تعتزم سويسرا إعادة اموال مبارك لمصر من اجل استخدامها في المصلحة العامة.


بعد ساعتين لا أكثر على اعلان الرئيس حسني مبارك تنحيه في 11 شباط ـ فبراير سارعت الحكومة السويسرية الى تجميد كل ارصدته في مصارف سويسرا. وهي تعتزم الآن اعادتها إلى مصر حيث يمكن ان تُستخدم في خدمة المصلحة العامة.

وأصدرت السلطات السويسرية بيانا اوضحت فيه أن تحركها السريع بشأن ثروة مبارك وافراد عائلته التي لا يُعرف حجمها على وجه التحديد كان يهدف الى قطع الطريق على اي تلاعب بأرصدة الحكومة المصرية.

وأتاح الاقدام على مثل هذا الاجراء السريع قانون جديد دخل حيز التنفيذ في 1 شباط ـ فبراير ليجعل من الصعب على الحكام الفاسدين أن يفتحوا حسابات في سويسرا أو يدَّعوا ملكية ارصدة مخفية في مصارفها.

ويجيز quot;قانون استعادة الأرصدة غير المشروعةquot; للحكومة السويسرية أن تبادر على الفور الى تجميد ومصادرة أموال quot;الأشخاص المكشوفين سياسياquot; حتى إذا لم يطلب بلدهم استعادة هذه الأموال. وبعد اعادة الأموال الى بلد المنشأ يتعين استخدامها لتحسين نوعية الحياة وتعزيز النظام القضائي ومكافحة الجريمة، بموجب القانون.

ونقلت مجلة تايم الاميركية عن جيمس نيسون المتحدث باسم جمعية المصارف السويسرية أن الدول الأجنبية تقدم في الأحوال الاعتيادية طلبا رسميا حين تريد البحث عن اموال جمعها احد مسؤوليها الفاسدين بصورة غير قانونية ، وتجميدها. وأن القانون السويسري الجديد يهدف إلى التعاطي مع اوضاع ترتبط بدول ليس فيها نظام قضائي عامل ولا تستطيع اتخاذ اجراءات قانونية فاعلة.

ويرى خبراء أن القانون يساعد سويسرا على التخلص من سمعتها بوصفها بلدا يستطيع الأشرار والفاسدون والمجرمون ان يخفوا سحتهم الحرام فيه.

وطلعت وزارة الخارجية السويسرية بفكرة القانون في ضوء خبرتها السابقة مع الرئيس الهايتي المخلوع جان كلود دوفالييه الذي أخفى نحو 5.8 مليون دولار من الأموال المنهوبة في مصارف سويسرية. وبعد سقوط بيبي دوك في عام 1986 جمدت سويسرا ارصدته.

وفي عام 2010 قررت محكمة سويسرية عقب معركة قانونية استمرت 24 عاما أن الأموال يجب أن اعادتها إلى دوفالييه. ولأنه لم يتمكن من تقديم ما يثبت أنه حصل عليها بطرق قانونية سارعت وزارة الخارجية إلى منع الافراج عن الأرصدة وشرعت في اعداد القانون الجديد الذي صدر في مطلع شباط/ فبراير الحالي. وينص القانون على اتفاق سويسرا والبلد الذي تُعاد الأموال اليه على برامج تُمول من الأرصدة المعادة في خدمة المصلحة العامة.

وأعادت سويسرا حتى الآن 1.5 مليار دولار من الأموال المنهوبة إلى بلدانها الأصلية، ومنها نيجيريا والفيليبين والمكسيك. وكانت سويسرا اصدرت قبل القانون الجديدة بفترة طويلة جملة قوانين وأنظمة لمكافحة تبييض الأموال والفساد. وقال الناطق باسم جمعية المصارف السويسرية جيمس نيسون أن على هذه المصارف ان تلتزم بقواعد صارمة حين تقيم علاقة تجارية quot;مع شخص مكشوف سياسياquot;.

ولكن خبراء يرون ان سويسرا ما كانت لتضطر الى اتخاذ مثل هذه الاجراءات وتشريع كل هذه القوانين لو كانت مصارف البلدان الأخرى أشد حرصا وحذرا إزاء الأموال التي تقبلها واصحابها. فعندما حققت الحكومة في قضية الرئيس النيجيري الأسبق ساني اباتشا مثلا اكتشفت ان قسما كبير من الـ 700 مليون دولار التي اخفاها في مصارف سويسرية مر قبل ذلك عبر مصارف في الولايات المتحدة وبريطانيا.

ويقول نيسون إن الأموال الحرام كثيرا ما تأتي إلى سويسرا من بلدان أخرى تتعامل بخفة مع هوية الزبون. ويؤكد أن المصارف السويسرية يجب أن تتوفر لديها معلومات مفصلة ليس عن صاحب الرصيد فحسب، بل وعن الآخرين المستفيدين منها، والموكلين عنه للتصرف بها أيضا.

ويشير نيسون على سبيل المثال إلى أن الشخص الذي يريد أن يفتح حسابا في بريطانيا، يثبت هويته بتقديم فاتورة كهرباء أو ماء تحمل اسمه وعنوانه. ولكنه إذا حاول ذلك في سويسرا سيُطلب منه أن يغادر المصرف مشيعاً بالضحك.