رأى 2505 من إجمالي 4891 صوّتوا في إستفتاء إيلاف الأسبوعي أي ما يعادل 52.29% أن الثورة المضادة في مصر قد لايكون لها تأثير واضح في إسقاط ثورة 25 يناير، في حين أعرب 1355 من القراء بنسبة بلغت 28.28% عن اعتقادهم بإمكانية حدوث ذلك.


صبري حسنين من القاهرة: لم تكن دموع الدكتور عصام شرف رئيس الحكومة المصرية أثناء حديث تلفزيوني في برنامج quot;العاشرة مساءquot;، مع الإعلامية منى الشاذلي، إلا تعبيراً صادقاً عن المخاوف التي تملكته، من تمكن الثورة المضادة التي يقودها فلول الحزب الوطني في الإجهاز على ثورة 25 يناير، ولكن ليطمئن المصريون... فقد أظهرت نتائج استفتاء quot;إيلافquot; للأسبوع الماضي أن 52.29% من القراء يعتقدون أن الثورة المضادة لن تنجح في اغتيال مكتسبات ثورة 25 يناير.

وكما كانت دموع شرف تلامس العواطف بشدة وصدق، فإن نتائج الإستفتاء تلامس العقل بصدق أيضاً، وهي الأقرب إلى الواقع، حيث إن 2505 من إجمالي 4891 صوّتوا في الإستفتاء أي ما يعادل 52.29% يرون أن الثورة المضادة قد لايكون لها أي تأثير واضح في إسقاط ثورة 25 يناير، وأعرب 1355 من القراء بنسبة بلغت 28.28%، عن إعتقادهم في إمكانية حدوث ذلك.
فيما أنكر 931 قارئًا وجود ما يسمى بـquot;الثورةquot; المضادة، ومثلت نسبتهم 19.43% من إجمالي المشاركين في الإستفتاء على مدار سبعة أيام.

إنطلقت الثورة المضادة في مصر عقب نجاح ثورة 25 يناير في إسقاط رأس النظام الذي ظل يحكم مصر على مدار نحو 30 عاماً، ألا وهو الرئيس السابق حسني مبارك، وظهر واضحاً أن لتلك الثورة ثلاثة مظاهر واضحة هي: إشاعة الفوضى والرعب في قلوب المصريين، باستخدام الآلاف ممن يعرف لدى المصريين بـquot;البطجيةquot;، وهم مجرمون مسجلون لدى وزارة الداخلية، كانت تستخدمهم بالتعاون مع الحزب الوطني الحاكم في تزوير الإنتخابات، وإرهاب النشطاء السياسيين والحقوقيين.

حيث شنّ هؤلاء مئات الهجمات على المدارس الإبتدائية ومدارس الفتيات، ومارسوا جرائم قطع الطرق والسرقة بالإكراه ليل نهار. إضافة إلى إشعال الفتنة الطائفية، وذلك من خلال إحراق ومحاولة هدم بعض الكنائس، وترويج شائعات تزعم إلغاء المادة الثانية من الدستور التي تنصّ على أن quot;الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيس للتشريع في الدولةquot;، وتأجيج مواجهات بين المسيحيين والمسلمين عبر استخدام بلطجية، كما حدث في منطقة منشأة ناصر الفقيرة في القاهرة، ما أسفر عن مقتل 13 شخصاً في ليلة واحدة. إطلاق مئات من التظاهرات الفئوية في المصانع والشركات والمؤسسات العامة والخاصة، بهدف تعطيل سير عجلة الإنتاج، وتدمير الإقتصاد القومي.

يقف فلول النظام الحاكم السابق وأعضاء كبار في الحزب الوطني وضباط في جهاز أمن الدولة المنحلّ وراء الثورة المضادة بهدف إجهاض ثورة 25 يناير، وإلهاء الحكومة والشعب عن محاسبة الفاسدين واسترداد الأموال المنهوبة. هكذا جزم السفير محمد رفاعة الطهطاوي المتحدث السابق باسم الأزهر وأحد شيوخ الثورة، وقال لـquot;إيلافquot;: إن كلامي هذا ليس مجرد تكهنات، بل معلومات واضحة، استقيتها من ضابط سابق في جهاز أمن الدولة، وقال لي أيضاً إن هناك ترتيباً وتنسيقاً بين رموز الحزب الوطني وبقايا النظام الحاكم والمنتفعين منه، لتهييج أصحاب المطالب الفئوية، وتشجيع آلاف البلطجية على مهاجمة المنازل والمدارس وقطع الطرقquot;.

ويعتقد أن هؤلاء هم من يقفون وراء عملية إثارة الفتنة الطائفية في مدينة أطفيح وهدم كنيسة فيها، وما أعقبها من حدوث انفلات أمني في منطقة منشأة ناصر الفقيرة، حيث قطع المئات من البلطجية التابعين لعضو في الحزب الوطني ونائب سابق في مجلس الشعب طريق الأوتوستراد الحيوي، واشتبكوا مع المتظاهرين من المسيحيين الذي خرجوا إحتجاجاً على هدم الكنيسة، وتزامن ذلك مع إطلاق شائعة تزعم أن المسيحيين يزحفون لهدم مسجد السيدة عائشة، وأنهم أشعلوا فيه النيران بالفعل، ما أدى إلى تأجيج المشاعر الطائفية، وحدوث مواجهات بين الجانبين، استخدم فيها البلطجية السلاح الناري الذي استولوا عليه من أقسام الشرطة أثناء الثورة، وقتل في تلك المواجهات نحو 13 شخصاً.

وأثنى الطهطاوي على إقرار الحكومة قانون مكافحة البلطجة، وإصدار أحكام عسكرية ضد البلطجية تصل إلى المؤبد والإعدام إذا تسببت أفعالهم بإزهاق الأرواح، وتوقع أن تؤدي تلك الأحكام الرادعة إلى تطويق ظاهرة البلطجة ولجم الخارجين عن القانون. وطالب الحكومة بضرورة طمأنة أصحاب المطالب الفئوية إلى أن مطالبهم سوف تتحقق، وذلك من خلال قانون أو قرار من رئيس مجلس الوزراء، لاسيما أن تاريخ الحكومات السابقة معهم لا يجعلهم يثقون في أية وعود رسمية شفهية. مشدداً على ضرورة التعامل بكل حزم مع مروجي الشائعات الطائفية وإعمال القانون في الجرائم ذات الطابع الطائفي أو التي يشترك فيها مسلم ومسيحي، مع أهمية تغيير الإعلام سياسته في معالجة مثل تلك القضايا بعيداً عن الإثارة أو اللعب على وتر الطائفية لتحقيق مكاسب مادية أو شهرة على حساب الوطن.

ليس لدى مرشح الإنتخابات الرئاسية المقبلة، الدكتور أيمن نور أدنى شك في وجود الثورة المضادة، وأنها ما زالت مستمرة، ولن تهدأ إلا بالتعامل معها بكل حزم، والقضاء على متزعميها وداعميها من فلول النظام السابق ورجال أعماله وضباط أمن الدولة غير الشرفاء.

وأوضح نور لـquot;إيلافquot; أن الثابت تاريخياً أنه في أعقاب نجاح الثورات الشعبية في إسقاط نظام الحكم، يحاول ذلك النظام الإجهاز على الثورة من خلال ثورة مضادة، يستخدم فيها كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة، فجيوش البلطجية التابعون للحزب الوطني والذين يأتمرون بأوامر رجاله أو أوامر ضباط المباحث أو جهاز أمن الدولة المنحلّ، تعيث في البلاد فساداً وتمارس السرقة بالإكراه وتشنّ هجمات على المواطنين في البيوت أو المحال التجارية.

وأضاف نور أنه تأكد للجميع أن هناك ثورة مضادة منظمة من خلال وقائع عدة، منها: قيام البلطجية بسلسلة هجمات ضد المدارس الإبتدائية ومدارس الفتيات، رغم أن تلك المؤسسات ليس مقتنيات غالية، إذًا الهدف هو الترويع ونشر الخوف في قلوب أولياء أمور الأطفال وتعطيل الدراسة.

كما إنه ثبت تورط مجموعات من البلطجية التابعين لبعض أعضاء الحزب الوطني ممن نجحوا بالتزوير في إنتخابات مجلس الشعب المنحلّ في الأحداث الطائفية التي وقعت في منشأة ناصر، وقتل خلالها 13 شخصاً. كما إن التظاهرات التي تخرج للإعتذار للرئيس السابق حسني مبارك، وتزعم أنه مريض أو يحتضر، وتطالب بالدعاء له بالشفاء، تعتبر من مظاهر الثورة المضادة.

إذ إنه من الطبيعي الدعوة إلى محاكمته على الجرائم التي ارتكبها في حق الشعب المصري طوال ثلاثين عاماً، وليس الإعتذار له عن ثورة بيضاء وسلمية واجهها هو وأمنه وحزبه بالرصاص والبلطجية وقتل ما يزيد على 385 شهيداً.

ووفقاً للخبير السياسي الدكتور جمال عبد السلام، فإنه لكي يمكن التعرف إلى خصائص الثورة المضادة وتحديد الأساليب المثلى لمواجهتها ينبغي معرفة سمات ثورة 25 يناير أولاً، ومعرفة مواطن الضعف فيها، وأوضح عبد السلام لـquot;إيلافquot; أن الثورة المصرية اتسمت بأنها بدأت بمطالب إجتماعية وسياسية، ولم يرتفع سقف مطالبها إلى إسقاط النظام، إلا بعد استخدامه العنف المفرط ضد المتظاهرين.

كما إنها كانت فجائية وخرجت في صورة تجمعات شبابية، ثم انضمت شتى طوائف وفئات الشعب إليها بشكل تلقائي، نظراً إلى مشروعية مطالبها وملامستها لحاجات الجميع، فضلاً عن أنها ثورة بلا رأس أو قيادة واضحة، يمكنها أن تصل للحكم وتبدأ في تنفيذ أهداف الثورة سريعاً. هذه السمات كانت سبباً في اندلاع ما يسمى بـquot;الثورة المضادةquot; لإجهاض الثورة الأصلية. وتابع: كانت أركان النظام السابق ترتكز على جوانب عدة داعمة ومرتبطة به، الأول هو نظام الحكم نفسه، والحزب الوطني الذي كان عبارة عن مؤسسة فساد منظمة، وأجهزة الأمن القمعية التي كانت تحصل على مميزات ضخمة، ولها مطلق الحرية في التعامل مع الشعب والحصول على مغانم منه من دون أن تتعرض للمساءلة القانونية.

كذلك رجال الأعمال الذين يموّلون حملاته الحزب الإنتخابية أو حملات الرئيس الإنتخابية أيضاً. إضافة إلى البلطجية الذين كان الأمن يطلق يدهم في السرقة وتجارة المخدرات مقابل تقديم خدمات لإرهاب المعارضين للنظام، من دون أن يظهر بشكله الرسمي في الصورة، خشية انتقادات الدول الخارجية.

واستطرد عبد السلام بالقول: عدم وجود رأس أو قيادة واضحة لثورة 25 يناير أدّى إلى البطء في اجتثاث رموز النظام السابق من المؤسسات الحكومية، وخاصة المؤسسات الأمنية، وأدى إلى البطء في حل جهاز أمن الدولة، والبطء في محاكمة آلاف الفاسدين الذين يخشون أن تدور عليهم الدائرة، فالفجائية أربكت النظام وأسقطت رأسه، لكنها لم تهدم أركانه، وتعيد بناء نظام جديد، ما أعطى الفرصة لفلول أو أركان النظام السابق لتنظيم صفوفها سريعاً، والقيام بثورة مضادة.

ورأى أنه يجب أن تكون المواجهة على مستويات عدة، لأن خطر تلك الثورة المضادة لن يزول بسهولة، نظراً إلى وجود ارتباط بين كل هذه الأركان، المستوى الأول من المواجهة هو سرعة إنشاء هيئة مستقلة تكون مهمتها إجتثاث وهدم أركان النظام السابق وتقديم رموزه وجميع الفاسدين إلى محاكمات سريعة، وعدم الإنتقائية في المحاكمة.

المستوى الثاني: تطهير الأجهزة الأمنية من القيادات المرتبطة بلوبي رجال الأعمال التابعين للنظام السابق. واستخدام الحزم مع ضباط الشرطة المتكاسلين أو المتباطئين في ممارسة عملهم في حفظ الأمن. وحصر أعداد البلطجية المتعاونين مع أعضاء الحزب الوطني وضباط الشرطة، وتقديمهم إلى محاكمة عاجلة.

المستوى الثالث: حلّ الحزب الوطني فوراً، باعتباره تجمعًا أو مؤسسة تقوم على الفساد وتنتظر الفرصة للإنقضاض على السلطة من جديد. وحلّ المجالس الشعبية المحلية، التي تضم نحو 30 ألف عضو من أعضاء الحزب الوطني، يعتبرون أشبه بالميليشيات التي تقوم بأعمال تخريب في البلاد.

أما المستوى الرابع فيتمثل في تأجيل الإنتخابات البرلمانية، لأنها سوف تعيد سيطرة رجال الأعمال على مجلسي الشعب والشورى. والمستوى الخامس: الأهم من كل ذلك استمرار سخونة ميدان التحرير، والإبقاء على تظاهرة مليونية كل يوم جمعة على الأقل، لأن الثورة تحتاج حماية دائمة، ولا أحد يحميها سوى من قاموا بها.