توترت العلاقة بين نواب عرب إسرائيل والنظام الليبي، فبعد شهر العسل الذي استهلّه وفد من أعضاء الكنيست العرب بزيارة ليبيا قبل عام، تراجعت المواقف التي تؤيّد القذافي مع اندلاع الانتفاضة المناوئة له، وتخلّت الكتل العربية الإسرائيلية عن حصولها على 6 ملايين يورو من نظام القذافي.


بعض شخصبات ونواب عرب إسرائيل مع الزعيم الليبي معمّر القذافي

تل أبيب: شهدت العلاقة بين نواب عرب إسرائيل في الكنيست والزعيم الليبي معمّر القذافي تحولاً دراماتيكياً، فبعدما قرر أقطاب الكتلة العربية في البرلمان الإسرائيلي فتح قنوات من التواصل مع ليبيا وزعيمها قبل عام تقريباً، وتمخّض هذا التواصل عن زيارة قام بها وفد إسرائيلي للقاء القذافي في مقرّ إقامته في طرابلس، تراجع هؤلاء عن مواقفهم السابقة مع اندلاع الشرارة الأولى لاحتجاجات الشعب الليبي ضدّ النظام.

ورغم أن الانتفاضة الليبية قد قطفت ثمار الزيارة التي يدور الحديث عنها، إذ كان القذافي تعهّد في حينه بمنح الكتل العربية في الكنيست ستة ملايين يورو سنوياً، لدعم نشاطهم السياسي المناوئ لإسرائيل، إلا أنّ رؤساء الكتل العربية اعتبروا زيارتهم وعلاقتهم السابقة للزعيم الليبي لا تعني تأييده كنظام، وإنما كانت تهدف إلى خلق أجواء من التواصل بين عرب إسرائيل والدول العربية، بغضّ النظر عن الاتفاق أو الاختلاف مع سياسة أنظمتها.

وكان انفتاح الكتل العربية البرلمانية في إسرائيل على النظام الليبي قد أثار رفضاً وغضباً من قادة الحقل السياسي في الدولة العبرية، واعتبرت حكومة تل أبيب حينذاك أن تلك الخطوة تهدّد الأمن الإسرائيلي، ولا تختلف كثيراً عن مثيلتها التي قام بها عضو الكنيست العربي السابق عزمي بشارة تجاه سوريا ولبنان، ولقاءاته مع عناصر من حزب الله.

6 ملايين يورو
بحسب ما نقلته آلة الإعلام العبرية عن المواقف الجديدة لعرب إسرائيل من النظام الليبي، أفردت صحيفة هاآرتس تقريراً مطولاً أبرزت فيه موقف لجنة المتابعة العربية داخل الكنيست الإسرائيلي من التطورات الراهنة في الجماهيرية الليبية، إذ تراجع الأعضاء أحمد الطيبي وجمال زحالقة ومحمد بركة، الذين كانوا زاروا ليبيا قبل عام عن مواقفهم السابقة، التي أبدوا فيها إعجاباً بالزعيم الليبي، وضربوا عرض الحائط بستة ملايين يورو، كان القذافي قد تعهّد بمنحها للجنة المتابعة العربية في الكنيست.

كما قاد هؤلاء تظاهرة تأييد للشعب الليبي في مدينة الناصرة مساء أمس السبت، ومن المقرر تنظيم تظاهرة مماثلة في نهاية الأسبوع الجاري تضامناً مع شعب ليبيا ضدّ ما يتعرض له من انتهاكات على أيدي نظام القذافي.

أحد قادة الأحزاب العربية الإسرائيلية رأى في حديث مع صحيفة هاآرتس العبرية quot;أن الأحداث الأخيرة التي يشهدها الواقع السياسي في الدول العربية لم تكن متوقعة، وحطّمت الحسابات السياسية السابقة كافّة، ورغم أن الكتل العربية بزيارتها للزعيم الليبي لم تكن تدعمه أو تدعم غيره، وإنما كانت تهدف إلى خلق قنوات من الحوار والتواصل مع الدول العربية، إلا أن الأحزاب العربية التي شاركت في زيارة ليبيا تعتذر عن تلك الزيارةquot;.

من جانبه رفض عضو الكنيست العربي محمد بركة الاعتذار عن زيارة وفده لليبيا، وقال quot;لا تعني الزيارة دعمنا لنظام معمّر القذافي، إذ إن الأخير كان رئيساً دورياً لجامعة الدول العربية، واستضاف لديه معظم قادة الدول العربية خلال القمة الأخيرة، فما قلناه لدى القذافي هو ما نقوله حتى الآن داخل الكنيست، وهو أن نضالنا يقتصر على المطالبة بحقوق المساواة والعدل، وبالنضال العربي اليهودي المشتركquot;.

أفظع جرائم الحرب
أما عضو الكنيست العربي جمال زحالقة فأكّد أنّ quot;ما فعله النظام الليبي مع أبناء شعبه، يجسّد أفظع جرائم الحرب ضد المدنيينquot;. مضيفاً أنه كان من اللائق الموازنة بين الرغبة في التواصل مع الدول العربية وبين الأنظمة التي تحكم بين تلك البلدان، كما كان من اللازم الموازنة أيضًا بين الزيارة والنتائج المترتبة عليها.

واعترف زحالقة بأنه quot;قد أخطأنا عند القيام بزيارة ليبيا، وكان ينبغي الحصول على موافقة الحكومة، حتى إذا كانت هناك زيارات تنضوي تحت التواصل الثقافي أو الأكاديميquot;. في حين أوضح عضو الكنيست أحمد الطيبي، أول المبادرين بزيارة البرلمانيين الإسرائيليين العرب ليبيا، في بيان صادر من حزبه quot;أن زيارتنا ليبيا ليست لها علاقة بمعاناة الشعب الليبي من سياسة نظامه، فلسنا مع النظام ضد شعبه، ولم نجر الزيارة لتشجيع معمّر القذافي على سياسة سفك الدماء وجرائم الحرب التي يرتكبها ضد بني شعبهquot;.

في تعليق للشاعر واليساري الإسرائيلي يوسي ساريد على زيارة أعضاء الكنيست العرب للنظام الليبي منذ ما يقرب من عام، قال الأخير quot;لقد حصل هؤلاء الأعضاء على مقاعدهم في الكنيست بتأييد من الشعب، ولم ينالوا هذه المقاعد منحة، وقيامهم بزيارة دولة عربية أو أخرى لا ينبغي مجابهته بتلك الانتقادات، فمن حقهم زيارة أية دولة عربية حتى إذا كانت سوريا أو لبنان كما فعل عضو الكنيست السابق عزمي بشارة، ولا ينبغي تقييد حريتهم، خاصة أن مثل هذه الزيارات قد تتمخّض عن نتائج إيجابية تصبّ في مصلحة إسرائيل ومصلحة الدول العربية، عندما تخلق اندماجاً، وتحول دون العزلة المفروضة على إسرائيل من قبل دول الجوار العربيquot;.