شاب مصري يحاول إطفاء قنبلة مسيّلة للدموع خلال اشتباكات مع قوات الأمن في القاهرة يوم الأحد 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2011

يشوب الغموض مستقبل ليبيا ومصر وسوريا التي ما زالت تكتب فصول انتفاضاتها الشعبية مع صعوبة التكهّن بما ستتمخض عنهتلك الانتفاضاتلا سيما بعد تجدد العنف في مصر،وتناميتحدي المعارضين للأسدفي سوريا وضغط الجامعة العربية والمجتمع الدولي، واعتقال سيف الاسلام القذافي في ليبيا وإقبال البلاد على تشكيل حكومة مؤقتة.


يرى مراقبون ان المراحل الفصلية للانتفاضات العربية من الربيع مرورا بالصيف ثم الخريف والآن على عتبة الشتاء، تطرح تحديا كبيرا على من يحاول الخوض في التنبؤات. ولكن الأحداث المثيرة التي شهدتها ليبيا ومصر وسوريا على مدى اليومين الأخيرين فقط تشير كلها الى انواء متقلبة ومآلات غامضة.

وكانت مصر الفصل الأهم من البداية بسبب حجمها وثقلها، وبالتالي فان قمع الدولة والسخط الشعبي على العسكر الذين يحكمون منذ سقوط الرئيس حسني مبارك يشكلان مبعث قلق بالغ يساور اولئك الذين ما زالوا يعلقون الآمال على ما تمخض عنه ميدان التحرير في 25 كانون الثاني/يناير.

ومن الصعب التكهن بما ستخرج به الانتخابات البرلمانية المقرر ان تبدأ في غضون اسبوع رغم ان ناشطين مصريين يقولون انها ستكون بلا معنى إذا لم يحدد الجيش موعدا لتسليم السلطة الى المدنيين. ويواجه المشير محمد حسين طنطاوي الذي نال ثناء المصريين لاقناعه مبارك بالرحيل، ضغوطا متزايدة تطالبه هو نفسه بالتنحي.

ولكن العادات القديمة لا تموت بسهولة. وبدلا من الغاء قوانين الطوارئ عمد المجلس الأعلى للقوات المسلحة الى توسيعها وحماية امتيازاته في الوقت نفسه. ويحذر محللون من ان الوضع يتجه الى خيار بين الجيش أو الاخوان المسلمين الذين ما زالوا القوة السياسية الوحيدة المنظمة في الواقع.

ويذهب هؤلاء المحللون الى ان المصريين إزاء هذه الآفاق القاتمة لا يسعهم إلا الشعور بالغيرة من الانتخابات التي جرت بسلاسة في تونس الشهر الماضي حيث أكد فوز حزب النهضة الاسلامي الفارق بين انتخابات يزورها الحاكم المستبد والانتخابات الحرة في ديمقراطية متعددة الأحزب.

وإذا كانت الانظار تتجه الى مصر فان احداث سوريا اكتسبت ديناميكية خاصة بها. وكان الهجوم الصاروخي على احد مقرات حزب البعث الحاكم في دمشق دليلا آخر على تنامي قدرات المنتفضين المسلحين لتحدي نظام الرئيس بشار الأسد.

وشهد الاسبوع الماضي هجوما حسن الإعداد على منشأة امنية خارج دمشق وتعليق عضوية سوريا في الجامع العربية ودعوة العاهل الاردني الملك عبد الله الى تنحي الأسد، لتعزز كلها الاحساس بأن النظام السوري يتعرض الى ضغوط لا هوادة فيها. ويبدو من المرجح ان تُضاف عقوبات اقتصادية تفرضها الجامعة العربية خلال الأيام المقبلة علاوة على عقوبات الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.

ويرى محرر شؤون الشرق الأوسط في صحيفة الغارديان ايان بلاك ان الرئيس الأسد فقد الصلة بالواقع على ما يبدو مدعيا في مقابلة صحفية منحها استثناء من المنع المفروض على الصحفيين الأجانب، لأغراض انتهازية، ان 600 شخص فقط قُتلوا في اعمال العنف في حين تقول الأمم المتحدة ان الرقم لا يقل عن 3500 قتيل وهو آخذ في الارتفاع. وتعهد الأسد باجراء انتخابات في العام المقبل، حين يكون قد فات الآوان على الأرجح، بحسب بلاك.

ولا ريب في ان الأسد رغم كل همومه ومشاغله علم بالقبض على سيف الاسلام نجل معمر القذافي والحديث عما إذا كا سيُحاكم في طرابلس أو امام المحكمة الجنائية الدولية. ولكن بصرف النظر عن المسائل القانونية فان ظهور سيف الاسلام من جديد يأتي تذكيرا بالنهاية الأشد دموية التي لاقاها والده في سرت الشهر الماضي، وهو مصير يمكن ان ينتظر الأسد وافراد اسرته إذا لم يحدث انعطاف سريع في الأزمة السورية، بحسب الغارديان. ولكنها تضيف ان احتمالات مثل هذه النهاية في سوريا تبقى ضئيلة حاليا مشيرة الى ان هناك عناصر في المعارضة السورية ما زالت تفضل الحوار في حين ان المجلس الوطني السوري الذي بدأ ينال شرعية دولية يتخذ موقفا مغايرا وكذلك مجموعة المنشقين المسلحين في صفوف الجيش السوري الحر الذي تزداد عملياته جرأة.
وبالنسبة لليبيين فان القبض على سيف الاسلام يعني اسدال الستار على حقبة مظلمة دامت 42 عاما من حكم القذافي وابنائه. ولكن مشاكل كبيرة ما زالت تواجه الليبيين منها تشكيل حكومة مؤقتة وفرض سلطة وطنية على كتائب المقاتلين والاستجابة لتطلعات الشعب الليبي الى مستقبل أفضل. وهي قضايا لا يمكن الاستهانة بها ولكن ليبيا طوت صفحة الماضي وفتحت صفحة جديدة.

ثلاثة بلدان عربية ما زالت تكتب فصولها في اطار الانتفاضات العربية، وهي تراقب ما يجري في احداها الأخرى فيما يراقبها العالم. ولا أحد يستطيع التنبؤ بالنهاية، وكيف ستأتي أو متى ستكون.