باريس:باستثاء قلة قليلة من الاصوات الرافضة في المجتمع الفرنسي، اجتمع اليسار واليمين في فرنسا على تأييد اقتراح قانون يدين انكار quot;ابادةquot; الارمن ويثير غضب تركيا التي هددت بفرض عقوبات دبلوماسية واقتصادية على باريس اذا اقر هذا المشروع.
ولم ينجح غضب انقرة ومحاولات رجال اعمال وبرلمانيين اتراك زاروا باريس لاقناع الطبقة السياسية الفرنسية والراي العام بعدم صوابية اقتراح القانون حول مجازر الارمن، في ثني باريس عن المضي في مشروعها.

وتم ابقاء جلسة مناقشة اقتراح القانون في الجمعية الوطنية يوم الخميس واعلن برلمانيو اليمين واليسار انهم سيصوتون لصالحه. وتوقع زعيم نواب حزب الاتحاد من اجل حركة شعبية الذي يمثل الغالبية كريستيان جاكوب ان يتم اقرار اقتراح القانون quot;من دون صعوباتquot;.
وينص الاقتراح الذي تقدمت به نائبة من الحزب الرئاسي على السجن عاما واحدا وغرامة قدرها 45 الف يورو في حال انكار اي مجزرة يعترف بها القانون. واعترفت باريس العام 2001 بحصول مجازر الارمن بين العامين 1915 و1917 والتي سقط فيها 1,5 مليون قتيل بحسب الارمن.

وتعترف تركيا فقط بسقوط نحو 500 الف قتيل خلال السنوات الاخيرة من حكم السلطنة العثمانية، الا انها تؤكد انهم سقطوا ضحية تجاوزات حصلت في الحرب العالمية الاولى نافية اي نية تركية لارتكاب ابادة جماعية للارمن.
وقال جاكوب quot;هذا ليس قانونا تذكاريا، وليس اعترافا بابادة، بل هو لقمع اي انكار لما اعترف به القانونquot;.

من جانبه علق زعيم النواب الاشتراكيين جان مارك ارو quot;لقد صوتنا لصالح قانون اول ينص على اعتراف فرنسا بالابادة الارمنيةquot;، لذا فالتصويت لصالح القانون الثاني quot;ينم عن شكل من اشكال الانسجامquot;.
وسبق ان تم تقديم مشروع قانون مماثل امام البرلمان العام 2006 ولكن هذه المرة من جانب نواب اشتراكيين، ما اثار الردود الغاضبة نفسها في تركيا. الا ان هذا الاقتراح سقط.

لكن هذا الاقتراح لا يلقى اجماعا اذ ان بعض الاصوات حتى في الغالبية لا تخفي انزعاجها.
واقرت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية اكسيل بونياتوفسكي بان الوضع quot;معقدquot; في ظل تحول تركيا الى حليف لا يمكن تجاوزه في حل الملفين السوري والايراني اللذين تسعى فرنسا الى لعب دور محوري في شانهما.

بدوره اعلن زعيم نواب حزب الغالبية الرئاسية في الجمعية الوطنية برنار اكوايه quot;عدم تاييد النصوص التي تدعي الاحاطة بتعبير علماء التاريخ او بعملهمquot;. واستبعد اقرار اقتراح القانون نهائيا في البرلمان قبل الربيع.
وفي الصحف، يدور جدل بين علماء في التاريخ وقانونيين مؤيدين واخرين معارضين لاقتراح القانون حول مجازر الارمن.

وكتب العالم في التاريخ ريمون كيفوركيان في صحيفة ليبراسيون quot;من خلال اقرار هذا القانون، سيسدي مشرعونا خدمة للمجتمع التركي نفسه الذي لم يعد يطيق العقائد التي تحبسه دولته فيهاquot;.
من جانبه كتب رجل القانون فرنسوا تيري في صحيفة لوفيغارو quot;ايا كانت درجة الكراهية في تصريحات او كتابات بعض الذين ينكرون المجازر، فان السلاح القضائي يفتك بالحريةquot;.

وتركيا، التي تتهم الرئيس نيكولا ساركوزي بان لديه نوايا انتخابية مبيتة تتعلق باستحقاق العام 2012 الرئاسي (كون عدد ارمن فرنسا يقدر بحوالى 500 الف)، هددت فرنسا بتبعات دبلوماسية واقتصادية اذا ما تم اقرار مشروع القانون.
وقال الاختصاصي في علم السياسة ستيفان روزيس quot;ما يفسر هذه الخطوة المتقدمة الحاصلة اليوم، هي التقديرات المتعلقة بالانتخابات وبالمرحلة الراهنةquot;.
واضاف ان الارمن الفرنسيين لديهم من جهة quot;شبكات (اجتماعية) مهمةquot;، ومن جهة ثانية فان quot;فرنسا تركز على الامة خلال السنوات الاخيرة، وهذه طريقة للقول ان الامة الفرنسية سيدة في تحديد مسالة المجازر وممارسة القمع المطلوب لاي انكار لهذه المجازرquot;.