الأخيرة) وما دوركم في ما تبقى من الفترة الانتقالية؟

قررنا المشاركة في مليونية (الفرصة الأخيرة) وتهدف مشاركتنا إلى مساندة شباب الثورة ضد من يركبون موجتها، ضماناً لاستكمال تحقيق مكتسباتها، ويأتي هذا القرار رغم قناعتنا بإيجابية العديد من نقاط البيان الأخير للمشير طنطاوي، رئيس المجلس العسكري المصري، ومن بين تلك الايجابيات تحديده جدولا زمنيا لتسليم السلطة، غير ان هناك اموراً نطالب بها، ومنها محاكمة عادلة في الاحداث الدامية التي وقعت في ميدان التحرير خلال الايام الأخيرة، كما أننا نؤمن بأن الظروف لا تتحمل تشكيل مجلس رئاسي مدني، ونرى أنه يمكن تحقيق الهدف من خلال مراقبة اداء المجلس العسكري، وحمله على تنفيذ تعهداته، وهذا ما سوف نفعله خلال الفترة الانتقالية، وسنركز ايضاً في عملنا على حماية مكتسبات الثورة بكل الطرق القانونية والدستورية.

وما تقييمكم لأداء المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية منذ تخلي مبارك عن السلطة وحتى الآن؟

قرارات المجلس العسكري مرتبكة منذ التنحي وحتى فعاليات ما قبل مليونية الثورة الأخيرة، ونرى أن المجلس غير حاسم في أمور كثيرة، ويستجيب لضغوط واستفزازات بعض القوى الخارجية، ولم يكن واضحاً في الجدول الزمني لتسليم السلطة للمدنيين، كما أنه لم يحدد ذلك بشكل واضح، إلا تحت ضغط ميدان التحرير والميادين الأخرى، فلنا على المجلس العسكري مآخذ كثيرة، فضلاً عن أن حكومة عصام شرف التي اقيلت لم يكن لها وجود فعلي، وكانت مجرد حكومة شرفية ولم يكن لديها سياسة واضحة بدليل ما نشهده في أيامها الأخيرة.

ولكن هناك تسريبات تفيد بأنكم حصلتم على شرعية العمل السياسي الحزبي وفق صفقة اشتملت على الإخوان والسلفيين لتأييد المجلس العسكري في رفض فكرة الدستور أولاً، فما تعقيبك؟

غير صحيح، فلم نبرم أية صفقات مع أحد، ولم نلتق بالمجلس العسكري أبدًا حتى الآن، وموقفنا من استفتاء 19 آذار/ مارس الماضي كان واضحًا للعيان وضوح الشمس، وهو عقد مؤتمرات حوله لمعرفة آراء من معه ومن ضده، وشرح حيثيات كل طرف، وفي هذه المؤتمرات دعونا الدكتور ضياء رشوان المتخصص في التنظيمات الاسلامية، وأبلغنا باعتزامه الحضور معلناً أنه ضد الاستفتاء، ورحّبنا بذلك لأن هدفنا الاساسي كان شرح ايجابيات وسلبيات أن يقول المقترعون نعم للدستور اولاً أو العكس، ولم يكن ذلك بهدف توجيه احد الى الموافقة على الاستفتاء.

قلت إن المجلس العسكري لم يلتق بكم، فما السّر في ذلك، وبمن التقيتم اذاً في مرحلة مابعد الثورة؟

يبدو أن المجلس العسكري لديه تحفظات حتى الآن منعته من الالتقاء بنا، وربما كان السبب أن حزبنا لايزال تحت التأسيس حتى الآن، ولكن المجلس في المقابل التقى الإخوان والسلفيين ولم يلتق بنا، أما عن الطرف الذي التقى بنا فهو جهاز الأمن الوطني الذي خلف جهاز أمن الدولة المنحل، فبعد إنشاء جهاز الأمن الوطني التقى بنا اللواء حامد عبد الله اول رئيس له، وتحدث معنا مؤكداً ان النظام البائد ولّى بلا رجعة، وأن جهاز الأمن الوطني لن يكون له دور في السياسة، واعطانا تطمينات بأن ما كان يحدث من مطاردات واعتقالات وتعذيب لن يحدث مرة أخرى في مصر بعد الثورة، ولكن حالة الغموض التي ما زالت تكتنف المشهد السياسي تقلقنا إلى حد ما.

وما أهم ملامح حزب البناء والتنمية، وما موقع عبود الزمر في الحزب؟

في الحقيقة طارق الزمر تم رفضه كوكيل مؤسسين للحزب، اما عبود الزمر فهو خارج هيكل وتنظيم الحزب، لكنه بالنسبة إلى الحزب بمثابة المرجعية السياسية، أما عن برنامج الحزب فبحكم انتمائنا إلى الفقراء وجموع الشعب الكادح، ولا ننتمي إلى الطبقة الراقية كغيرنا، وليس بيننا رجال أعمال، نركز في برنامجنا على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال افكار وأطر لبناء المواطن الصحيح، وتدشين التنمية بالشكل المطلوب، وتوفير التعليم اللائق والرعاية الصحية والعلاجية للجميع، واعتمدنا في ذلك على تفصيل المجمل في برامج الأحزاب الأخرى، ولدينا قناعة بأن العبرة ليست بالخطط والبرامج، وإنما بمعادن الرجال الذين ينفذونها وبمدى نزاهتهم.

هل لديكم مخاوف من حدوث انشقاقات مستقبلاً فى حزب البناء والتنمية بحكم كونه حزبا منبثقا من الجماعة الاسلامية، التي شهدت انشقاقات كغيرها من التنظيمات المشابهة؟

لا، ليس لدينا مخاوف من هذا النوع، ولم يكن هناك انشقاقات فى صفوف الجماعة كم هو يعتقد البعض، فكل ما حدث هو وجود اختيار لمجلس شورى الجماعة من الجمعية العمومية، وليس معنى أنها اختارت شخصيات، ولم تختر أخرى أن هناك انشقاقا، وقد اتبعنا في ذلك قواعد الديمقراطية وعلى رأسها الانتخابات النزيهة والشفافة ومسألة الانشقاقات ليست موجودة إلا في الترويج الإعلامي.

لم هذه الثقة، خاصة أن معظم علماء الاجتماع السياسي في مصر يؤكدون، أن الانشقاقات ستزيد بعد تحولكم لحزب سياسي، وبأنكم ستذوبون في أفكار غيركم في نهاية المطاف؟

صدقني من يعتقد ذلك أو يتنبأ به لا يفهم الدين، وللأسف يرمي التيار الإسلامي بما ليس فيه، فالدين الاسلامي واقعي ووسطي ومعتدل، والثوابت فيه تمثل جزءًا قليلاً، والمتغيرات تمثل اغلب الشريعة الاسلامية وعدم الفهم الصحيح لنا للأسف هو خصلة أو صفة من يهاجمنا ويرمينا بما ليس فينا، وقناعتنا التي تحمينا من الانشقاقات هي أن السياسة تعتمد على المصلحة والاجتهاد البشري ودرء المفاسد، ونقول إن سقف السياسة الوحيد هو عدم تخطي الاصول الإسلامية، وما عدا ذلك يتسع لكل اجتهاد شريطة أن يكون المجتهد ذا عقل وحكمة.

حزبكم مع الدولة المدنية ام ضدها باعتبارها المطلب الأهم لثورة يناير التي منحتكم الشرعية؟

بداية اؤكد لك أن ثورة يناير من أعظم الثورات في التاريخ الانساني، وموضوع الدولة المدنية يحتاج إلى تدبر الأمر اولاً، إذ إنه مصطلح جديد، يقول عنه رجال القانون والدستور إنه بدعة، فلا ذكر لمصطلح الدولة المدنية لا في القوانين ولا الدساتير، وانما لمصطلح هو (الحكم المدني) ونحن مع الحكم المدني والدولة الديمقراطية القائمة على التعددية، وعدم اقصاء أحد والتداول السلمي للسلطة معها دون قيد أو شرط، لأنها تقوم على حرية الاختيار للشعب وضد الدولة العلمانية قلباً وقالباً.

نشأت في الجماعة الاسلامية على 3 آليات للتغيير هي، الدعوة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد، فهل ستكون هذه الآليات هي الحاكم لعملكم عبر حزب البناء والتنمية؟

بالنسبة إلى الدعوة لاخلاف عليها ولا جدال فيها، سنقوم بها للارشاد والهداية وهو أمر لا يتعلق بالتغيير أو التبديل ولاعلاقة لها بالعمل السياسي لحزبنا، اما مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فيمكنها أن تخضع لما يتماشى مع القانون، ما مسألة الجهاد فهي المسألة الوحيدة غير المطروحة الآن، ولم يعد هناك حاجة لها بعد الثورة والإعلان الدستوري، وأتاحتهما لمبدأ التداول السلمى للسلطة وشرعية العمل السياسي للجميع، وبالتالي لم نعد في حاجة للجهاد بمعناه الشرعي، وإنما بحاجة إلى الجهاد بمعناه القانوني المتماشي مع الدستور، فلم نعد في الوضع القديم الذي كان لايزاح فيه الحاكم من على كرسي الحكم إلا بالموت أو الانقلاب عليه.

نفهم من ذلك انكم قلتم وداعًا لأفكاركم المتمثلة فى الحاكمية والجاهلية والفريضة الغائبة والطائفة الممتنعة وكذلك أفكار بن تيمية وسيد قطب وستكون قواعد اللعبة السياسية والدستورية هي الحاكم لعملكم الحزبي؟

شيء طبيعي أن يكون الحزب السياسي بعيدا كل البعد عن كل ما طرحته في سؤالك، شيء طبيعي الا يتكلم الحزب إلا عن وسائل الإصلاح من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وشيء طبيعي أن يكون الحزب ممارسا للسياسة وليس حزبا عقائديا او فكريا، وانما الأمر متعلق بمناقشة حلول جذرية لمشاكل الجماهير، ونحن كحزب معنيون بطرح حلول علمية وعملية لمشاكل مصر ومشاكل مواطنيها، ولدينا قناعة راسخة بان العقائد مكانها المسجد وليس الاحزاب.

لكن البعض لا يزال لديه مخاوف منكم، لأنكم استهدفتم السياحة عام 1995، واستبحتم اموال الغير لتمويل عملياتكم، والحكمة تقول إن الطبع يغلب التطبع، فما تعليقك؟

نعم استهدفنا السياحة، ولكننا لم نستبح اموال الغير مطلقاً، قد تكون تنظيمات جهادية أخرى فعلت ذلك، وصدقني أنا لأني أكثر دراية بالأمر عن غيرى، فلم نستهدف السياحة بغرض السياحة كسياحة وإنما من باب الضغط على النظام البائد، وفق رؤية كوادر الجماعة الاسلامية آنذاك، وبهدف حمله على وقف ممارساته الوحشية ضد ابناء الجماعة.