مواجهات مجلس الوزراء

حمّل الناشط السياسي جورج إسحاق المجلس العسكري وحكومة الجنزوري مسؤولية إراقة دماء المصريين من جديد، ودعا رئيس الحكومة إلى الاستقالة. كما شدد على ضرورة تنظيم مظاهرات مليونية مجدداً من أجل الحفاظ على الثورة وإنقاذها، وطالب بوقف العنف ضد المحتجين.


القاهرة: فيما تتواصل المواجهات بين قوات الشرطة العسكرية ومئات المحتجّين المصريين في وسط القاهرة، وصف الناشط السياسي جورج إسحاق طريقة تعامل المجلس العسكري وحكومة الدكتور كمال الجنزوري مع الأزمة بـquot;المعيبةquot;، محمّلاً الجهتين المسؤولية كاملة عن إراقة دماء المصريين مجدداً.

ودعا إسحاق... الجنزوري إلى تقديم استقالته، وإجراء تحقيقات تتمتع بالنزاهة والشفافية في أحداث العنف المتكررة خلال الأشهر الأربعة الماضية، وشدد على ضرورة تنظيم مظاهرات مليونية مجدداً، من أجل الحفاظ على الثورة وإنقاذها.

العنف غير مقبول

وقال إسحاق في تصريحات خاصة لـquot;إيلافquot; إن التعامل العنيف مع الإحتجاجات،المناهضة لإدارة المجلس العسكري لأمور البلاد في الفترة الإنتقالية، أمر غير مقبول على الأصعدة كافة، مشيراً إلى أن تعرّض المحتجّين للضرب والسحل في الشوارع وإطلاق الرصاص عليهم أمر يتنافى مع كل الأعراف القانونية، ومبادئ حقوق الإنسان والإعلان الدستوري الخاص بمصر.

وشدد إسحاق، الذي يشغل عضوية المجلس القومي لحقوق الإنسان، على ضرورة تقديم المسؤولين والجناة في الأحداث الأخيرة، ومن قبلها أحداث محمد محمود في 19 نوفمبر الماضي، إلى القضاء، لإتخاذ ما يراه قانويناً بشأنهم.

إستقالة الجنزوري

ودعا إسحاق إلى ضرورة تقديم الدكتور كمال الجنزوري استقالته من الحكومة، وأوضح أن الجنزوري، بحكم منصبه كرئيس للوزراء، مؤتمن على أرواح وممتلكات المصريين، لكنه لم يكن على قدر المسؤولية، وأهدر دماء نحو عشرة أشخاص، إضافة إلى إصابة نحو 700 آخرين، أي أنه فرّط في الأمانة، التي حمّله الشعب المصري إياها، وليس المجلس العسكري، الأمر الذي يستلزم تقديم استقالته فوراً.

وتابع: مع كل الإحترام والتقدير لشخص الدكتور كمال الجنزوري، إلا أنه رئيس وزراء تقليدي، جاء من زمن الإستبداد والقهر، ولا يصلح لإدارة البلاد في مرحلة غير تقليدية.

وأضاف قائلاً: أنظر إلى خطابه بعد اشتعال الأحداث وسقوط نحو ثمانية قتلى، إنه يقول إن أحداً لم يطلق الرصاص من الجيش أو الشرطة، بل يزعم أن هناك عناصر مندسة بين المعتمصين هي من أطلقت الرصاص، إنه يتحدث بالطريقة نفسها، التي كان مبارك يتحدث بها إلى الناس. هو لا يعترف بالحقيقة، رغم أنه لم يعد هناك أي مجال للإنكار أو التعتيم، شاهد الملايين في أنحاء العالم القوات وهي تضرب وتسحل وتقتل المتظاهريين السلميين، ليس هناك مفرّ من تقديم الجنزوري استقالته، لأنه ببساطة غير مؤتمن على أرواح المصريين، ومرفوض من ميدان التحرير.

عرقلة التحقيقات

حول رؤيته للخروج من مأزق العنف المتكرر طوال الأشهر الأربعةالماضية، قال إسحاق مؤسس حركة كفاية، التي تعتبر أول حركة سياسية مناهضة لحكم الرئيس السابق حسني مبارك ولتوريث الحكم لنجله جمال في 2004: quot;إن الأحداث الأخيرة التي شهدها شارع قصر العيني، تتطلب تحقيقاً سريعاً وعادلاً، ويطال القيادات التي أمرت بإستخدام العنف ضد المتظاهرين السلميينquot;.

جورج إسحاق

ورداً على القول إن نتائج التحقيقات في الأحداث السابقة ما زالت غامضة، مثل أحداث السفارة الإسرائيلية بتاريخ 9 سبتمبر، وأحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر، وأحداث محمد محمود في 19 نوفمبر، ومن قبلها أحداث مسرح البلون، قال إسحاق إن هناك أزمة بالفعل في التحقيقات، مشيراً إلى أن هناك من يعرقلها، ولا يسمح لها بالإكتمال، وتقديم الجناة إلى المحاكمة العادلة.

وللتغلب على أزمة غموض التحقيقات في أحداث العنف المتكررة، دعا إسحاق كل القوى الوطنية للإجتماع من أجل طرح مختلف الرؤى والتناقش حول هذا الأمر، بما يضمن عدم تكراره في المستقبل ضد المعتمصين أو المتظاهرين السلميين في أي مكان على أرض مصر.

وأضاف إن تكرار الأحداث على هذا النحو العنيف جداً يتطلب أن تتكاتفكل القوى السياسية، وتضع مصالحها الضيقة جانباً، وتعقد إجتماعاً من أجل البحث عن حلول غير تقليدية لإيقاف نزيف الدم، وإجبار السلطات الممسكة بزمام الحكم على التحقيق في الأحداث السابقة وتقديم الجناة إلى المحاكمة العادلة.

الثورة مستمرة

لكن هل خذلت القوى السياسية الثورة والمصابين وأسر الشهداء؟، يجيب إسحاق بالقول إن الثورة المصرية مستمرة إلى أن تحقق أهدافها كاملة، مشيراً إلى أن الثورة لم تندلع ولم تشتعل ولم تسقط نظام حكم مبارك من خلال القوى السياسية التقليدية، بل قامت على أكتاف الشباب، الذين هم الثوار الحقيقيون، وارتوت بدمائهم،ولن ينقذها سوى هؤلاء.

جنازة الشيخ عفت

واستطرد قائلاً: إن مشهد جنازة الشيخ عماد عفت أمين لجنة الفتوى في دار الإفتاء يؤكد أن الثورة ما زالت مشتعلة، ولم تهدأ، ولن تهدأ إلا بعد تحقيق أهدافها في الحرية والعدالة الإجتماعية وبناء دولة مدنية ديمقراطية.

وذكر أن عشرات الآلاف من المصريين شاركوا في جنازة الرجل، الذي قتل في أحداث مجلس الوزراء، وكان هو أحد المشاركين في الثورة منذ بدايتها في 25 يناير، وكان ممن يحاولون تهدئة الثوار أمام مقر الحكومة، لكن الرصاص لم يستثنيه، ولم يحترم عمامته الأزهرية، إن جنازته إمتدت من الجامع الأزهر حتى ميدان السيدة عائشة على مسافة كيلومترات، إنها جنازة ذكّرتني بجنازة الزعيم جمال عبد الناصر في أوائل السبعينات، كل من شاركوا في جنازة الشيخ عفت مؤمنون بأن الثورة ما زالت مستمرة.

المشهد مرتبك

وحول رأيه في موقف التيارات الإسلامية من الأحداث، وإتهام البعض لها بأنها خذلت الثورة والمعتصمين من أجل الحقوق والحريات، قال إسحاق ليس من السهل إلقاء التهم على الآخرين، مشيراً إلى أن المشهد السياسي في مصر مرتبك جداً، وأن هناك ظواهر جديدة تطفو على السطح، ولم يكن للمصريين أو القوى السياسية المختلفة سابق خبرة في التعامل معها.

العودة إلى المليونيات

عاد إسحاق للتأكيد على أن من سينقذ الثورة هم الشباب والثوار الذين شاركوا فيها منذ 25 يناير، ولم يستبعد العودة إلى المظاهرات المليونية مجدداً، من أجل تصحيح مسار الثورة، وإجبار السلطات على إجراء تحقيقات تتمتع بالنزاهة والشفافية في أحداث العنف المتكررة طوال الشهور الماضية، مشيراً إلى أن quot;المليونياتquot; ساهمت في ضبط إيقاع الثورة منذ الإطاحة برأس النظام السابق في 11 فبراير الماضي، ولن يتخلى عنها الثوار.

من مشاهد المواجهات