عمر سليمان

حصل جدل كبير إثر تسريب فيديو كواليس تنحّي الرئيس مبارك في 11 فبراير الماضي، وأرجعت مصادر خاصة أسباب هذا التسريب إلى جسّ النبض حول ترشيح الإعلامي عبد اللطيف المناوي إلى منصب وزير الإعلام خلفاً لأسامة هيكل. إلا أنه لم يأت بالنتائج المرجوة.


القاهرة: أثار تسريب فيديو كواليس بثّ خطاب تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك على التلفزيون في 11 فبراير الماضي، الكثير من الجدل حول الهدف من تسريبه قبل إجراء الإنتخابات بساعات، وأثناء إجراء الدكتور كمال الجنزوري مشاوراته لتشكيل الحكومة، ومن يقف وراء عملية التسريب.

فيديو كواليس التنحي

يتضمن الفيديو المتداول على شبكة الانترنت مشاهد مصورة بتقنية عالية جداً لحظة خروج اللواء إسماعيل عثمان عضو المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وعبد اللطيف المناوي رئيس قطاع الأخبار في إتحاد الإذاعة والتلفزيون من مكتب الأخير، ثم لحظات بثّ خطاب تنحّي الرئيس السابق حسني مبارك على لسان اللواء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق، وذلك داخل أحد استديوهات التلفزيون، وما تلا ذلك من بكاء بعض الموجودين لحظة بثّ الخطاب، وبدا واضحاً أن الكاميرا سلّطت بتركيز على المناوي أكثر من مرة، وعلى اللواء عثمان أيضاً.

ترشيح المناوي وزيراً للإعلام

رغم مضي أيامعدة على تسريب الفيديو، إلا أن أحداً لم يكشف عن الأسباب الحقيقية لهذا العمل، لكن مصادر خاصة تحدثت لـquot;إيلافquot; قالت إن الهدف من تسريب الفيديو كان جسّ النبض لترشيح الإعلامي عبد اللطيف المناوي إلى منصب وزير الإعلام خلفاً لأسامة هيكل، الذي خرج من الوزارة تحت ضغوط كبيرة من الرأي العام المصري، بسبب تغطية أحداث ماسبيرو، التي راح ضحيتها 25 شخصاً، وإصابة المئات.

وأضافت المصادر أن المجلس العسكري رشّح المناوي إلى المنصب، إيماناً من أعضائه بأنه قام بدور وطني وبطولي أثناء الثورة. وأوضحت المصادر أن المناوي رفض في مساء 8 فبراير الماضي، أي قبل تنحّي مبارك بنحو 48 ساعة، بثّ خبر إقالة المشير حسين طنطاوي وزير الدفاع، وتعيين قائد الحرس الجمهوري خلفاً له، بعد إعلانه الوقوف إلى جانب الثورة.

وأشارت المصادر إلى أن المناوي اتصل وقتها باللواء إسماعيل عثمان، وأبلغه بالخبر، الذي أرسله إليه وزير الإعلام السابق أنس الفقي، بالإتفاق مع جمال مبارك نجل الرئيس السابق. لافتة إلى أن هذه الواقعة أدت إلى تحوّل سريع في مسار الثورة، وإجبار مبارك على التنحّي.

دور وطني

ووفقاً للمصادر، فإن قليلين جداً هم من يعرفون تلك الحقيقة، ولذلك أبقى المجلس العسكري على المناوي رئيساً لقطاع الأخبار بعد الثورة، ودافع عنه مراراً، لكن لم يصمد طويلاً أمام ثورة الغضب ضد التلفزيون الرسمي، بسبب التغطية التي رأتها الغالبية سيئة جداً أثناء الثورة. ونوهت بأن المجلس العسكري بعد إقالة المناوي وسفره إلى لندن للإقامة هناك، قال في بيان له إن المناوي قام بدور وطني.

ولفتت إلى أنه إنطلاقاً من هذا الدور الوطني رشّح المجلس العسكري المناوي وزيراً للإعلام، وجرى تسريب الفيديو كمحاولة لجسّ النبض، إلا أنه لم يأت بالنتائج المرجوة، لاسيما أن الفيديو انتشر تحت عنوانين، الأول quot;بكاء أبناء مبارك في التلفزيون لحظة التنحّيquot;، وهو الأكثر تداولاً، والآخر quot;كواليس خطاب تنحّي مبارك في التلفزيونquot;.

وحسب المصادر، فإن المجلس العسكري رشح اللواء أحمد أنيس وزيراً للإعلام، وهو رئيس إدارة الشؤون المعنوية للقوات المسلحة السابق، ورئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون السابق أيضاً، والأكثر دراية بوزارة الإعلام بحكم عمله فيها، كما إنه رئيس شركة النايل سات قبل تولي الوزارة، أي إنه يملك خبرات فيكل قطاعاتها، ويمكنه تطوير العمل فيها، وفي الوقت عينه لم تذهب الوزارة بعيداً عن سيطرة المجلس العسكري، على حد قول المصادر.

مصور الكواليس

تعزز تصريحات صحافية لجريدة الأهرام، أدلى بها مصور كواليس التنحّي حازم العتر ما ذهبت إليه المصادر في حديثها لـquot;إيلافquot;، حيث قال quot;مارس أنس الفقي، وزير الإعلام في عهد الرئيس المخلوع، حسني مبارك، قدرًا كبيرًا من الضغط على المناوي، وصلت إلى حد أمره بالبقاء في مكتبه، وعدم إصدار أية أوامر لتغطية أحداث الثورة، حتى جاءت اللحظة، التي تصدى فيها المناوي، لتلك الضغوط، برفضه إذاعة خطاب إقالة المشير محمد حسين طنطاوي، من منصبه وتكليف قائد الحرس الجمهوريquot;.

وأضاف العتر: quot;قرار المناوي، رفض إذاعة خبر إقالة المشير، قلب الموازين، قبل إذاعة خطاب التنحّي بنحو أربعة أيام، فبعدهاجاء اتصال المناوي مباشرة مع اللواء إسماعيل عثمان، مدير إدارة الشؤون المعنوية، وعضو المجلس الأعلى للشؤون المعنوية، فأصبح له القرار في قطاع الأخبار بنقل أحداث الثورة وميدان التحرير بـquot;حياديةquot; تامة، حتى جاء يوم التنحّي 11 فبرايرquot;.

المناوي

وأشار العتر إلى أنه quot;عند الساعة الرابعة وخمس دقائق تقريباً عصر يوم التنحّي، فوجئنا بتحركات غريبة في مبنى quot;ماسبيروquot;، وقبل وصول اللواء إسماعيل عثمان، بنحو نصف ساعة وصلتني تعليمات مباشرة من المناوي، ومعي ثلاثة مصورين، بالاستعداد بالكاميرات للتصوير بهدف توثيق الحدثquot;.

المناوي يخرج عن صمته

للمرة الأولى منذ إقالته من منصبه كرئيس لقطاع الأخبار في الأول من أبريل الماضي، يخرج المناوي عن صمته، ويكتب مقالاً في جريدة المصري اليوم القاهرية، ينفي فيه مسؤوليته عن تسريب الفيديو.

وأكد أنه كان على علم بكل تفاصيل المشهد السياسي لحظة وقوعها، وقال quot;شاء لي موقعي واتصالاتي في هذه الفترة أن أكون على دراية ببعض مما يحدث ساعة حدوثه أو بعدها بقليل، وهكذا فقد علمت مبكرا بمغادرة الرئيس السابق إلى شرم الشيخ في اللحظة التى غادر فيها، كذلك علمت بقرار تسليم السلطة إلى القوات المسلحة بعدها بقليل، وتم إبلاغي عقب الانتهاء من تسجيل البيان بأن الشريط الذي تم تسجيله، ويحتوي على البيان، سوف يتم إرساله على الفورquot;.

وأضاف quot;عندما وصل اللواء عثمان كانت لديه التعليمات بالانتظار حتى إبلاغه بالتوقيت المناسب لإذاعته، وذلك بسبب ترتيبات خاصة تتعلق بمغادرة عائلة الرئيس السابق، وما صاحب ذلك من ملابسات تسببت في تأخير إذاعته حتى قبل السادسة بقليل، وبقينا في مكتبي منتظرين الوقت المحدد من قبل المجلس العسكري، واستمر هذا الانتظار لفترة طويلة من الوقت، وطلبت من الزملاء في قسم التنفيذ في ذلك الوقت أن يعدّوا ما اعتقدت أنه مناسب للموقفquot;.

وتابع quot;كنت أنا من اتخذ القرار بالإعداد لتصوير اللحظات الخاصة بإذاعة البيان منذ لحظة الخروج من المكتب حتى الانتهاء من إذاعته، وقد طلبت ذلك لاقتناعي بأن اللحظة مهمة وفارقة في تاريخ مصر، وبالتالي من المهم توثيقها، وذلك يتفق مع قناعتي الدائمة بأهمية التوثيق لكل الأحداث كلما أمكن ذلكquot;.