شباب وسط دخان القنابل في الأحداث الأخيرة

تستمر الحكومة المصرية في استيراد القنابل المسيلة للدموع بالأطنان، رغم حالات الموت، التي تسببت بها هذه المادة، في دلالة واضحة على استمرار الاستبداد والقمع، رغم تبني نشطاء أميركيين حملة تدعو إلى حظر تصديرها إلى مصر.


القاهرة: أثار إستيراد وزارة الداخلية شحنة جديدة من قنابل الغاز المسيل للدموع من أميركا، عاصفة جديدة من الغضب والسخط في أوساط المصريين، لاسيما بعد أحداث التحرير، التي راح ضحيتها 41 قتيلاً، ونحو أربعة آلاف مصاب، أصيبوا في غالبيتهم بسبب الإستخدام المفرط للغاز.

21 طناً

لم يأت الكشف عن الشحنة من قبل وزارة الداخلية في إطار الشفافية التي من المفترض التمتع بها بعد الثورة، ولكن جاء الكشف عنه من قبل موظفين يعلمون في ميناء الأدبية في مدينة السويس، بعد ما رفضوا التوقيع على إستمارات الإفراج الجمركي للشحنة، البالغة حمولتها 7.5 أطنان، والمستوردة من الولايات المتحدة الأميركية.

ووفقاً للمعلومات، فإن تكتل شباب السويس كشف عن وصول السفينة quot;دارينا دانيكاquot; إلي ميناء الأدبية يوم 28 نوفمبر الجاري، آتية من الولايات المتحدة الأميركية، وتحديداً من شركة quot;كوبينر سيستم الأميركيةquot;، وأن السفينة تحمل على متنها حاويتين، تضم كل واحد منهما 7 أطنان من قنابل الغاز المسيل للدموع. وأضاف التكتل أن وزارة الداخلية سوف تستقبل شحنات جديدة تقدر بـ 14 طناً، ليصل إجمالي الصفقة إلى 21 طناً.

أجواء التحرير معبأة بالغازات

يأتي إستيراد الشحنة الجديدة من القنابل المسيلة للدموع، رغم أن سماء ميدان التحرير ما زالت معبأة بالغاز، الذي أطلقته قوات الأمن على المتظاهرين لمدة خمسة أيام متواصلة منذ يوم السبت 19 نوفمبر، وأدى إلى وفاة العديد بالإختناق، والإصابة بتهيج الجلد والأعصاب.

وقال عبد الله إمام، وهو طبيب متطوع في المستشفى الميداني في ميدان التحرير لـquot;إيلافquot; إنه على ما يبدو أن وزارة الداخلية قد استنفدت رصيدها من القنابل المسيلة للدموع، بعد أحداث التحرير الأخيرة،مشيراً إلى أن إستيراد الشحنة له مدلولان، الأول أنه دليل إدانة على إفراط وزارة الداخلية في استخدام الغازات ضد المتظاهرين السلميين، والآخر أنها مازالت مستمرة في النهج القمعي والإستبدادي ضد المواطنين المصريين.

وأضاف إمام أن الأجواء في ميدان التحرير ما زالت محملة بالغازات المسيلة للدموع التي أطلقتها الشرطة طوال الأسبوع الماضي، وما زالت هناك المئات من المصابين الذين يتلقون العلاج في المستشفيات من آثار الغاز. وأوضح إمام أن غالبية الإصابات التي عولجت في مستشفى الميدان كانت من الغازات، أو الإصابات المباشرة في الأعين بإستخدام الخرطوش أو الرصاص، إضافة إلى الإصابات المباشرة في الرأس أو العنق بالرصاص.

إصابات الغاز بالآلاف

وحسب محمد كمال، وهو طبيب آخر في المستشفى الميداني في التحرير، فإن إستيراد وزارة الداخلية لشحنات جديدة من الغازات، يجب ألا يمرّ مرور الكرام، مشيراً إلى ضرورة أن يتكاتف النشطاء والمصريون جميعاً ضد هذا الإجراء، لا سيما أن هذه القنابل تشترى من أموالهم، ليتم توجيهها إلى صدورهم.

وقال كمال لـquot;إيلافquot; إن هناك الآلاف من المصريين الذين ما زالوا يعانون جراءإصابتهم بالإختناق أو الآلام الصدرية أو تهيج الجلد أو التشجنات، بسبب الغاز المسيل للدموع، منوهاً بأن الغازات المستوردة من أميركا لها آثار سلبية خطرة على الصحة، ولا تسبب تساقط الدموع فقط، بل تسبب الإختناق وتهيجًا فيالأعصاب وحروقات في الجلد وتشنجات عنيفة، وحساسية في الصدر.

وأشار إلى ضرورة تدشين حملة من أجل إيقاف إستيراد الغازات المسيلة للدموع المحرّمة دولياً، وإيقاف استيرادكل الأسلحة التي توجّه إلى صدور المصريين.

فوارغ العبوات

إستمرار القمع

أما يوسف، وهو طبيب أيضاً في المستشفى الميداني، فرفض ذكر اسمه كاملاً، وقال لـquot;إيلافquot; إن أصعب الحالات التي أدمت قلبه، وجعلت دموعه تنهمر، كانت لشاب عمره 21 عاماً.

وأوضح أن هذا الشاب أحضره زملاؤه إلى المستشفى، وكان في حالة اختناق، وحاول الأطباء إسعافه، لكن لم تكن لديه القدرة على التنفس مطلقاً، بسبب إصابته من الغاز المسيل للدموع.

وأضاف يوسف أن المستشفى تلقى آلاف الحالات المماثلة، لكنها كانت في حالة أقل خطورة، وأجريت الإسعافات اللازمة لها، قبل نقلها إلى المستشفيات المجهزة. وأشار يوسف إلى أن السلطات، التي تدير البلاد، ما زالت تتعامل بالعقلية نفسها، التي كان يدير بها مبارك الدولة.

ولفت إلى أن النظام السابق لم يفرط في استخدام قنابل الغاز، كما جرى في أحداث 19 نوفمبر. ونبه يوسف إلى أن إستيراد شحنات جديدة من الغاز يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن وزارة الداخلية لن تتغير، وأنها لا تعترف بالثورة، وأنها ماضية في القمع إلى أقصى درجة.

محاولة اغتيال أطباء التحرير

وكشف يوسف عن تعرّض أطباء المستشفى الميداني في التحرير إلى محاولة اغتيال عبر وجبات طعام مسمّمة، وقال إنهم تلقوا وجبة عشاء من أحد الأشخاص، وعندما بدأوا في تناولها شعر بعضهم بأعراض التسمم. كما كشف عن تعرّض بعضهم للإختفاء القسري منذ نحو خمسة أيام.

حظر التصدير

جاء إستيراد شحنة القنابل من أميركا، رغم تبني نشطاء أميركيين حملة تدعو إلى حظر تصديرها إلى مصر، من خلال جمع مليون توقيع على عريضة، تطالب الرئيس الأميركي باراك أوباما بعدم الإستجابة لطلبات الحكومة المصرية باستيراد الغازات المسيلة للدموع.

واضطر الآلاف من سكان ميدان التحرير والمناطق القريبة منه إلى هجرة مساكنهم بشكل مؤقت، بسبب الإنتشار الكثيف للغازات المسيلة للدموع، وإصابتهم وأطفالهم بالإختناق، فيما ما زالت رائحة الغازات تعبق بقوة في الميدان العريق، ومحطة مترو السادات الواقعة في الأسفل منه.

شاب يعيد قذف القنبلة على الشرطة