إجراءات لإبعاد الرعايا الإجانب عن منطقة الخطر في اليابان أو إجلائهم

لندن: اللافت في كل التصريحات التي يدلي بها المسؤولون اليابانيون بشأن التسرب الاشعاعي من منشأة دايتشي النووية في فوكوشيما هو ندرة المعلومات ذات المعنى التي تتيح تكوين صورة واقعية عن حجم الأزمة.

ويشعر الخبراء النوويون الأجانب والصحافة اليابانية وقطاع واسع من اليابانيين الذين يزدادون غضبا وقلقا، بالإحباط إزاء تخلف الحكومة ومسؤولي الشركة التي تدير المنشأة عن التواصل بوضوح وسرعة لوضع جميع هذه الأطراف في صورة الحدث.

وإذ يشير هؤلاء جميعا الى تضارب الأنباء واللغة المبهمة والرفض المتواصل لتأكيد ابسط الحقائق فانهم يرتابون بأن المسؤولين يتعمدون حجب أو تمويه معلومات مهمة بشأن المخاطر الناجمة عن الأضرار التي لحقت بمفاعلات دايتشي.

وكانت المؤتمرات الصحفية التي تتملص من الاجابات الواضحة تعقب ايجازات صحفية خالية من اي معلومات ذات قيمة فيما تتصاعد الأزمة. وقال مراقبون ان اليابان لم تكن بحاجة الى قيادة قوية كما هي اليوم منذ الحرب العالمية الثانية، وان مواطن الضعف في نظام الحكم لم تنكشف مثلما انكشفت خلال هذه الأزمة.

وبتعاقب الزلزال والتسونامي والأزمة النووية في ضربات متتالية فان قادة اليابان يحتاجون الى مهارات لم يتدربوا على اكتسابها وهي تعبئة الشعب وايجاد حلول سريعة والتعاون مع الأجهزة البيروقراطية ذات النفوذ الواسع.

وقال استاذ العلوم السياسية تاكيشي ساساكي من جامعة غاكوشوين لصحيفة نيويورك تايمز ان اليابان لم تتعرض الى امتحان كهذا، وان هناك في الوقت نفسه فراغا على مستوى القيادة.

يعتمد السياسيون اعتمادا يكاد يكون كاملا على شركة كهرباء طوكيو quot;تيبكوquot; في تزويدهم بالمعلومات، وما تقوله لهم الشركة ينقلونه بطريقة كثيرا ما لا تكون مقنعة. واعرب رئيس الوزراء ناوتو كان عن استيائه حاملا على مسؤولي الشركة لعدم اطلاع الحكومة على انفجارين حدثا في المنشأة يوم الثلاثاء الماضي.

وقال مصدر دبلوماسي في فيينا مطلع على عمليات الوكالة الدولية للطاقة الذرية في اليابان ان من المحبط ان يحاول المرء الحصول على معلومات نافعة من اليابانيين.

ويكمن سبب اللف والدوران في ثقافة لا تحب النزاع وتتفادى الاشارات المباشرة الى القضايا غير السارة. وكان من المتعارف عليه حتى الآونة الأخيرة ألا يُبلغ مرضى السرطان بتشخيص المرض لحمايتهم من الكدر والغم، على ما يُفترض.

وهناك اعتبارات سياسية ايضا. فان الحساسية المفرطة إزاء الأمراض الناجمة عن التعرض للاشعاع في البلد الوحيد الذي ضُرب بقنبلة ذرية ربما تدفع المسؤولين الى محاولة تطويق احتمالات الذعر والاستغراق في عمليات السيطرة على الأضرار.

وتتخذ وسائل الاعلام ذات التوجهات اليسارية منذ زمن طويل موقفا معارضا للطاقة النووية ومؤيديها. ودفع انعدام الثقة بين المعسكرين شركات الطاقة واجهزة الرقابة عليها الى التقتير والشح في المعلومات التي تقدمها عن العمليات النووية عموما تحاشيا لتهييج جبهة واسعة من الخصوم تضم اليسار وانصار النزعة المسالمة وحماة البيئة.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن الخبير النووي كوني يوغو ان المأزق يتمثل في quot;ان الحكومة وشركة الطاقة تحاولان ألا تكشفا إلا ما تعتقدان انه ضروري في حين ان وسائل الاعلام ذات الميول المناهضة للطاقة النووية تعمل بهستيريا، الأمر الذي يدفع الحكومة وشركة تيبكو الى الامتناع عن تقديم أي معلوماتquot;.