رغم أن الاستشارة القانونية التي طلبتها الحكومة البريطانية من خبرائها تلتزم الصمت بشأن استهداف القذافي، فإنّ الأرجح أنّ استهدافه وقيادته العسكرية العليا جائز.


لندن: ترفض الحكومة البريطانية نشر النص الكامل للرأي الذي طلبته من خبرائها القانونيين بشأن توجيه ضربات جوية في ليبيا.

ويقول المدعي العام البريطاني دومنيك غريف في ملخص للاستشارة القانونية التي قدمها الى الحكومة ان قرارات الأمم المتحدة توفر اساسا قانونيا quot;واضحا ولا يقبل اللبسquot; لاستخدام القوات البريطانية.

ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون نشر الملخص في محاولة متعمدة لتفادي انطلاق سجال حول شرعية غزو العراق في عام 2003.

وكانت شرعية حرب العراق ظلت موضع جدل منذ الغزو لأسباب منها غياب قرار من مجلس الأمن وخلافات حول ما إذا تعرض المدعي العام وقتذاك لورد غولدسمث لضغوط من اجل دفعه إلى تغيير رأيه القانوني.

ورفضت الحكومة نشر النص الكامل للاستشارة القانونية بشأن ليبيا قائلة ان ذلك سيخلق سابقة.

ويجادل المدعي العام غريف بأن قرار مجلس الأمن رقم 1973 quot;يخول الدول الأعضاء باتخاذ كل الاجراءات اللازمة لحماية المدنيين والمناطق المأهولة بالمدنيين المهددين في الجماهرية العربية الليبية، بما في ذلك بنغازي مع استبعاد تمركز قوة احتلال أجنبية بأي شكل من الأشكال على اي جزء من الأراضي الليبيةquot;.

كما يجيز القرار للدول الأعضاء ان تقوم بعمليات تفتيش هدفها فرض حظر على استيراد السلاح والتحليقات الجوية.

وتلتزم الاستشارة القانونية جانب الصمت بشأن استهداف معمر القذافي لحماية المدنيين وامكانية استخدام قوات برية محدودة طالما انها لا تعتبر قوة محتلة أو غازية.

وكانت الاستشارة وزعت على اعضاء مجلس العموم قبل ساعات من بدء النقاش حول ليبيا ولم يتطرق اليها النقاش بقدر يُذكر.

ويؤكد هذا ان الأساس القانوني لمشاركة بريطانيا العسكرية ليس مثيرا للسجال بحد ذاته.

وقال كاميرون ان ملخص الاستشارة قصير جدا لأن الاستشارة نفسها شديدة الوضوح.

ولكن خبراء في القانون الدولي اكدوا ان استهداف القذافي وقيادته العسكرية العليا جائز. واوضحوا ان تغيير النظام الذي ترغب فيه غالبية الدول المؤيدة لقرار مجلس الأمن ليس هدفا محددا في أي نقطة من نقاط القرار الـ 29. وإذا حدث هذا التغيير فانه سيكون ناتجا عرضيا للتدخل الدولي.

كما يمنح القرار للدول المشاركة مجالا واسعا لتقرير ما هو ممكن عسكريا. ولعل الابهام الذي يكتنف مثل هذه الصياغات الفضفاضة كان مقصودا. وفي هذا الشأن نقلت صحيفة الغارديان عن انتوني اوست المستشار القانوني السابق للبعثة البريطانية في الأمم المتحدة ان قرارات الأمم المتحدة احيانا لا تكون واضحة عن عمد وتكون مبهمة عن قصد لأن ذلك هو الطريقة الوحيدة لتفادي استخدام الفيتو ضدها.

ويعتقد فيليب ساندز استاذ القانون في كلية لندن الجامعية ان حياة الزعيم الليبي شخصيا مهددة. وكتب ساندز في صحيفة الغارديان مؤخرا ان التفويض باتخاذ quot;كل الاجراءات اللازمةquot; صياغة عريضة ويبدو انها تجيز استهداف القذافي وغيره ممن يتحركون لتهديد المدنيين بالاعتداء ، وهي مفردات تتعدى الحاجة الى اقامة صلة بوقوع اعتداءات فعلية.

وقال مالكوم شو أستاذ القانون الدولي في جامعة ليستر ان اي شيء يقدم اسنادا للطائرات الليبية بما في ذلك هيكل القيادة والمطارات والمضادات الجوية ، سيكون هدفا مشروعا.

ولكنه حذر من ان مواقع الحكومة الليبية ليست كلها اهدافا مباحة. وقال انه لا يعتقد ان التخويل يشمل تفجير وزارة المالية في طرابلس مثلا.

في غضون ذلك تلوح بوادر انقسام سياسي في تفسير قرار الأمم المتحدة. فان بريطانيا تفكر في تنفيذ هجمات تستهدف الزعيم الليبي على اساس انه المسؤول عن الأوامر الصادرة بمهاجة المدنيين في بنغازي ومصراتة ومدن اخرى رفعت علم الثورة.

وقال وزير الدفاع البريطاني ليان فوكس في حديث مع البي بي سي ان قتل القذافي إمكانية قائمة.

ولكن وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس بدا متحفظا في تفسير بنود القرار الصادر عن مجلس الأمن.

وقال غيتس ان الشيء المتفق عليه هو الحدود التي يضعها قرار مجلس الأمن quot;وإذا بدأنا نضيف اهدافا اخرى فاننا على ما اعتقد نخلق مشكلة في هذا الإطارquot;.

واكد وزير الدفاع الأميركي ان من غير الحكمة اعتبار اشياء يمكن أو لا يمكن تحقيقها على أنها أهداف محدَّدة.

ومن المقرر ان تنشر الحكومة البريطانية في وقت لاحق ملخصا للاستشارة القانونية التي اعدها المدعي العام دومنيك غريف بشأن العملية العسكرية في ليبيا تليه مناقشة برلمانية وتصويت على التدخل العسكري.