يؤكد رئيس إقليم كردستان العراق، كمال كركوكي، في حديث خاص مع quot;إيلافquot; أن الانسحاب الأميركي كان مبكرًا؛ لأن العراق مازال في حالة حرب، فالإرهابيون، وكذلك البعثيون، مازالوا يعملون على عرقلة مسيرة العراق، والعودة به إلى الوراء.


رئيس إقليم كردستان العراق، كمال كركوكي

السليمانية: رأى رئيس إقليم كردستان العراق، كمال كركوكي أن الانسحاب الأميركي من العراق جاء مبكرًا، فالبلاد ما زالت في حالة حرب، لأن الإرهابيين والبعثيين ما زالوا يعرقلون مسيرة العراق، كما إن الخلاف السنِّي الشيعي في تصاعد.

واستبعد المسؤول الكردي في مقابلة مع quot;إيلافquot; انتقال احتجاجات الربيع العربي إلى إقليم كردستان، وأشار إلى ضرورة ارتكان حكومتي بغداد إلى الدستور في حل الملفات العالقة بينهما، وقلّل من الدور التركي والإيراني في التدخل في شؤون كردستان، واستمرار قصف مناطقه .. وهذا ما جاء في المقابلة:

** ماهو رأيك في التطورات التى يشهدها الإقليم حالياً، وخاصة أحداث زاخو، التي شهدت أخيرًا حرق أماكن عامة؟ وهل ترى أن هناك تيارًا إسلاميًا يسري في الإقليم؟ وفيما إذا كان ما يحدث هو انتقال للربيع العربي إلى الإقليم؟

.. ما حدث في زاخو كان أمرًا مؤسفًا وسلبيًا حقًا، فهو كان ضدكل مبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان؛ بل كان ضد مبادئ الدستور العراقي الدائم؛ وألحق أضرارًا جسيمة بإقليم كردستان، وبالتالي كان محاولة لتعكير صفو روح المساواة والتآخي والتعايش السلمي.

أما في ما يخصّ التيار الإسلامي، فنحن نعلم بأن معظم شعب إقليم كردستان يدينون بالإسلام، وهم ملتزمون بتعاليمه السمحاء، وعليه فإن ما حدث ما زال قيد التحقيق؛ وإلى حين ظهور نتائج التحقيق، من الخطأ اتهام أي شخص أو أية جهة.

بخصوص الربيع العربي؛ فأنا أعتقد بأن ما حدث في بعض الدول العربية، وسمّي بالربيع العربي، يختلف بشكل جذري عمّا هو موجود في إقليم كوردستان، لأن أنظمة الحكم في تلك الدول تختلف عن نظام الحكم في إقليم كردستان، فالشعب الكردي يناضل منذ عقود طويلة من أجل الديمقراطية والحرية؛ ولقد جنى هذا الشعب ثمار نضاله هذا أبان حرب الخليج، وبسقوط نظام البعث في ما بعد عام 2003.

ما عدا هذا فجميعنا يدرك أن تداول السلطة في إقليم كردستان يجري بصورة مدنية وعن طريق صناديق الاقتراع، ففي كردستان الحرية مكفولة، وهناك الآن أكثر من (1000) مؤسسة ومركز إعلامي مرئي ومسموع ومقروء، أضف إلى ذلك وجود المعارضة، التي تتواجد في برلمان كردستان، وتتمتع بحرية العمل، وأيضًا حقوق الأقليات القومية مكفولة في كردستان، وأعطيت لهذه الأقليات نسبة محددة حسب نظام الكوتا في برلمان كردستان، لكي يكون لهذه الأقليات والأديان وجود في البرلمان، وتضمن حقوقها القومية والدينية.

نحن في إقليم كردستان نعمل على حلّ القضايا العالقة مع الحكومة الاتحادية على أساس الحوار، واعتماد مبادئ الديمقراطية والسلم. الميزانية في إقليم كردستان تتم مناقشتها بشكل شفاف، بحيث تتضح كل أبوابها لعموم شعب كردستان، بل ويتم نشرها كاملة على الموقع الإلكتروني الرسمي للبرلمان، وكذلك قد جرى ضمان حقوق المرأة والطفل والعائلة بقوانين خاصة، تضاهي في رقيها الديمقراطي القوانين والتشريعات المعمول بها عالميًا.

أما في ما يخصّ منظمات المجتمع المدني فقد تم تنظيم عملها بقانون خاص، ولقد حظي هذا القانون، الذي أقرّه برلمان كردستان، بتأييد وصدى طيب في عموم دول العالم المتحضر.

إن برلمان كردستان، وكذلك حكومة كردستان، يتمتعان بعلاقات طيبة ومتوازنة مع الدول كافة، وكل هذه العلاقات هي نتاج ذلك النضال العريق، الذي خاضه شعب كردستان من أجل الديمقراطية والحرية والعدالة، وتعرّض بسببه إلى إبادة جماعية قل نظيرها في العالم، واستنادًا إلى كل هذه المعطيات وهذه الحقائق هناك فرق شاسع وجذري بين إقليم كردستان وتلك الدول العربية، التي مر بها الربيع العربي أو لايزال.

** هل تعتقد بوجود مؤشرات لحلحلة الأزمة بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم؟ وما مصير المناطق المتنازع عليها بعد انسحاب القوات الأميركية، التي كانت مسؤولة عن حمايتها؟

إن الانسحاب الأميركي كان مبكرًا؛ لأن العراق مازال في حالة حرب، فالإرهابيون وكذلك البعثيون ما زالوا يعملون على عرقلة مسيرة العراق، والعودة به إلى الوراء، ومن هنا فإنه، وفي ظل عدم حل مشكلة الوزارات الأمنية من جهة، وبقاء المشاكل العالقة بين إقليم كردستان والحكومة الإتحادية على حالها؛ مثل المادة (140) وقانون النفط والغاز وقوات البيشمركة والتعداد السكاني والمجلس الاتحادي من جهة أخرى، أضف إلى ذلك استمرار الخلاف بين السنة والشيعة العرب، وكذلك حاجة الجيش والقوات الأمنية الأخرى إلى المزيد من التدريب، في ظل كل هذه المعطيات والحقائق أعود لأكرر بأن العراق ما زال يخوض حربًا شرسة، وهو بحاجة إلى كل طاقاته وكذلك طاقات الآخرين من أجل مساعدته في المجالات كافة.

أما بخصوص المسائل والملفات العالقة بين إقليم كردستان وحكومة العراق؛ فإننا نعمل على عدم تأخرها أكثر، فمصير المناطق المتنازع عليها يجب أن يحدد عبر تطبيق بنود ومواد الدستور العراقي الدائم، ومنها المادة (140) من الدستور العراقي، التي تتكون من التطبيع والتعداد السكاني والاستفتاء على التوالي، ثم إن مهمة حماية تلك المناطق تقع على عاتق الطرفين، باعتبار أن المشكلة هي مشتركة بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان.

**هل تعتقد أن عمليات التنقيب عن النفط في إقليم كردستان ستعمق الخلاف بين الحكومتين؟

يجب على الطرفين الالتزام الكامل بالمواد الدستورية للعراق الاتحادي، لأنه لا يمكن لأي طرف منهما التصرّف حسب مزاجه، بل يجب التصرّف وفق مواد الدستور العراقي، وفي هذا الموضوع لدينا مواد تبين بشكل واضح ولا لبس فيه طريقة التعامل مع هذا الملف كالمواد (110، 111، 112، 114، و115) من الدستور العراقي.

** نشهد في هذه الفترة استهدافات للمكوّن التركماني فى كركوك والمسيحيين والأيزيدين في دهوك؟، هل ترى أن هناك حربًا دائرة بين الأحزاب الكردية؟

محاولات الإرهاب والقتل تتعرّض لها مكونات العراق كافة، وكما أشرت سابقًالا يزال العراق يخوض حربًا شرسة ضد الإرهابيين، وعليه فإن تلك الجهات تسخّركل طاقاتها لبثّ روح الفرقة والخلاف في صفوف الأطراف كافة، وهم سيواصلون القتل كلما سنحت لهم الفرصة ضد كل عراقي يريد العيش بسلام ويخدم بلده ويعمل من أجل تطوره، مهما كان دين أو قومية ذلك الشخص أو تلك الجهة، لأن الإرهابيين لا يفرّقون بين العراقيين، الذين يؤمنون بالديمقراطية، ويعتبرونهم أعداء لهم، ويحاولون النيل منهم.

** هل تعتقد أن الانسحاب الأميركي سيفتح بوابة للتجاوزات الإقليمية، ولا سيما من قبل تركيا وإيران؟ وهل سنشهد نفوذًا إيرانيًا وتركيًا في الإقليم؟

نحن بذلنا جهداً كبيراً لبناء علاقات طيبة وجيدة ومتوازنة وعالية المستوى معكل الدول الإقليمية، وكذلك بناء علاقات اقتصادية وتجارية قوية معهما على أساس الاحترام المتبادل. هاتان الدولتان هما جارتان لنا، وكانت لنا معهما علاقات طيبة إبان الأيام والمراحل الصعبة، وكانت تشكل دعماً لشعبنا، ووقفت إلى جانبنا إلى حد كبير وفي أحلك الظروف.

** ملف التجاوزات التركية على الحدود العراقية من مناطق كردستان ضخم وشائك.. فما هو السبيل للتخلص من هذه التجاوزات؟، و ماذا ستعمل حكومة الإقليم من أجل المهجرين في المناطق الحدودية بسبب القصف التركي والإيراني؟

نحن نعمل بكل السبل على استمرار علاقاتنا الجيدة مع تركيا وعلى استمرار الثقة بين الطرفين، إنني أعتقد جازمًا بأنكل المشاكل ستضمحل وتنتهي، إذا عملت تركيا على حل مشاكلها الداخلية بطرق ديمقراطية وسلمية، وعندها لن تكون هناك ثمة مشاكل أو نزاعات على الحدود، وسيعود الأمن والسلم إلى تلك المناطق، وينعم أهاليها بالطمأنينة، لأن الإقليم ليست لديه مشاكل مع تركيا، بل بالعكس، فعلاقة الإقليم جيدة، وفي تطور دائم معها.

أما بخصوص المهجّرين، فإنني أعتقد أنها حالة طبيعية، فكل الدول والحدود الدولية تتعرّض لحالات كهذه، وحكومة كردستان ستعمل على حلّ هذه المشاكل، حسب المواد الدستورية وقوانين الإقليم، واستنادًا إلى احترام المبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان.