يودِّع العراقيون عام 2011 بالكثير من الأحزان والمآسي، ويتطلعون إلى عام جديد، يبدو من خلال أمنياتهم تجاهه أنّ قضايا الاقتصاد والمعيشة والدخل وفرص العمل، ستتفوّق على بقية المطالب السياسية والحقوقية التي طالبوا بها في السابق.


المطالب الاقتصادية تطغى على السياسية في أمنيات العراقيين للعام 2012

بغداد: مع حلول العام 2012، يسرح الفرد العراقي في أفكاره وأمنياته، التي يأمل أن تتحقق في العام الجديد.

ويوضح استطلاع بين عراقيين من مختلف الشرائح الاجتماعية والمناطق المختلفة، أن الكثير من العراقيين لم يعودوا يفكرون في القضايا السياسية بقدر اهتمامهم بالقضايا الاقتصادية والمستوى المعيشي وفرص العمل، وكل ذلك له علاقة مباشرة بالاستقرار الأمني، حيث يأمل العراقيون أن يستتبّ الوضع السياسي والأمني في عام 2012، في خطوة تهدف إلى تحقيق الكثير من الأمنيات، التي لم تسعف الظروف السياسية والأمنية بتحقيقها في عام 2011.

يقول الصحافي العراقي هاشم حسن من الديوانية (193 كلم جنوب بغداد) إن أمنياته في 2012تتمثل في الحصول على وظيفة تدرّ عليه دخلاً ثابتًا، في ظل ارتفاع الأسعار، التي بدأت تقفز إلى مستويات، يصعب على الفرد العراقي مجاراتها.

وكانت مصادر وزارة الاستثمار العراقية أوضحت أن عام 2012 سيشهد فرصًا حقيقية للقضاء على البطالة، في ظل تزايد فرص الاستثمار الأجنبي في العراق.

التجاذبات السياسية لن تنتهي

في ما يتعلق بالوضع السياسي في البلاد، بدا حسن متشائمًا، حيث يقول: quot;ليس من أمنية في هذا الجو السياسي الضبابي، فالتجاذبات السياسية لن تنتهي، ولا يتوقع أنها ستكون في حال أحسن عام 2012، لأنها لم تؤد إلى نتيجة واضحة منذ أعوام خلت.

ويسخر رحيم حميد (تاجر 35 سنة) من العملية السياسية في البلاد قائلاً: سيكون عام 2012 عام التجاذبات السياسية الحادة.

ويتابع: quot;أحداث نهاية 2011، لاسيما الانسحاب واتهام نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي بـ(الإرهاب)، ستكون له انعكاسات خطرة على العملية السياسية، ستستمر ربما إلى منتصف العام 2012. ويقول: في هذه الفترة سيتعرّض المواطن العراقي لضغوط سياسية واقتصادية كبيرة.

حكومة غالبية

في حين يتوقع المحامي إسماعيل حسون (45 سنة) أن تشكّل في البلاد، حكومة غالبية، بعد انسحاب الكثير من أطراف العملية السياسية.

وحول أمنيته في العام الجديد يقول: أتمنى أن لا تنعكس الاضطرابات السياسية المتوقعة على الحالة الاقتصادية. ويتابع: العراقيون لم يعودوا يعبأون للتصريحات السياسية المتشابهة طيلة عام 2011.

يتمنى حسون أن يتفهم سياسيو العراق اليأس الذي ينتاب المواطن، من جراء الخلافات، التي ستكون لها انعكاسات سلبية على الأوضاع في البلاد. كما يأملمعظم العراقيين أن يكون عام 2012 عام الاهتمام بالمواطن، وأن يتحسن مستواه الاقتصادي.

في الوقت نفسه،تأمل هدى الياسري (معلمة) أن يكون للمرأة دور أكبر في صنع القرار، وأن تحصل على المزيد من الوظائف، لاسيما بين المتخرجات، اللواتي مضى على تخرجهن سنوات من دون الحصول على وظيفة مناسبة.

لكن ليث الجبوري (تاجر، 40 سنة) يبدى تخوفه من أزمة أمنية واقتصادية، إذا ما تعكر الوضع السياسي في البلاد، لاسيما وأن الأحداث لا تنبئ باستقرار مستقبلي.

ويتابع: الموظفون في الدولة استفادوا كثيرًا من قرارات إيجابية، صدرت بحقهم عام 2011، وآمل أن يشهد العام المقبل، شمول شرائح أكبر في المجتمع بقرارات تحسّن وضعهم الاقتصادي.

وشهد العراق خلال العام الماضي زيادات ملموسة في رواتب الموظفين، لكن فيتو صندوق النقد الدولي سيحول دون زيادة المداخيل في العام 2012 والأعوام التي تليه وفق شروط الصندوق.

الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي

يرى الباحث الاجتماعي كريم الأسدي أن تحسين الوضع الاقتصادي لن يكون بزيادة الرواتب فحسب، كما حدث في عامي 2010 و2011، بل عبر توفير الضمان الاجتماعي والتأمين الصحي لكل المواطنين.

ويتابع: الدلائل تشير إلى أن واردات العراق النفطية ستكون أكبر في عام 2012، ونرجو أن لا يكون ذلك في مصلحة جيوب المسؤولين فقط، ولا بد للمواطن البسيط أن يأخذ حقه في ذلك، بغية تخفيض مستويات الفقر في البلاد، وليس لتعزيز امتيازات المسؤولين وأصحاب النفوذ.

ويأمل رحيم كامل (كاسب، 28 سنة) أن يكون العام المقبل عام القضاء على البطالة المتفشية بين أوساط المجتمع، لاسيما الشباب. ويتابع: أجّلت مشروع زواجي إلى العام 2012، وأتمنى أن يتحقق ذلك.

أما خالد الأسدي (مدرس رسم، 40 سنة) فيتمنى أن يكمل دراسته في نيل شهادة الدكتوراه عام 2012، بعدما رفض طلبه في عام 2011. ويتابع: إكمال الدراسة حق مشروع، وعلى الدولة أن تدعم ذلك.

الباحثة الاجتماعية صفية الخزاعي، ترى أن الأولوية يجب أن تكون لتحسين الوضع المعيشي للمرأة، حيث سيؤدي ذلك أيضًا إلى القضاء على ظاهرة العنوسة المتفشية بين المجتمع.

أما سعدون حسين (كاسب، 33 سنة) فيعتقد أن الأولوية في العام الجديد يجب أن تكون لأزمة السكن. ويتابع: طيلة السنوات السابقة نسمع عن مشاريع عملاقة لتوفير المساكن، لكننا لم نلمس شيئًا.

يسكن سعدون مع أسرته المكوّنة من زوجته وثلاثة أطفال في بيت من الصفيح على أطراف بغداد الجنوبية. ويقول: استأجرت بيتًا منذ عام 2010 في منطقة الدورة في بغداد، لكن قسط الإيجار الباهظ دفعني إلى الانتقال إلى هذا المكان.

رفع الحواجز الأمنية

ويأمل سائق التاكسي لطيف حاتم (33 سنة) من السيدية في بغداد أن يستتبّ الوضع الأمني، بغية رفع الحواجز الأمنية والجدران الكونكريتية، التي تشوّه منظر العاصمة بغداد.

ويضيف: دوي الانفجارات في عام 2011 كان أقل من السنوات السابقة، ونأمل أن يسود الهدوء المطبق في العام المقبل.

وتتمنى الناشطة الاجتماعية لمياء حسن من الصالحية في بغداد، والتي عملت نحو سنتين كمترجمة مع القوات الأميركية، أن تتاح لها فرصة تمويل مؤسسة خاصة لرعاية الأرامل والمطلقات.

وتتابع: حاولت منذ العام 2010 فعل ذلك، لكن أبواب التمويل الحكومية موصدة في وجهي، لا امتلك رأسمالاً كافيًا للشروع في فكرتي التي تتضمن، وضع الخطط بالتعاون مع جهات حكومية وقطاع خاص لتوفير فرص العمل لمئات النساء الفقيرات، عبر مشاريع صغيرة تموّل عبر قروض.

وترى حسن أن توفير فرص العمل هو التحدي الأكبر، الذي تواجهه الحكومة العراقية، لأن ذلك سيؤدي إلى استتباب الوضع الأمني، ويجذب الكثير من الشباب إلى العمل، بدلاً من البحث عنه عبر وسائل غير مشروعة لكسب لقمة العيش.

ويقول عضو المجلس البلدي في بابل (100 كم جنوب بغداد) إن عام 2012 يجب أن يكون عام المصالحة السياسية الحقيقية، وأن يترك سياسيو العراق خلافاتهم لأجل الشروع في انطلاقة حقيقية لعملية سياسية تشهد عدم الاستقرار منذ أعوام. ويتابع: ليس من السهولة، تنفيذ الأجندة الاقتصادية والاجتماعية والخدمية إذا لم يكن هناك استتباب سياسي.

فوضى سياسية

يتوقعالناشط والصحافي السياسي ماجد فاضل (45 سنة) أن يكون 2011 عام التخلّص من الاحتلال، وقد حصل ذلك. لكنه يتنبأ أن تتشكل في البلاد حكومة غالبية سياسية في عام 2012، لكن ذلك سيصحبه فوضى سياسية تخيّم على البلاد.

ويشتركمعظم العراقيين في أن يكون عام 2012 عام توافر الكهرباء بشكل كامل وعدم انقطاعها المتكرر.

لكن المهندس البلدي عامر عبد الحسن لا يتوقع أن تحلّ مشكلة الطاقة بشكل كامل، مع توقعه بتحسن في مجال توفير الكهرباء ومصادر الطاقة الأخرى. ويقترح عامر أن تركز المؤسسات المعنية في عام 2012 على توفير الخدمات للمواطن، لاسيما الكهرباء.

ويتابع: إذا لم يحصل ذلك في عام 2012، فسنتوقع مظاهرات وانتفاضات على الوضع الحالي.

أمنيات متشابهة
غير أن بعض المواطنين يرفض أن يبوح بأمنياته للعام 2012 بسبب اليأس، الذي يتملكه من الوضع السياسي المضطرب في البلاد، بينهم عامر شمخي (مدرس، 50 سنة)، حيث يرى أن أماني العراقيين تتشابه في كل سنة من دون أن تشهد تحقيقًا.

ويتابع: ما حصل من إنجازات هو دون الطموح، ويعتقدشمخي أن الفساد المتفشي سيحول دون إصلاحات حقيقية في عام 2012.

من جانبه يرى حميد الصالحي (مفتش تربوي، 55 سنة، من كربلاء)، أن وضع المدارس في العراق لم يتحسن بشكل ملموس طيلة السنوات السابقة. ويتابع: لا أتوقع طفرة في هذا المجال في عام 2012.

ويضيف: يجب التركيز على توفير مدارس في الحد الأدنى في العام المقبل، عبر إعطاء مجالس المحافظات صلاحيات بناء المدارس بغية الإسراع في التنفيذ.