يرى مراقبون أن إعلان الرئيس المصري حسين مبارك رفضه التنحي يضع إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما أمام خيارين لا ثالث لهما هما القطيعة النهائية مع مبارك أو الاستمرار في دعوة إلى quot;الانتقال المنظمquot; ربما لم تعد دعوة صالحة.


تصطدم محاولات الإدارة الأميركية التوفيق بين تطلعات المحتجين في مصر وخشية المساهمة في مزيد من إنعدام الاستقرار في الشرق الأوسط باصرار الرئيس المصري على تحدي الدعوات المطالبة برحيله.

وكتبت صحيفة نيويورك تايمز في تحليل إخباري اليوم الجمعة أن مبارك فتح الباب إلى حد ما لتوجه الرئيس أوباما بصورة مباشرة الى المحتجين الذين شعر البعض أن موقف الادارة الحذر غدر بهم قائلين إنها تضع المصالح الاستراتيجية فوق القيم الديمقراطية. وكان مبارك أكد في كلمته انه يرفض الاملاء من الخارج مشيراً الى تمسكه بالسلطة بعد ايام من الضغط الاميركي لإحداث تغيير لا رجعة فيه.

وقال توماس مالينوفكسي رئيس منظمة مراقبة حقوق الانسان quot;هيومن رايتس ووتشquot; في واشنطن الذي استعان البيت الابيض بخبرته مع آخرين مختصين بالشؤون المصرية في الأيام الماضية، ان الادارة الاميركية راهنت بكل شيء وأن ما لديها من أوراق قد حان الوقت لأن تلعبها.

ولم ينم عن الادارة في اول رد فعل لها على خطاب مبارك ما يشير بصراحة الى تغير في موقفها. فهي في الوقت الذي انتقدت تفويض نائب الرئيس بوصفه خطوة غير كافية لم توجه دعوة مباشرة لاستقالة مبارك. ولكن البيت الأبيض دعا النظام المصري الى تبيان الطريقة التي سيحدث بها نقل السلطة quot;بلغة واضحة غير مبهمةquot;.

وبدا ان خطاب مبارك فاجأ الادارة الاميركية مثلما فاجأ الحشود التي غص بها ميدان التحرير. فان مدير وكالة المخابرات المركزية ليون بانيتا قدم صباح الخميس افادة امام مجلس النواب رجح فيها ان يتنحى مبارك قبل نهاية اليوم.

وقال مسؤولون اميركيون ان بانيتا لم يستند في توقعاته الى معلومات استخباراتية وانما الى تقارير اعلامية. ولكن صحيفة نيويورك تايمز تنقل عن مسؤول كبير في الادارة ان اوباما ايضا كان يعتقد ان مصر تقف على مشارف تغيير ديمقراطي وقال قبل خطاب مبارك quot;اننا نشهد التاريخ يتشكلquot; مضيفا ان اميركا ستفعل كل ما بوسعها لدعم الانتقال المنظم والحقيقي الى الديمقراطية.

وضعت احداث يوم الخميس موضع تساؤل استراتيجية الادارة في التعاطي مع الأزمة المصرية. فهي على امتداد ايام علقت آمالها على عملية انتقالية يقودها نائب الرئيس عمر سليمان. ولكن سليمان تحدث بعد مبارك متخذا جانب رئيسه بلا مواربة وحث المحتجين على العودة الى quot;ديارهم واعمالهمquot; والكف عن مشاهدة الفضائيات.

وحذر محللون من ان هذا التعبير الباذخ عن الوفاء قد يقضي على أي فرص لقيام سليمان بدور الوسيط الأمين في عملية الانتقال، كما كانت ادارة اوباما تراهن.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مارتن انديك مدير السياسة الخارجية في معهد بروكنز quot;ان الادارة كانت تتطلع الى سليمان للتعامل مع الجزء المنظم من عملية الانتقال ولكنه هذا الاسبوع اثار شكوكا في تحوله الى الديمقراطية. والآن جرَّه مبارك الى السقوط معه برأي المحتجينquot;.

كان الخميس يوم تقرب بالنسبة للادارة الامريكية مثلها مثل الحشود في ميدان التحرير، ولكنه ترقب اعقبته بلبلبة واسعة. وهيأت شبكة سي ان ان مكاتبها في انحاء واشنطن منتظرة مع وزيرة الخارجية هيلاري كلنتون ومسؤولين آخرين الاستماع الى خطاب ظنوا انه سيكون خطوة كبيرة الى الأمام في حل ازمة مصر.