ضربت مواقع التواصل الاجتماعي على شبكة الانترنت والتلفزيون موعدًا جديدًا وهادمًا للصحافة الورقية في حضورها ومساهمتها في زيادة حركة الثورات العربية، خصوصًا في ما حصل في تونس ومصر، الأمر الذي جعل أرباب الورق يحاولون تغيير الموجة السابحة ضد تيارات الشعوب.


مكة: لا شيء أكثر بؤسًا في عالم الإعلام الجديد هذه الأيام أكثر من صحافة الورق، إذ إن السنوات القليلة الماضية كانت تشهد تسارعًا واضحًا للسيطرة الالكترونية على ماكينات المطابع وصناديق الأحبار حتى أتت الثورات العربية المتتالية لتكتب الفصل الأخير في حياة الصحف الورقية، التي باتت أشبه بنشرات العلاقات العامة مع تظليل بسيط يوحي بأنها حاضرة في مشهد صناعة الإعلام.

في مصر كمثال أبان ثورة 25 يناير كانت الصحف الرسمية تتخبط وبدت وكأنها خارج التاريخ، والآن مثيلاتها في الدول العربية باتت تنظر لثورات quot;الأشقاءquot; في حين أنها لا تستطيع أن تقدم مطلبًا واضحًا ضد حكوماتها، وهو الأمر الذي قضى على أي بادرة من شأنها تعيد النزر اليسير من ثقة القارئ بها.

وقد أسقط التلفزيون والإنترنت في البلدان التي تراكمت فيها التناقضات الاقتصادية والاجتماعية الورقة الأخيرة في حياة الصحف الورقية، حيث جرت الإحتجاجات الاجتماعية بشكلها الإلكتروني بوساطة مواقع التواصل الاجتماعي في البداية، ثم تحولت إلى احتجاجات جماهيرية فعلية على الأرض وقام بنقلها الإعلام المرئي للمُشاهد العربي مباشرة.

في هذا الإطار أوضح سلطان العتيبي المتخصص في شؤون الإعلام الإلكتروني في حديث لـquot;إيلافquot; أن مجانية مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفايسبوك وتويتر وسهولة الوصول إليها في أي وقت والبحث فيها، إضافة إلى قلة الرقابة عليها من أسباب توجه الشعوب إليها للتعبير عن رأيهم بحرية حيث أن السلطة النظامية عليها قليلة إلى الآن حسب وصفه.

الأمر الذي أكدته الثورات التي حدثت في العالم العربي أخيرًا حيث قال العتيبي quot;دور الإعلام الإلكتروني والمرئي في ثورة مصر كان له تأثير كبير جدًا وواضح في حين لم يكن له التأثير ذاته في ثورة تونسquot;.

كما أكد العتيبي أن الصحف الورقية فقدت مصداقيتها، حيث أنها في العالم العربي تعاني من السلطة الرقابية مشيرا إلى أن السلطة النظامية في الصحف الغربية أقل من العربية. وختم حديثة مؤكدا أن المصداقية تعود لإدارة الصحفية ومدى حرصها على الصدق، مشيرًا إلى أن الصحف الورقية لن تعيش أكثر من 10 سنوات حيث يتوقع أن لا تبقى صحيفة ورقية، والدليل ما حصل في أوروبا حيث أوقفت الكثير من الصحف طبعتها الورقية وأكتفت بطبعتها الإلكترونية.

في السياق نفسه، أوضح الكاتب السعودي عبده خال في حديث لـquot;إيلافquot; أن للإعلام الجديد دور كبير في حركة الثورات المتتالية في العالم العربي حيث شهد الإنترنت والإعلام المرئي على ميلاد تلك الثورات، مؤكدًا أن quot;الذي أحدث الثورات هو الإعلام الجديدquot; وقصد خال بالإعلام الجديد البشر العاديين الذين يبثون أخبارهم بالصوت والصورة عبر صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك والتويتر وغيرها.
وأكد خال انتهاء العصر الورقي قائلاً: quot;انتهى عصر الصحف الورقية كما انتهى عصر الجمال والبغال في الترحال، وهو الآن يعيش آخر أيامه وان إتّكل على الأحداث كمادة أساسية سيموت مؤكدًاquot;، مشيرًا بذلك إلى quot;أن الصحف الورقية باتت تعتمد على الرأي لا الحدث محاولة بذلك أن تتواجد أكبر فترة زمنية ممكنة حيث اتجهت للمحلي الخالص وللحوادث الإنسانية والأشياء التي لا يسلط عليها الضوء في الإعلام المرئي من أخبار وحكاياتquot;.

وأكد خال أن الفايسبوك سرق الأخبار من الإعلام المرئي، حيث سبق الإنترنت والجوال تلك القنوات، وأصبح كل شخص من أي بقعة في العالم قادرًا علىأن يتحوّل من مستقبل إلى مصدر للخبر لحظة بلحظة.

واعتبر خال أن quot;لكل وقت آذانًاquot;، أي أن لكل وقت وزمان شخصياته وأدواته ورجالاته وأفكاره موضحًا أن الحركة الزمنية تأتي بأدواتها ولا تستعير أدوات غيرها. مضيفًا أن الوقت الذي نعيشه الآن خلق أدواته بنفسه حيث ساعدته في ذلك التقنية وبالتالي لا يمكن على الشاعر مثلاً أن يوصل شعره بصوت واحد لأن هذا سيؤخر كثيرًا في إيصاله.