دفن نيلسون مانديلا، أول رئيس لجنوب افريقيا الحرة، مسدسا يعتبر رمزا للنضال ضد بطش نظام الأبارتيد في بقعة أرض بضواحي جوهانسبيرغ العام 1962. لكن أسرة مالكة لمنزل شُيّد على هذه الرقعة ترفض إعادته اليه إلا مقابل مبلغ هائل.


مانديلا في شبابه

لندن: صار مسدس حصل عليه نيلسون مانديلا قبل قرابة 50 عاما أحد أكبر الرموز الملموسة للنضال ضد نظام التمييز العنصري (الأبارتيد). فهو يُعتبر أول سلاح ناري يشهر في الحرب على ذلك النظام. لكنه صار الآن محل نزاع حاد علي قيمته المالية. وتعود القصة الى العام 1962 عندما أهدى امبراطور اثيوبيا هايلي سلاسي المسدس شبه الآلي من طراز laquo;ماركوفraquo; هدية الى مانديلا لدى زيارة له معسكر تدريب عسكري لبعض عناصر المؤتمر الوطني الافريقي على الأراضي الاثيوبية.

وعاد مانديلا بالمسدس الى مزرعة ليليزليف بضاحية ريفونيا في جوهانسبيرغ (القاعدة السرية للجناح العسكري بالمؤتمر الوطني) متنكرا في زي أحد حراسها ومتخذا من laquo;ديفيد موتسامايهraquo; اسما مستعارا له. وفي يوليو / تموز من ذلك العام تحسب للطوارئ فلف المسدس برقاقة المونيوم وبذلة عسكرية رسمية ودفنه في الأرض مع 200 شريط من الرصاص.

واعتقل مانديلا في 1963 ومثل أمام ملا يعرف بمحكمة ريفونيا. وفي السنوات التي تلت أطلق سراحه فعاد الى المزرعة لاستعادة مسدسه. فوجد أن عددا من المنازل شيدت على أرضها بما فيها واحد بدا أنه بُني على بقعة الأرض التي كان قد دفن فيها مسدسه.
ووفقا لرواية شاهد عيان، هو الصحافي أليستر سباركس لـlaquo;غارديانraquo; البريطانية، فلما دخل مانديلا هذا المنزل بإذن صاحبه، قال إنه دفنه على بعد 20 خطوة من مطبخه. وبدأ يحصي خطواته، لكن وصل الى حائط المنزل مع الخطوة العاشرة. دفنه إذن على أرض المنزل المجاور.

لكن البحث في هذا المنزل المجاور لم يتم إذ عارضته أسرة مالكه، آل لينسترا. واتضح لاحقا أنها عثرت على المسدس واعتبرته ملكا لها. ومنذ ذلك الوقت باءت المحاولات لاسترجاعه بالفشل. وبعد الحرية التي استعادها سود البلاد أقيم هيئة أمناء لمزرعة ليليزليف أخفق مديرها، نِك وولبي، في استرجاع المسدس فرفع الأمر الى القضاء باعتبار المسدس ملكا لمانديلا أولا ويجب أن يعاد اليه وهو على قيد الحياة، وثروة قومية تعود للبلاد بأسرها ولا يجوز لشخص واحد غير مانديلا نفسه الاستحواذ عليها، ووصف موقف أسرة لينسترا بأنه laquo;أسطع مثال على الأنانية والجشعraquo;.

على أن محامي الأسرة يقول إن المسدس ملك لها بقوة القانون وإنها عرضت على مجلس الأمناء شراءه منها بمبلغ laquo;معقولraquo; لكن هذه الأخيرة رفضت هذا العرض. وفي خضم المعركة القانونية المستعرة حاليا فيبدو أن فرص مانديلا (92 عاما) في استعادة مسدسه، الذي تقدر قيمته الآن بحوالي 22 مليون راند (أكثر من 3 ملايين دولار)، ، تخبو يوما بعد آخر.

ويقول رئيس مجلس الأمناء: laquo;كنا نأمل أن نعيد الى مانديلا قطعة حية من تاريخ نضاله ونضال بلاده وهو في مغيب العمر. لكن المال والجشع يحولان دون تحقيق هذه الأمنية العزيزة إذ ان أسرة لينسترا تطلب مبلغا تعجيزيا مقابلهraquo;.