اتفق وزراء الخارجية العرب على دعوة مجلس الأمن الدولي لتحمل مسؤولياته، بفرض الحظر الجوي، كما اتفقوا على فتح قنوات اتصال مع المجلس الوطني الانتقالي المعارض في ليبيا لمساعدة الشعب الليبي.
هذه الدعوة خطوة حاسمة على المستوى العربي, والإقليمي والدولي، ذلك؛ لأن المستويين العالمي والإقليمي يتحددان في ضوء الموقف العربي, وإن لم يكن موقف الوزراء العرب قد تكوَّن بمعزل عن الحلفاء الغربيين. وسيكون من الصعب على روسيا والصين الاستمرار في رفض الحظر الجوي بعد الموقف العربي الداعم.
وكانت فرنسا، وبريطانيا علقتا مشاركتهما في فرض الحظر بموافقة مجلس الأمن, وهو الذي كان ينتظر دعوة من الجامعة العربية.
وكانت منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) والاتحاد الأوروبي أعلنا أنهما لن يقوما بفعل ما لم توافق الجامعة العربية والأمم المتحدة على الرد العسكري.
وإذا ظهر للدول الغربية, ولا سيما بعضها الأوروبي, رجحان كفة التدخل العسكري في ليبيا, فيستبعد أن تبقى على ترددها، وكانت صحيفة التلجراف quot; البريطانية حذرت من التورط في نزاع مسلح في ليبيا, وقالت: laquo;يكمن الجدل بأن علينا التزاما أخلاقيا بأن نمنع حدوث مأساة إنسانية في شمال إفريقيا. غير أنه أمر آخر تماما أن نخدم المصالح القومية البريطانية، بأن نلتزم عسكريا بنزاع ملتهب يصعب التنبؤ به كذلك الذي يجري حاليا. فبدون الحصول على دعم ملائم من مجلس الأمن الدولي قد نجد أنفسنا نسير مغمضي الأعين إلى عراق آخرraquo;.
ويرجح أن لا يقتصر الموقف العربي على الكلامي، وأنه سيتعدى ذلك إلى المشاركة الفعلية, وفقا لما صرح به مستشار مجلس الأمن القومي الأمريكي توم دونالون في مؤتمر صحافي بدائرة هاتفية نقلت بعض ما جاء فيه صحيفة ldquo;الخليجrdquo; إن التحرك الأمريكي تجاه ليبيا سيركز على عمل دولي، ويشترط فيه التنسيق مع جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي والاتحاد الأوروبي، وأكد ضرورة مشاركة الجامعة العربية ودول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الإفريقي بمجهودات ldquo;فعليةrdquo; وليست ldquo;بالكلامrdquo; في أي تدخل في الوضع بليبيا.

حظر عربي, أم دولي؟
ولا يخفى أن التدخل العربي هو الأسلم, والأكثر قبولا ليبياً, وعربيا, وقد كانت الدول الأوروبية مترددة بين رفض تنفيذها الحظر, وبين الحذر من تداعيات ذلك، ومدى مقبوليته....
-وكان التباطؤ الأمريكي والأوروبي ناتج عن أسباب سياسية تخضع للمصالح الغربية, أولا, فهم لا يضمنون المعارضة, ولا يملؤون أيديهم منها, وهم حتى لا يعرفونها جميعا, ولذلك ما تزال أمريكا تسعى إلى التعرف على المعارضة، من خلال اللقاءات المباشرة بقادتهم, وكذلك الأوروبيون، وفي هذا السياق قال مصدر أوروبي لـ laquo;الحياةraquo; إن laquo;وجوه المعارضة ليست معروفة سوى ضمن مجموعة قليلة من وسائل الإعلام، كما لا تُعرف مصادر تمويلها، ويبدو أن الأسلحة تأتيها من مستودعات القوات المنشقة، ويُجري الوفد اتصالات مع مختلف دول المجموعة لكن وقت الاعتراف بالمجلس الوطني لم يحن بعدraquo;.
-فمن الواضح أن التحركات الغربية الجدية مرهونة بموقف المعارضة, ومدى توافقها, أو تأمينها للمصالح الغربية, لتستحق الدعم, والاعتراف الرسمي.
ومن الناحية الميدانية لا بد من تدخل يحسم النزاع الذي يذهب بحياة الضحايا, ويشرد الآلاف, ويشل الحياة في ليبيا, ويهددها بنزاعات داخلية قد تطول.
ولا يصح النظر إلى المسألة من زاوية ميزان القوة، لمن يترجح؟ ومن القادر على الحسم؟ لأن نظام القذافي فقد شرعيته, وعقارب الساعة لا ترجع إلى الوراء, وقد أجمع العالم, على ذلك، أو كاد, وعربيا اتخذ دول مجلس التعاون الخليجي قرارا بأن لا شرعية للقذافي, وعلقت الجامعة العربية عضوية السلطة التي يتزعمها القذافي, ولن توافق على حضور وفد عنها, فيما لو أرادت, اجتماعات الجامعة.
والصحيح هو تصدي الجامعة العربية لهذه المهمة، لا أن تشارك مشاركة رمزية، ولو فعلية. فتعقيدات الأزمة في أغلبها ناجم عن تداعيات التدخل الأجنبي, ورفض المعارضة, أو قوى مؤثرة فيها لهذا النوع من التدخل.
وفي الجامعة العربية آليات تتيح لها مثل هذا التدخل العسكري, استنادا إلى ميثاق الجامعة، ويمكن أن تتخذ مثل هذه القرارات بالأغلبية, وتلزم الدول الموافقة عليها.
ومن ناحية توفر القدرة فلا مخاوف جدية من مواجهة عسكرية معيقة من قوات القذافي فالطائرات التي ما تزال تحت سيطرته قديمة جدا, وأنظمتها كذلك, بحسب الخبراء، إذا ما قورنت بالطائرات والخبرات العربية المتوفرة في مصر, ودول الخليج, مثلا.
ولن تُجابَه هذه التدخلات العربية بمثل ما قد تجابه به التدخلات الغربية, وهو الأمر الذي قد يستخدمه القذافي، لصالحه، ويظهر به, بطلا يواجه الاستعمار الذي يريد السيطرة على النفط والمقدرات الليبية.
والواضح أن سلطة القذافي قد سقطت، بعد العزلة الدولية, والعربية, والإقليمية, وبعد التضييق الميداني الذي سينتجه الحظر الجوي، وأن أوراقه تتساقط, والدول الغربية، وحتى اللصيقة به, من مثل إيطاليا، لن تتمسك بورقة خاسرة.
[email protected].