الصين صارت قوة نووية لا يمكن الاستهانة بها

لأن الصين تغلّف قدراتها الحربية بالسرّية، فقد كان يُعتقد أن مخزونها النووي جزء هامشي من ترسانتها الحربية. لكن بحثا أكاديميا أميركيا يخلص الى أنها تملك 3 آلاف رأس نووي على الأقل، وهذا يضعها في مرتبة laquo;الكبارraquo; مع روسيا وأميركا.


لندن:لا جدال حول أن الصين قوة نووية فوق أنها صاحبة القوات المسلحة الأكبر في العالم بأسره. لكن حجم ترسانتها النووية ظل سراً على العالم وخضع فقط للتخمين. وتراوحت التقديرات الغربية لعدد صواريخها المجهّزة بالرؤوس النووية بين مئات قليلة تبعا لقلة، بينما قالت الأغلبية العظمى إنها تقل عن 100 صاروخ وتتراوح في حدود 80 صاروخا.

لكنّ باحثين في جامعة جورج تاون الأميركية قالوا إنهم أمضوا ثلاث سنوات منهمكين في ترجمة وثائق ومعلومات ورد بعضها في مداخلات ومدوّنات شخصية إلكترونية (بلوغز) من الصينية الى الانكليزية، ودرسوا خلالها أيضا صور الأقمار الفضائية للمناطق laquo;النوويةraquo; المشتبه فيها. وعلى حد قولهم فقد خرجوا بحقيقة مذهلة.

ووفقا لهؤلاء الباحثين - الذين يقودهم خبير سابق في وزارة الدفاع الأميركية laquo;البنتاغونraquo; - فإن الصين تملك ما لا يقل عن 3 آلاف صاروخ ولوازمها النووية مخبأة في شبكة من الأنفاق تحت الأرضية يبلغ طولها الإجمالي نحو 4 آلاف و800 كيلومتر ويقع معظمها في إقليم سيشوان. بل إنهم مضوا الى حد القول إن هذه الأنفاق شيّدت بيد لواء المدفعية الثاني، وهو قوة laquo;سرّيةraquo; مهمتها الوحيدة هي حماية منشآت البلاد النووية وترسانتها من الصواريخ والقنابل الذرّية.

ومن الحقائق المعروفة بالطبع أن إقليم سيشوان تعرّض لزلزال مدمر عام 2008. لكنّ هذه الكارثة الطبيعية أتت بضربة موجعة أخرى للنظام الصيني لأنها هي التي قادت الى التكهنات بـlaquo;المخبّأraquo; من برنامج البلاد النووي. فقد أدى الزلزال، أولا، الى انهيار تلال على نحو غير مألوف من ضمنه أن بعضها غاص داخل الأرض. وكان بين ردات الفعل الحكومية، وثانيا، إرسال آلاف الفنيين من خبراء الإشعاع النووي الى المنطقة مع معداتهم التي لا تخطئها العين الخبيرة. وأدى كلّ هذا الى إقرار النظام بأن ثمة laquo;سورا صينيا عظيما آخر تحت الأرضraquo;.

وقالت الصحافة البريطانية التي تداولت النبأ إن التقرير المستند الى البحث الأكاديمي، الذي لم ينشر بعد، نوقش داخل الكونغرس الأميركي ووزعت نسخات منه على نخبة مختارة من مسؤولي الدفاع. ويذكر أن جميع الباحثين - عدا المشرف - من الطلاب الذين كلفهم استاذهم البروفيسير فيليب كاربر بالقيام بالمهمة كجزء من laquo;واجباتهم الدراسية المنزليةraquo;. ويذكر ايضا أن كاربر نفسه عمل مسشتارا في شؤون الاستراتيجية الدفاعية في واشنطن إبان سنوات الحرب الباردة.

على أن نتائج البحث، على أهميتها، وجدت منتقدين شككوا في صدقية بعض مراجعه، مثل المعلومات المتوفرة على الإنترنت من مدونات شخصية وغيرها. وهاجمهما من جهة أخرى دعاة حظر الانتشار النووي قائلين إنها laquo;تساهم في زعزعة الجهود لخفض المخزونات النووية حول العالمraquo;. لكن مارك ستوكس، من بنك العقول الأميركي، laquo;معهد مشروع 2049raquo; المعني بشؤون الدفاع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، يرد بقوله إن البحث laquo;في غاية الأهمية لأنه يلقي ببعض الضوء على ما تملكه الصين من ترسانة نووية وما لا تملكهraquo;.

وهذه ملاحظة تتمتع بالمعقولية لأن بكين عرفت بأنها الأكثر حرصاً على تغليف برنامجها الحربي الذرّي بالسرية بين القوى الخمس التي تؤلف أطراف اتفاقية حظر الانتشار النووي. وعلى سبيل المثال فبينما تلزم الاتفاقات الثنائية الولايات المتحدة وروسيا (وهما القوتان الأكبر على الإطلاق) الكشف عن مخزون كل منهما من هذا السلاح المدمر، تحظر الصين تفتيشها مكتفية بالقول إنها تملك laquo;المستوى الأدنى الممكن من قوة الردع النوويraquo;.

الجيش الصيني الأكبر في العالم بأسره

وإذا علمنا أخيراً أن روسيا تملك 8 آلاف رأس نووي والولايات المتحدة 5 آلاف، يتضح بجلاء أن هذا النادي الثنائي يصبح ثلاثيا بالنظر الى أن الصين تخبئ 3 آلاف رأس أو أكثر... وفقا للبحث الأكاديمي الأخير على الأقل.