امرأة منقبة مع طفلها في حديقة بقلب العاصمة الفرنسية باريس

يتخذ النقاش حول النقاب في فرنسا اتجاهاً جديداً، حيث من المقرر أن يُحظَر على السيدات ارتداء النقاب في الأماكن العامة في فرنسا اعتباراً من 11 أبريل المقبل. ويتعرض ساركوزي لانتقادات بسبب ما وصف بانه تعمد منه لتشويه صورة المسلمين في بلاده بغية كسب الأصوات.


أشرف أبوجلالة من القاهرة: أخذت المناقشة التي تشهدها فرنسا منذ سنوات بشأن اللباس الذي يجب أن ترتديه المرأة المسلمة في الأماكن العامة في البلاد اتجاهاً جديداً، بعد أن نُشِرت التفاصيل الخاصة بقرار حظر ارتداء النقاب المثير للجدل في مرسوم من قِبل رئيس الوزراء.

وبحسب ما جاء في هذا المرسوم، فإنه اعتباراً من يوم الحادي عشر من نيسان/ أبريل المقبل، سوف يُحظَر على السيدات ارتداء النقاب في أي من الأماكن العامة، حتى أثناء السير في الشارع، أو عند ركوب الأتوبيس، أو عند التواجد في البنوك أو المكتبات أو المحلات، أو في السينما أو المسارح.

ولن يُسمَح من الناحية القانونية لامرأة ترتدي النقاب أن تقوم بزيارة متحف اللوفر، أو أي متحف آخر، أو أن تستقل القطار، أو أن تقوم بزيارة لأحد المستشفيات أو الإتيان بأطفالها من المدرسة.

كما سيتم حظر النقاب في أي مكان تقريباً خارج منازل السيدات، إلا عند التعبد في مكان ديني أو عند السفر في سيارة خاصة، رغم أن شرطة المرور قد تستوقفهن، إذا رأت أنهن لا يمتلكن quot;مجال رؤيةquot; واضح أثناء القيادة. وسيتم تغريم السيدات المرتديات للنقاب مبلغاً قدره 150 يورو ( حوالى 130 إسترلينيا ) وسيتم منحنهن درجة من المواطنة لتذكيرهن بالقيم الجمهورية لفرنسا العلمانية والمساواة بين الجنسين.

وإذا وُجِد أن هناك طرفاً ثالثاً يجبر المرأة على ارتداء غطاء الوجه، مثل الزوج أو أي من أفراد الأسرة، فستُفرَض عليه غرامة قدرها 30 ألف يورو، وسَيُسجَن لمدة عام.

ورأت اليوم صحيفة الغارديان البريطانية أن قرار حظر ارتداء النقاب هذا، جاء ليجدد النقاش الدائر منذ مدة طويلة في فرنسا بشأن الطريقة التي تقوم من خلالها الدولة التي يوجد بها أكبر مجتمع مسلم في أوروبا بدمج الإسلام في جمهوريتها العلمانية.

وأكدت الصحيفة أيضاً أن توقيت الإعلان عن القانون الجديد يهدد بإغراق فرنسا إلى أبعد من ذلك في أزمة هوية. وأشارت إلى أن ساركوزي، الذي يسعى إلى تأمين أصوات الناخبين من اليمين المتطرف في انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل، يتعرض لانتقادات بسبب تعمده تشويه سمعة المسلمين المتواجدين في بلاده بغية كسب الأصوات.

وقد أمر ساركوزي بفتح نقاش على الصعيد الوطني بشأن المكانة التي يحظى بها الإسلام في فرنسا العلمانية، وأخبر الصحافيين بأنه لا يرغب في توفير خيارات متعلقة بالطعام الحلال في المطاعم المدرسية، وأنه لا يريد صلوات خارج المساجد ولا يريد مآذن.

وأتت تلك الخطوة من جانب ساركوزي في الوقت الذي وصلت فيه شعبية حزب الجبهة الوطنية الذي تترأسه مارين لوبان إلى مستويات غير مسبوقة، بعد مقارنتها المسلمين الذين يصلّون في الشوارع أمام المساجد المزدحمة بالاحتلال النازي لفرنسا. فضلاً عن انتقادها مطاعم الوجبات السريعة التي تقدم أطعمة حلال فقط.

فيما حاول رئيس الوزراء، فرانسوا فيون، أن يُبعِد نفسه هذا الأسبوع عن المناقشة التي أثارها ساركوزي حول الإسلام، وقال إنه معترض على quot;تشويه سمعة المسلمينquot;. وأوضح أن أغطية الوجه تضع السيدات اللواتي يلبسنها في حالة إقصاء وعقدة نقص تتعارض مع مبادئ الحرية والمساواة وكرامة الإنسان التي تقرّها الجمهورية الفرنسية. لكن المؤرخ المتخصص في شؤون الهجرة، باتريك ويل، حذر من أن هذا القانون معرض للطعن من جانب المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.

في غضون ذلك، بدأت الحكومة الفرنسية حملة إعلامية مبنية على الشعارات، تهدف إلى تذكير السيدات المسلمات اللواتي يرتدين النقاب بأنهن سيُمنَعن عما قريب عن طريق القانون من الظهور بتلك الوضعية في الأماكن العامة، وإخبار المواطنين أيضاً بالطريقة التي يجب أن يتعاملوا من خلالها مع نقاب معتم أو حجاب مفرط الحماية.

وأفادت في هذا الشأن مجلة التايم الأميركية بأن الحكومة هناك بدأت اليوم في توزيع 100 ألف منشور و 400 ألف كتيب يذكرون الناس بالاعتراض على quot;تغطية الوجه في الأماكن العامةquot;. كما بدأ اليوم موقع إلكتروني في التذكير بأن quot;إخفاء وجهك يقوض الحد الأدنى من متطلبات الحياة الاجتماعيةquot;، أو عبر إثارته الحس الوطني، بتأكيده أن الجمهورية يمكنها أن تحافظ على بقائها دون أن تغطي وجهها.